تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تأثيـــــر تغيّــــرالمكـــــان المســــــــتمر علـــــى سلوكيـــــات الأبنـــــاء

مجتمع
الأربعاء 6-1-2010
صبا أحمد يوسف

تضطر العائلة لضرورات مختلفة أن تنتقل اقامتها من منزل لآخر أو من مدينة لأخرى وبالتالي لابد من تغيير المدرسة، الأولاد لايرغبون هنا بهذا الانتقال بل يقومون به مضطرين أومجبرين بسبب ظروف الكبار

مثل انتقال عمل الأب أولأن المنزل صغير أومن منزل مستأجر لآخر ملك لهم وقد يترافق التغيير أو يعجل بهذا الانتقال المرض أوالطلاق أوالموت أحياناً ... مايعني أن الأطفال يواجهون شدة نفسية ناجمة عن الحدثين معاً أولاً : لافتقاد الأصدقاء وشعور الألفة للبيت و الحي وغرفة النوم ممايجعلهم يعانون من تطوير علاقات جديدة مع الجوار في مجتمعهم يختلف عما ألفوه، وهذا يعرضهم لمشاكل ناجمة عن اختلاف القيم والمقاييس في مجتمعهم الجديد وللوقوف على هذه المشكلة وكيفية حلها .‏

التقينا د.منى كشك في كلية التربية جامعة دمشق للبحث في هذه القضية الهامة التي يغفل ربما عنها أغلبية أفراد المجتمع حيث ينتقلون باستمرار .‏

تغييرالسكن وانفعالات الطفل‏

إن تغيير السكن له مخلفات انفعالية بليغة في نفس الطفل بسبب ما يترتب عنه من تغيير في المكان والأشخاص وتبدل في العادات والمعاملات فبعد أن يألف زملاءه وتتوثق صلاته بأصدقاء في بيئته الأصلية، وإذ به يفقد كل تلك الروابط والصلات دفعة واحدة ومعها يضيع الثبات والأمان المتصلان بالبيئة الثابتة والمستقرة. الطفل أو الأولاد بشكل عام يتعلقون بالجد والجدة وأبناء العم والتعلق إن زاد عن حده دل على خوف واضطراب، فكيف إن انقطعت العلاقة بالكلية ؟ ففراق الأحبة يخلف شجنا في النفس ولوعة لايقوى عليها الكبار فكيف بالصغار وما أشق عملية الفراق هذه على طفل في السادسة من عمره مثلاً .‏

العوامل المساعدة على التلاؤم‏

من المعلوم أن القدرة على التلاؤم عند الطفل رهينة بعوامل شتى مثل نمط الشخصية ونوع العلاقة السائدة بينه وبين ذويه، فضلاً عن دلالة الانتقال ومغزاه بالنسبة للأسرة برمتها فالطفل إن كان على صلة سليمة بالوالدين من حيث الإشباع العاطفي والتعامل المتزن والتواصل القائم على الإنصات وبناء الثقة في النفس ومراعاة حاجياته الوجدانية والفكرية والاجتماعية نشأ نشأة سليمة يقوى بها على مواجهة الشدائد والملمات من مثل ماصادف الطفل.‏

الانعكاس على السلوك‏

تؤكد د. منى أن طبيعة وشخصية الطفل لها دور في الانعكاس الحاصل من جراء التغيير، فإذا كان الطفل انطوائياً ويظهر ذلك في صعوبة توافقه المدرسي والاجتماعي ورفضه الخروج من البيت وميله للانعزال ولا يكون سلوكه هذا بكامله ناتج عن تغيير المدينة لأخرى ولكن من شأن هذا الحدث أن يفاقم من وجود بوادر سابقة للانطواء والعزلة في سلوكه والطفل الوحيد معرض أكثر من غيره لسوء التوافق الاجتماعي وصعوبة التواصل مع الغير فهو قد يشعر بالعزلة ويفتقر إلى فرص التواصل التي يتمتع بها من يعيش في أسرة كبيرة العدد، لذا علينا أن نفهم مبلغ التأثر الحاصل في نفسية الطفل أو الأولاد ومن علامات ذلك النكوص المتمثل في التبول اللا إرادي بعد أن كان قد انقطع عنه بالإضافة للارتباك والشرود أثناء الدرس .‏

الاهتمام والرعاية في التكيف‏

هنا يأتي دور الأهل الأب والأم لأن المعاناة التي نجدها عند الطفل في مثل هذه الأحوال الحرجة إنما تنتقل إليه من الوالدين في الغالب سواء شعرا بذلك أم لم يشعرا ومن ثم فإن الانتباه لهذا الجانب وتوفير الجو المناسب وتوثيق الصلة بالطفل على أساس من الاهتمام والرعاية والتواصل انفعال وتشجيعه على الانفتاح على زملاء وأصدقاء جدد كلها عوامل كفيلة بأن تمده بزاد من الأمان وتعيد إليه قسطاً من السكينة المفتقدة فإن لم يستعد الابن أو الأولاد بشكل عام الطمأنينة والأمان بعد أن يبذل الأهل مابوسعهم وجب الاستعانة بمعالج نفسي لمساعدة الطفل لوقايته من الأضرار النفسية والدراسية والاجتماعية .‏

تغيير السكن يزيد المخاطر‏

والجدير ذكره أن دراسة دانماركية حديثة وجدت أن الأطفال المراهقين الذين يتكرر انتقالهم من سكن أومكان اقامة إلى آخر تزداد لديهم مخاطر الانتحار خاصة لدى الفئة العمرية مابين 11 و17 عاماً .‏

وبغض النظر عن دوافع الانتقال فهذه الخبرات خلال الطفولة قد تسبب صدمة أوكرباً نفسياً ، ولذلك فربما تؤثر في سلامة الطفل بدنياً وعقلياً واجتماعياً وعاطفياً يواجه بعض الأطفال صعوبات تكيف مع التغيير وقد يعبرون عن كربهم بالانتحار .‏

أجرى الدراسة باحثون في جامعة آرهوس بالدانمارك ونشرت حصيلتها بدورية أرشيف الطب النفسي العام .‏

استخدم الباحثون بيانات السجلات الوطنية الدانماركية لفرز الأطفال المولودين بين عام 1987و1995م ومن بين هؤلاء وجد الباحثون أن 4160 طفلاً بين 11و17 عاماً قد حاولوا الانتحار وفقاً لسجلات المستشفيات و79طفلاً انتحروا فعلاً .‏

واختار الباحثون 30 طفلاً آخر من نفس العمر والجنس مقابل كل طفل انتحر أو حاول الانتحار ولدى مقارنة الأطفال المحاولين بمجموعة الضبط والمقارنة كان الأولون أكثر تعرضاً لتكرار تغيير السكن أو محل الإقامة .‏

إن افتراق الطفل عن الأقران وانقطاعه عن الأنشطة الجماعية والكرب والقلق من البيئة الجديدة كلها أحداث مهمة محتملة لمعاناة الأطفال من الكروب النفسية وإن التعرض المتكرر لها يمس بسلامتهم و صحتهم النفسية ، وبالتالي يزيد عزمهم على انهاء حياتهم إذا عجزوا عن التكيف .‏

ورغم عدم قدرة الباحثين على تحديد ما إذا كان تغيير السكن عاملاً مسبباً ( مباشراً) لمخاطر الانتحار أومجرد متغير وسيط لعوامل مخاطر أخرى فإن نتائج الدراسة تشير لأهمية الاستقرار بالنسبة لسلامة وصحة الأطفال النفسية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية