تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الفنانــــون فـــي ميــــدان العمـــل الإنسانـــي والتطوعـــي

فنون
الأربعاء 6-1-2010
فؤاد مسعد

تساؤلات عديدة قد تجوب ذهن الفنان والمبدع عندما يريد أن يكون له دوره الفاعل في القضايا الإنسانية ضمن مجتمعه ، فماذا عساه أن يُقدم وهو سلاحه الإبداع والفكر والجمال ؟

وأي عطاء يمكن أن يكون له أثره المرجو في مواجهة جبروت المرض أو الموت أو اليتم ؟.. مما لا شك فيه أن محاولة إعادة ابتسامة لثغر طفل أو زرع الأمل في نفسه أو كفكفة الدموع عن الحزانى أفضل ألف مرة من لعن الظلام ، خاصة أن للفنانين موقعهم المُحبب في نفوس الناس ، وبالتالي هناك الكثير من الأدوار التي يمكن أن تُناط بهم ، ولعل جزءاً منهم وجد طريقه إلى مد يد العون لمن يحتاج وفق ما يملك من إمكانيات ومعرفة ، ولكن هناك الكثير من العمل ، خاصة أن مفهوم تأدية الفنان لدوره الإنساني بات مفهوماً هاماً على أكثر من صعيد ، لا بل المنظمات العالمية عرفت أهمية دوره وجعلته سفيراً يتحدث باسمها في قضايا إنسانية هامة تؤرق الكثير من الناس كما هو الحال في الأمم المتحدة وسفرائها من فنانين حول الأرض من أجل السكان والتنمية و المهجرين .. وإن عدنا قليلاً إلى الوراء نستذكر ما كان يقوم به الفنان السوري في الحروب وفي أوقات الأزمات من زيارات إلى الجبهة وللمستشفيات ، وبالتالي أليس بالحري إعادة هذا الدور إلى الواجهة خاصة أنهم يملكون التأثير القوي في المجتمع ؟ أليست مشاركتهم لأوجاع المرضى أمراً قد لا يقل أهمية عن دور الأطباء في بعض الأحيان ؟..‏

مناسبة هذا الكلام الخطوة التي أقيمت مؤخراً في جمعية (بسمة) التي تُعنى بدعم الأطفال المصابين بالسرطان وهي إعلان شراكة بينها وبين عدد من الفنانين ليكونوا أعضاء فخريين فيها وليأخذوا دورهم الحقيقي في دعم قضية سرطان الأطفال من خلال التوعية ونشر ثقافة التطوع والتعريف بأن هناك أطفالا في مجتمعنا يعانون من أمراض وأوجاع علينا أن نتكاتف ونقف إلى جانبهم لأنهم إخوتنا وأبناؤنا في الوطن والإنسانية .. أثناء المؤتمر الصحفي الذي أقيم للإعلان عن الشراكة كانت لنا عدة وقفات مع فنانين انضموا لهذه الشراكة تحدثوا عن دور الفنان في العمل الإنساني وإلى أي مدى يمكن أن يتحول هذا الأمر إلى طقس وتقليد يُعاش بشكل يومي .‏

العمل التطوعي‏

يؤكد الفنان جمال سليمان على الدور الكبير للفنان في المنحى الإنساني ، يقول : أشعر بالسعادة أن هذه الثقافة يتم تعزيزها في المجتمع الفني السوري فمن الجميل أن ترى جمعيات خيرية مثل جمعية (بسمة) تحذو حذو منظمات الأمم المتحدة التي كانت أول من اعتمد على الفنان السوري في مسألة العمل التطوعي ، وأرى أن الفنان يمكنه لعب دور كبير خاصة فيما يتعلق بالمسألة الترويجية، فعندما تقدم على عمل خيري وتطوعي تحتاج إلى كم هائل من الترويج حتى تستطيع الحصول على أكبر قدر ممكن من الدعم في المجتمع الذي تعيش فيه .‏

الفنان وسيلة تواصل‏

أما المخرج الليث حجو فيقول : (الفنان شأنه شأن أي إنسان آخر في المجتمع ولكن يمكن يتميز بأن صوته قد يصل بشكل أقوى مما يساهم في تحقيق نتائج أسرع ، فالفنان وسيلة تواصل بين الجمعية والمجتمع لتحقيق سرعة انتشار واهتمام أكبر ونتائج أفضل) . وحول كيفية بزوغ فكرة إقامة شراكة بين جمعية بسمة والفنانين قال : (لقد أعجبت بنشاطهم وحماسهم فكان الاقتراح أن نفعّل دور الفنانين بشكل أكبر للاستفادة من صوتهم الأقوى فحاولنا أن نُحدث هذا التواصل وكان تجاوب الفنانين سريعاً ومُفرحاً و يدعو للفخر) . وعما إن كان الفنان بحاجة لمن يدعوه للانخراط في العمل الإنساني وتقديم يد العون ، أجاب : (هناك مجموعة كبيرة من الفنانين هم مبادرون وسباقيون وما يقومون به لا يصل دائماً للإعلام ولكن أحياناً بسبب عدم معرفتهم أو عدم تواصلهم مع الجمعيات قد تفوتهم فرص العمل معها وأعرف الكثير من الأسماء الفنية لها مواقف نبيلة جداً في هذا المضمار ولكن ليس دائماً يحبذ استثمارها إعلامياً) .‏

هاجس وطني‏

كثيراً ما تطلب من فنان أن يكون له دوره الإنساني في المجتمع فيتساءل .. ماذا يمكنني أن أقدم ؟.. سؤال رسم الفنان نضال سيجري ابتسامة على ثغرة قبل الإجابة عليه ، ثم قال : الفنان جزء لا يتجزأ من المجتمع وهو هاجسه وعندما يقدم على هذا الدور يفعل ذلك لأنه يعنيه بشكل حقيقي ، فجمعية بسمة هي لدعم طفل السرطان ولكن سبق أن التقينا عند الطفل السكري والطفل المعاق ذهنياً وجسدياً واللقطاء والأيتام .. إنهم يعنون لنا كثيراً ولا تستطيع القول إنك لست منتبهاً لوجودهم ، فهذا المواطن السوري الصغير هو هاجس ومشروع وطني ، وعندما تلتقي به هو جزء من روحك ليس لأنك فنان وإنما لأنك مواطن سوري .‏

وحول التأثير الذي يمكن أن يترك الفنان عند هؤلاء المرضى .. يقول : أرى المسألة بشكل مُعاكس العكس ، فالأطفال المصابون بالسرطان أو المعاقون رغم معاناتهم يريدون أن يرسموا ويغنوا ويقفوا على خشبة المسرح .. فهم يملكون من قوة نحن نفتقدها . إن مريض السرطان يكون (مريضاً بصمت) يبتسم وإن لم يقل من حوله أنه مريض لا يحكي ، فهؤلاء لديهم شحنة إيجابية وحب لمن حولهم وبالتالي أنت تستمد منهم هذه الشحنة .‏

وعن تقصير الأعمال الدرامية من إلقاء الضوء على هذا الجانب من حياتنا ، يقول : هناك تقصير كبير ونحن بحاجة لتركيبة نص مناسب يحمل بين طياته هذا الوجع والهم والهاجس ، ولكن بالمقابل إن أتيت بنص ليس صادقاً (خُلبياً) سيُحدث منعكسات سلبية . وبالتالي إننا بحاجة لنص حقيقي يرى الموضوع من أكثر من جانب ، يرى ألمها , أسبابها فرحها مشكلاتها وكيفية البحث عن الحلول .‏

المهمة النبيلة‏

الفنان قصي خولي يقول : الفنان يخاطب المشاعر الإنسانية عند المتلقي وبالتالي دوره في هذا المنحى ومع هذه الجمعيات هو دور مهم فإن استطعنا أن نكون حلقة وصل ما بين الناس والمرضى فتكون مهمتنا نبيلة ، خاصة أنك تجد من لديه مشاعر متضاربة تجاه هؤلاء الأطفال ، فهناك من يقول (أرجوكم لا أريد رؤيتهم لأنهم يوجعون لي قلبي) وهناك من يتعاطف مع هذا الطفل بشكل قد يؤذيه أكثر ما يقدم له الفائدة وكلتا الحالتين خطأ ، فعلينا التعامل مع هذا الطفل على أنه مريض يتلقى العلاج ولديه القدرة على الشفاء بنسبة كبيرة ، وبالتالي نحن كفنانين مُسلط علينا الضوء نكون وسيلة لنُسمع من لم يسمع عنهم من قبل ، وأتمنى أن يحدث نوع من الوعي أكبر تجاه تقديم المساعدة لهؤلاء الأشخاص .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية