تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لن يكون النصر حليفنا في الحرب على إيران!!

هآرتس
ترجمة
الأربعاء 4-4-2012
ترجمة: ليندا سكوتي

يطلب منا البعض الإحجام أو التحسب لجهة التحدث عما قد تؤول إليه الأوضاع إن أخفقنا في حرب نخوضها على إيران. لكن الواقع يلح علينا ويدق جرس الإنذار لإيقاظ الحالمين وإعلامهم بأن الإخفاق في تدمير المنشآت النووية الإيرانية لن يقود إلا إلى تداعيات خطيرة تنال من سمعة قوة الردع الإسرائيلي

وسيكتشف الجميع بأن إسرائيل ليست في واقعها إلا نمرا من ورق، وحينها لن يتردد الإيرانيون عن صب جام غضبهم والانتقام منها شرّ انتقام.‏

لكن مع ذلك دعونا نفرط في أحلامنا ونتصور بأن كل الأمور ستسير وفقاً لأهوائنا. وإن طائراتنا سترمي بقذائفها على سائر المفاعلات والمنشآت النووية وستسويها بالأرض. فهل في حينها سيزول الخوف المتأصل في أعماقنا من حيث التحسب والخشية من إطلاق قذائف على طائراتنا ووقوعنا في معضلة تحاكي ماحدث مع رون أراد، ذلك الطيار الذي اختفى في لبنان منذ عام 1986 ولم يعرف مصيره. بيد أننا لن نعطي المزيد من الاهتمام لهذا الأمر لأننا سنغرق في نشوة النصر باعتبارنا حققنا نجاحاً تاريخياً يستحق الثمن الذي ندفعه.‏

إن أغلب المؤيدين المتفائلين من نتائج الهجوم الذين أخذت أعدادهم بالتزايد على نحو مطرد، لديهم الثقة بأن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي، بل إنها ستجابه إسرائيل برد عنيف وشرس تستخدم به القذائف وتجعلها تهطل عليها من الشرق والشمال وربما من الجنوب أيضا، وستكون تل أبيب الهدف الرئيس فيها، الأمر الذي سيشل الحركة في سائر أنحاء البلاد وربما يستمر هذا الواقع لزمن قد يطول أمده.‏

في هذا السياق، اعتقد وزير الدفاع إيهود باراك بأن عدد القتلى لن يتجاوز في هذه الحالة 500 قتيل وربما يكون أخطأ التقدير في هذا العدد، لكن مع ذلك فإن هذا العدد يعتبر كبيراً لأنه يحدث في وقت قصير، ولن يقتصر الأمر عليه فحسب إذ يتعين على إسرائيل أن تأخذ باعتبارها بأن سفك الدماء والقتل والانهيار الاقتصادي ستترافق مع بعضها الأمر الذي سيصيب إسرائيل بالوهن وسيتوقف السياح عن التوافد إليها وسيكون المزاج العام في حالة من القنوط واليأس والخشية والتحسب.‏

إن كل ما ذكر ليس في واقعه إلا غيضاً من فيض مما يمكن أن يحصل، فالشعب الإيراني ذلك الشعب الذي مازال يعيش في أمجاد الماضي ويختزنها في ذاكرته لن يسامح أو ينسى أو يقبل بالنصر الإسرائيلي عليه بل سيتعامل معه على غرار ماتعامل مع سليمان رشدي مؤلف كتاب «الآيات الشيطانية» الذي غضب منه الشعب الإيراني وجعله يعيش في حالة من الخوف والرعب على مدى 25 سنة، أما فتاوى عمليات الإرهاب فإنها ستنتشر ضد إسرائيل بشكل أكبر وأكثر إصرارا لدرجة أن العبرية لن تجد من ينطق بها أبعد من مطار بن غوريون الدولي ذلك لأن الانتقام الإيراني سيبقى ماثلا في أذهاننا جميعا في كل مكان نتوجه إليه.‏

إننا لو هزمنا إيران جراء قصفها بقنابلنا فلا ريب بأنها ستكون تواقة للانتقام وسيأخذ انتقامها أشكالاً متنوعة، منها أن نرى الصواريخ تنهمر مدرارا على إسرائيل ثم سنشهد، لسنوات طويلة، الكثير من العمليات الإرهابية التي ستنفذ ضدها في شتى أصقاع العالم. ذلك ما يحدث إن استطاعت إسرائيل تحقيق نصر مؤزرٍ عليها فضلا عما سنشهده من ارتفاع مضطرد للأسعار العالمية للنفط. أما بالنسبة للبيت الأبيض فإن النجاح السريع، إن تحقق لإسرائيل، فإنه سيجلب رئيساً ديمقراطياً يعيش حالة من التحسب والخوف أو رئيساً جمهورياً متطرفاً جاهلاً، وفي كلتا الحالتين سينعكس ذلك سلباً على إسرائيل ناهيكم عما يثيره هذا التصرف من غضب وامتعاض في أوروبا وردود للأفعال بالنسبة لكل من الصين وروسيا.‏

لا ريب في أن إيران لن تتراجع البتة عن تطوير برنامجها النووي مرة أخرى بل ستلجأ بأقصى سرعة لإعادة تنفيذه مجدداً. ووفقاً لما يعتقده أشد المؤيدين للهجوم فإن إعادة بناء تلك القوة يتطلب عامين على الأقل لكن إيران لن تبقى مكتوفة الأيدي خلال تلك المدة بل إنها ستعمد اللجوء إلى وسائل للدفاع عن أراضيها بشكل أكبر مما هو عليه في الوقت الحاضر، وسنشهد الشعب الإيراني يتحد ويلتف حول قيادته وستزداد كراهية إسرائيل في صفوفه أكثر مما عليه اليوم.‏

لا شك في أن تلك السنتين ستكونان قاسيتين على إسرائيل، حيث ستبقى في حالة من الترقب لما قد يحصل. ونتساءل إن كان ثمة قصف آخر سنقوم به؟ وهل هناك من نجاح آخر ستصبو إليه؟ وفي هذا السياق كتب الشاعر أهارون شبتاي مقالة في النسخة العبرية لصحيفة هآرتس بتاريخ 16 آذار قال بها: «سيدمر الكثير مما بنيناه، وسيبكي كثيرون، أما القادة فسيلتزمون الصمت» وأشار شبتاي إلى احتمال الفشل، مؤكدا أن النصر حتى لو تحقق فإن البقاء السياسي لن يكتب لرئيس مجلس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك.‏

أكد لنا الواقع إخفاق رؤساء الوزارات ووزراء الدفاع في معالجة المعضلات الناجمة عن الحروب ذلك ما حدث عقب كل من حرب يوم الغفران وحرب لبنان الأولى، وإن الشعب لن ينسى ما ألم به من أضرار جراء ما تحقق من هاتين الحربين. حتى لو كان ثملا في البداية نتيجة ما تحقق من نجاحات.‏

ربما يخف غلواء ما يكتنفنا من مرض جنون العظمة الذي تجذر في أعماقنا جراء حرب الأيام الستة وذلك عندما يتفهم الإسرائيليون بأن النجاح العسكري يمكن ان ينتهي بالدموع التي قد تستمر لأجيال وأجيال. لذلك علينا أن نتعلم من الدروس التي تلقيناها من حروبنا الماضية التي كنا نهدف منها تحقيق السيطرة الإقليمية وعلينا أن نعلم بأن الطريق إلى تحسين سمعة إسرائيل وتقوية موقفها في المنطقة لن يكون عبر القنابل والصواريخ، بل كما قال شبتاي في ختام مقالته «علينا أن نعود إلى إنسانيتنا ونعالج ما يعترضنا من معضلات ومشكلات بأقلام الرصاص فحسب».‏

 بقلم: جدعون ليفي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية