بعض الإعلاميين العرب اعتمد على مصطلحات أجنبية سواء بالاعتماد على ثقافة شاملة تتخللها إجادة للغة أجنبية واحدة على الأقل ما يؤدي إلى أن تؤثر به هذه اللغة فيلجأ إلى مفرداتها وتعابيرها وصورها كي تسعفه أثناء تقديمه لمادته الإعلامية .
البعض الآخر من الإعلاميين العرب اعتمد على تعابير ذات منشأ أدبي ولغوي كلاسيكي بحيث يغدو كلامه مزيجاً بين لغة العصر ولغات العصور الغابرة، الأمر الذي يضفي الجزالة والقوة على عباراته، وبالتالي المقدرة على إقناع الجمهور بطروحاته وأفكاره .
قسم ثالث من الإعلاميين العرب يعتمد على عبارات وجمل يقوم هو باختراعها وتسويقها بين الحين والآخر بحيث تغدو مع الزمن ملتصقة بشخصيته الإعلامية إلى درجة أنها قد تأخذ من الشهرة أكثر مما يأخذ صاحبها .
ولكن في الحالات الثلاث سابقة الذكر وفي كل الحالات الأخرى تعكس العبارات والكلمات التي يكررها الإعلاميون مدى النضج الإعلامي والمهني والأخلاقي الذي بلغه هؤلاء .
الإعلامي الشهير فيصل قاسم لم يشذّ بدوره عن هذه القاعدة، ومن يتابع برنامجه «الاتجاه المعاكس» الذي تبثه فضائية «الجزيرة» يلاحظ أن اعتماده الأكبر في صياغة أسئلته ومداخلاته وتعقيباته يعتمد على كلمة واحدة اصطفاها مع مشتقاتها مفضِّلاً إياها عن كل ما ورد في قواميس اللغة العربية وغير العربية من جمل ومفردات وصور وتعابير، وهي كلمة تعبّر خير تعبير عن مدى رفعة وعلوّ أسلوب تفكيره ونظرته إلى ما يدور حوله.. وإذا سمح لنا الذوق العام بذلك فلنا أن نذكر في هذا السياق هذه الكلمة-المفتاح لكل حلقة من حلقات برنامجه والتي يكاد يستخدمها استخدام الإنسان لحواسه الخمس مئات المرات في اليوم الشتوي القصير، وأما الكلمة فهي كلمة «صرماية» (مع المعذرة من القراء) هذه الكلمة السحرية التي إن دلّت على شيء فإنما تدلّ على ما يدور في ذهن الرجل من أفكار سامية تتناسب تماماً مع رقي ورفعة القناة التي تحتضنه لا لسواد عينيه ولكن لمقدار الكره والحقد الذي يشعر به تجاه بلده سورية وتجاه كل مواطن سوري بحيث يصرّ الرجل على أن يكون مكروهاً من قبل كل فرد من أفراد الشعب السوري بكل فئاته ومناطقه، فهو لم يوفرّ جهداً خلال العام الأخير في كيل الشتائم وتوجيه الإهانات لجميع السوريين دون استثناء، فأصاب الجميع من “صراميه” ما أصابهم، وهم بدورهم ردّوا ويردّون عليه (هداياه) بأفضل منها، إلى درجة أصبح لكل مواطن سوري في فكر ورأس فيصل قاسم (موطئ قدم) .
jaun@scs-net.org