تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


«أوديت تولوموند».. وفلسفة المحاكاة الإنسانية

كتب
الأربعاء 4-4-2012
هفاف ميهوب

كانت مواظبة وبدقة وشغف، على قراءة كل كتاب من كتبه.. كلها.. وأحبتها كلها، وكانت تشعر بفخر كبير لاكتشافها أنها تعرف الكاتب وأعماله معرفة تفوق معرفة الجميع.

أيضاً، ورغم ضحالة ذكائها وعملها كبائعة في النهار وحياكة ريش في الليل، إلا أن ما ميزها، تفوقها على كل النساء البورجوازيات، كمعجبة به.‏

إنها «أوديت تولوموند» بطلة أهم قصة من القصص الثمانية التي كتبها الأديب الفرنسي «إيريك إيمانويل شميت» بل والمتميزة لديه حد قيامه بوضع اسمها كعنوان لمختاراته القصصية.‏

القصص الأخرى، تميزت جميعها بنبرة فلسفية، إنسانية، وبمفردات تجعل كل من يقرأها يشعر أن هدفها، محاكاة خفايا الطبيعة والحياة وبما دل عليه الكاتب بعناوين منها: «إنه يوم ماطر جميل» و«كل ما يلزم لتكوني سعيدة» و«الأميرة الحافية القدمين» وأيضاً، «أجمل كتاب في العالم».‏

أما «أوديت تولوموند» فهي قصة مختلفة، قصة تلك المرأة التي تعرفت صدفة على كاتب مشهور قلب حياتها التي كانت متواضعة واعتيادية، ومن خلال مثابرتها على قراءة أعماله التي منحتها سعادة لا بأس بها، بل التي علمتها كيف بإمكان الإنسان التأقلم مع وجوده والأجواء المحيطة به.‏

كتب «شميت» قصصه في ساعات الفراغ النادرة التي كانت تتاح له أثناء تصوير أحد الأفلام، حيث كان يعزل نفسه عن فريق العمل ومن ثم يبدأ بكتابة كل القصص القصيرة لتي كانت تعتمل في ذهنه منذ زمن بعيد.‏

هذا ما اعترف به مؤكداً بأنه كان يشعر بمتعة هذه الكتابة السرية، وأيضاً بمتعة قيامه بسكب سواد القلم على الصفحات، معتبراً أن في ذلك طعم الملذات المشبوهة، يقول:‏

«عادة، تتيح القصص القصيرة فرصاً لصناعة الأفلام، هنا حدث عكس ذلك، لم يسمح لي فيلمي فقط بتأليف تلك القصص، بل إنه عندما انتهى، قررت أن أجعل من السيناريو الأصلي قصة قصيرة.‏

كان عنوان الفيلم «أوديت تولوموند»، وكذلك عنوان القصة القصيرة، إلا أن المهتم بالسينما والأدب، والذي سيطلع على الشكلين، أول ما سيلاحظه هو الفروق، لشدة ما توخيت رواية نفس القصة بلغتين، مستعملاً وسائل متباينة، الكلمات هنا والصورة المتحركة على الشاشة».‏

ولد «إيريك شميت» سنة 1960 في بلدة سانت فوراليليون بفرنسا، ودرس في المعهد العالي للمعلمين وتخرج منه حاملاً شهادة التبريز في الفلسفة وحصل بعدها على شهادة الدكتوراه.‏

في فترة التسعينيات لاقت مسرحياته نجاحاً منقطع النظير وخاصة «الزائر» التي حازت على ثلاث جوائز، وهو ما دفعه لترك منصبه كأستاذ في الجامعة ولتكريس نفسه للكتابة.‏

يعد من أكثر الكتاب الفرنسيين المعاصرين، رواجاً في العالم وقد ترجمت أعماله إلى أربعين لغة ومثلت في أكثر من خمسين بلداً ليحصد بعدها حوالي أربعة عشرة جائزة أهمها، جائزة الأكاديمية الفرنسية للمسرح وآخرها جائزة غونكور للقصة القصيرة عن كتابه «كونشيرتو في ذكرى ملاك».‏

الكتاب: أوديت تولوموند وقصص أخرى. - تأليف: إيريك إيمانويل شميت. - ترجمة: ثناء حسين عباس. - دمشق: الهيئة العامة السورية للكتاب - 2011.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية