تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الفنان الشامل .. صــدّق نفســـه.. فهـــل صدقنـــاه؟

فنون
الأربعاء 4-4-2012
سلوان حاتم

بعض الأحيان يطلق أحد المذيعين أو الصحفيين عبارة قد لا يعلم معناها ومداها على أحد الفنانين مثل (صوتك حلو ليش ما بتغني؟) أو لمطربة (أبهرتينا في التمثيل خلال الكليب),

ويظن انه اكتشف اكتشافاً عظيماً او اخترع شيئا ما ثم بعد حين وبسبب تكرار هكذا (مجاملات) قد يظن المطرب أو الممثل أو حتى الإعلامي أنه فنان شامل وأن دخوله المجال الموازي لمجاله قد يحقق له مكاسب مادية ونفسية وجماهيرية, وربما يكون الفنان ذاته من طلب من هذا المذيع أو الصحفي أن يقول هذا لتتحول الفكرة بعد فترة إلى موقع التنفيذ، وهنا يصبح الفنان أمام الحَكم الذي هو الجمهور وهنا لا مجال إلا ليرى حقيقة ما جنت يداه، فإما أن يُعجب المتابعين أو يستفيق من حلمه فيعود إلى الواقع متذرعاً بحجة أن الجمهور طلب منه ذلك وهو حاول إرضاءه .‏

كثيرون أطلقوا في الفن نظريات لكن البعض نأى بنفسه عن هذه النظريات وظن نفسه مدرسة بحد ذاتها، ناسياً أن نجاح البعض ليس مقياساً على الجميع وأن (حمل مجموعة بطيخات) يحتاج إلى عدة أياد وأن تحافظ على نجاحك أفضل من أن تلهث وراء هدف بعيد وخاصة إذا لم تتوافر فيك الشروط جميعها.‏

منذ فترة وخلال أحد البرامج قالت نادين الراسي (ممثلة لبنانية) الحاصلة على لقب (ديو المشاهير الجزء الأول) إنها لن تقوم بالغناء حاليا إذا لم يتطلب أحد الأدوار ذلك، وعزت ذلك إلى أنها بدأت المشوار بجدارة وهي مقتنعة بما حققته في التمثيل بل تسعى لتطوير أدائها التمثيلي رغم أنها من عائلة فنية وشقيقها المطرب المعروف جورج الراسي، فليت جميع الفنانين يملكون هذه القناعة ويكتفون بما حققوه من نجاح في مجال فنهم وهذا لا يعني أن من يمتلك المقومات الحقيقية للنجاح أن يجلس بعيدا مكتفياً بما حققه بل عليه دراسة الفكرة بكل جدية ومصداقية مع نفسه تاركاً كل المغريات التي تقدم له.‏

لا يستطيع أحد إنكار نجاح البعض في المجال الآخر، فهناك كثيرون استطاعوا الخوض في مجال آخر ونجحوا به نوعاً ما لكنهم لم يفشلوا كما فشل البعض وأصرّ أنه ناجح ، وعلى سبيل المثال فنان الشعب رفيق سبيعي قدم عدة أغان ناجحة وكذلك فعل الكبير دريد لحام الذي جرب الغناء والكتابة وأيضا محمد الشيخ نجيب انتقل من الدبكة إلى التمثيل ثم الإخراج وأيضا حاتم علي في التمثيل والإخراج وغيرهم الكثير من الأمثلة الناجحة، لكن وجود حالات استثنائية لا يعني أن الجميع يستطيع ذلك فيستسهل النجاح من باب أنه فنان شامل لأنه حتى هذه الأمثلة التي ذكرناها فاقت شهرتها في مجال على حساب الآخر فلم يحترف سبيعي ولحام الغناء وتوجه الشيخ نجيب وحاتم علي إلى الإخراج على حساب التمثيل . وعربياً لاقى الفنانون العرب ذات الفكرة فالمخرج يوسف شاهين توجه للإخراج تاركا التمثيل لأنه وجد نفسه في الإخراج ولم يلق محمد عبده نفسه ممثلا فبقي يغني، وكذلك لم يشفع امتلاك سمير غانم والراحل يونس شلبي لصوت جميل أن يصبحا مطربين رغم أنهما لقيا النجاح فيما قدموه من أداء خلال التمثيل في المسرحيات .‏

اليوم بدأت مقولة الفنان الشامل تغري البعض ، ولم تعد الشمولية تقتصر على التمثيل والإخراج والكتابة والغناء بل أصبحنا نرى الفنان مخرجا وممثلا وكاتبا ومغنيا وملحنا وشاعرا ومقدم برامج وناقدا وسياسيا ومحللا ومعلقا رياضيا وعارض أزياء حتى بتنا نخاف من كثرة مشاهدتهم في شتى المجالات أن يغزوا أحلامنا أو يأخذوا أماكن عملنا, فرحم الله امرأً عرف حده فوقف عنده وكفّ عن تصديق نفسه، لأننا ما صدقناه وليت الرسالة وصلت لمن كنا نقصدهم.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية