ولكن أهمية هذا الابتكار تتجاوز الحاجة المباشرة إليه وخصوصاً في الأعمال المكتبية التي تستدعي جمع بعض الأوراق إلى بعضها لوجود صلة بينها. إذ ارتقى هذا الابتكار إلى مصاف الرموز القومية في موطنه الأول:
النرويج. والواقع أن مشبك الورق هذا لم يظهر دفعة واحدة, بل نتيجة تطور بطيء يعقِّد عزو نسبه إلى مبتكر معين. ففي العام 1896م, سجَّل شخص يدعى ماتيو سكولي ابتكاره لمشبك ورق يشبه إلى حد ما المشبك المعروف اليوم, ويتألف من دائرة معدنية واحدة ذات ساق. وحتى ماتيو هذا, لم يكن المبتكر الأول, لأنه أشار بنفسه إلى وجود مبتكرات مشابهة سعت إلى الغاية نفسها. وفي العام 1899م, سجّل النرويجي جون فاليير, الذي عرف بأنه كان مخترعاً منذ صغره, ابتكاره لمشبك الورق الذي يلتف على نفسه مرتين, والأدق من حيث المقاييس والوزن من ابتكار سكولي. ولأن النرويج كانت تفتقر آنذاك إلى قانون لتسجيل براءات الاختراع, سجَّل فاليير اختراعه في ألمانيا وأمريكا. ولكن النرويج لم تصنِّع ابتكار ابنها, بل تولت مصانع جيم الإنجليزية هذه المهمة. وأعطته بعد شيء من التعديل شكله النهائي الذي نعرفه اليوم. ولكن الآلة التي كانت تنتج هذه الملاقط في مصانع جيم, لم تكن إنجليزية، بل مستوردة من مصانع ميدل بروك الأمريكية. وحتى الخمسينيات من القرن العشرين, ظلَّت ملاقط الورق تصنع من سلك معدني. ولكن لمواجهة الصدأ الذي كان يظهر على هذا السلك, عمدت بعض المصانع (ومنها مصانع جيم) إلى تغليف السلك بالبلاستيك الملون, أو حتى إنتاجه كله من أسلاك من اللدائن المقواة. وعلى الرغم من أن ظهور هذا الابتكار وتصنيعه تطلب تعاوناً عالمياً, فإن النرويج أسبغت هويتها عليه, وتبنته واحداً من رموزها الوطنية. فخلال الاحتلال النازي لهذه المملكة الشمالية, علَّق المواطنون فيها ملاقط ورق على ياقات ملابسهم رمزاً لاعتزازهم بهويتهم القومية. وفي عام 1989م, أزيح الستار عن نصب قرب العاصمة أوسلو, يمثل أكبر مشبك ورق في العالم تقديراً لمبتكره فاليير. وقد صنع المشبك العملاق من الحديد, وبلغ ارتفاعه 7 أمتار ووزنه نحو 600 كيلوغرام.