لا يفكّرون إلا بما فيه مصلحة بلدهم ومستقبله ودحر الإرهابيين والروح أمانةٌ سيؤدونها إلى مالكها وهم مصممون أكثر من أي وقت مضى على المتابعة والتضحية، تسأل أحدهم: منذ متى لم ترَ أهلك؟ فتُفاجأ عندما يقول لك: أراهم كلّ يوم وأعيش معهم ولأجلهم، كل الشرفاء بهذا البلد أهلي وكما أدافع هنا عن أهل يجمعني الوطن بهم،فهناك في قريتي بريف اللاذقية شباب طيبون نذروا أنفسهم للوطن يدافعون عن أبي وأمي وأخوتي...
هذه هي الروح السورية، أعلى درجات القرابة بيننا كسوريين هي انتماؤنا للوطن، لقد فعلوا كل ما بوسعهم لتحويل هذا الوعي إلى عناوين جزئية لم تحضر يوماً في تفكيرنا، فصمتوا فترة وعادوا منذ بعض الوقت إلى سياستهم التضليلية التي انتهجوها في بداية الأزمة وعاودت أدواتهم الإعلامية ضخّ سموم الطائفية والمناطقية بل أن جاهر رئيس أكبر دولة في العالم علناً بمثل هذه الأمور ظنّاً من الإرهاب وداعميه أن الشعوب إن أصابها التعب تتخلى عن مبادئها وقيمها وتمزّق بيدها ثوب الوطن الذي أخاطته من شغاف القلوب!
يحاول الإرهابيون تحت ضغط سكاكينهم المجرمة أن ينتزعوا اعترافاً من جندي وقع أسيراً لجهلهم أنه «علويّ» فيجزّون عنقه لهذا السبب ويدّعون أنهم يقيمون عليه حدّ الردة وأنهم القائمون على دين الله والدين منهم براء، ويصورون ذلك بمقاطع فيديو يتلقفها الكثيرون عن شبكة الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي اعتقاداً منهم أنهم بذلك يستطيعون أن يلبسوا الحرب في سورية هذا الرداء الطائفي في محاولة يائسة جديدة متنكرين للوعي الكبير والمتزايد لشبابنا وأن كل هذه التفاصيل المغرضة قذف شبابنا المثقف والواعي والمؤمن إلى مزابل نبتَ فيها هذا الفكر التكفير والذي سيُدفن مع الآخذين به في نفس تلك المزابل... كل من يخالفهم سوء اعتقادهم كافر ومجرم، وهم القائمون بأمر الله وسيطهرون الأرض حسب زعمهم من رجسنا نحن الكفار فهل نسيَ هؤلاء الإرهابيون أن أولى القبلتين وثالث الحرمين يدنّسه الصهاينة والداعم الأساسي لكم وللصهاينة يدنّس في مكة والمدينة الحرمين الشريفين بادعائه خدمتهما!
لا نتعب أنفسنا بتكرار محاولة كشف كفرهم وتكفيرهم فالحقيقة واضحة وجلية ونور الشمس السورية يغسلها كل يوم باليقين، ولا نحاول أن نبرر ارتباطنا بالوطن لأن الوطن هو فضاؤنا وإيماننا والسقف الذي تتطاول تحته أحلامنا، ولا نعلّم شبابنا كيف يتمسكون بوطنهم وكيف يدافعون عنه لأنهم هم الذين علّمونا كيف تُجسَّد هذه القيم فعلاً لا قولاً، وهم الذين تسابقوا لتقديم صورة الشباب السوري بأبهى شكل ومضمون. وهم الذين تصدّوا لكل محاولات تغريبهم عن وطنهم ولا خوف على سورية بعهدتهم..
ثمة مختصر مفيد نكرره في حياتنا عن قناعة وعن تجربة: بلدنا لنا ولن يكون لغيرنا مهما عظمت الفاتورة أو غلا الثمن، ومن يعتقد أنه بإجرامه يستطيع أن يقتلعنا من جذورنا المتشبثة بعمق الوطن فهو واهم.