تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إحياء شاعر..

إضاءات
الثلاثاء 26-5-2015
سعد القاسم

هذا ما يفعله كتاب «كمال فوزي الشرابي» الصادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب، متناولاً جوا ثلاثاً في شخصية شاعر قدير لا تتناسب قلة شهرته، مع أهميته، ودوره في حركة التجديد الشعري،

وفي تنشيط الحوار الأدبي المعرفي بين الثقافتين العربية والغربية. الكتاب الذي قام بتأليفه الإعلامي والباحث الصديق غسان الكلاس، وبمراجعته الشاعر الدكتور جهاد بكفلوني، وقدم له الدكتور محمود الربداوي، حمل عنواناً فرعياً (شاعراً..مترجماً..باحثاً) محدداً منذ البداية الجوانب التي يسلط الضوء عليها، وإن كان (الشاعر) قد استحوذ على القسم الأعظم من الكتاب بحكم ما تضمنه من قصائد للشرابي، سواء ما نشر في دواوينه الثلاثة،أو أهدي منه إلى المؤلف مباشرة (ولم يسبق نشره). فإن الكتاب قد استوفى جانبيه الآخرين بإيراده عناوين البحوث والأشعار التي ترجمها الشاعر الراحل، وكذلك تلك التي أنجزها.. ويضاف إليهما فصول تطرقت إلى حضوره في المنتديات الأدبية.وإلى أشعاره الكثيرة التي صارت أغنيات..‏‏

ولد كمال فوزي الشرابي في دمشق عام 1923 وأمضى مراحل الدراسة الأولى في المعاهد الوطنية والأجنبية في دمشق وطرطوس مما ساعده على التمكن من اللغة الفرنسية.ومن ثم نال إجازة في الحقوق من جامعة دمشق.وظهرت اهتماماته الثقافية باكراً فأصدر في مدرسته « الكلية العلمية الوطنية » (قبل أن يتم الثالثة عشر من عمره) مجلة «الصرخة» وقد عرفّها بأنها «مجلة علمية أدبية روائية أسبوعية جامعة» وصدّر غلافها بقول جبران:«الحماسة بركان لا تنبت على قمته أعشاب التردد ».هذه الحماسة هي التي قادته ليصدر عام 1946مجلة «القيثارة» مع ثلة من المثقفين أطلقت على نفسها اسم «جماعة الشعر الجديد ».وقالت في تحديد منهجها: «إننا نفتخر بأن نكون من معتنقي مبدأ النظر إلى ما قيل، لا إلى من قال»،ولم يخل عدد من أعداد«القيثارة» الأثني عشر من اسم كمال فوزي الشرابي ناظماً أو مترجماً أو باحثاً،فإضافة إلى أشعاره ترجم أشعاراً وخاطرتين لشعراء وموسيقيين عالميين، كما نشر أبحاثاً عن الشعر والثقافة والموسيقا.وقد أعادت وزارة الثقافة نشر أعداد «القيثارة» في كتاب وثائقي رأى الكاتب والباحث محمد كامل الخطيب في تقديمه أن ولادة هذه المجلة كانت من أهم دلائل وعلامات الإيقاع الجديد في حركة الشعر العربي،وقد كان لها الدلالة التاريخية نفسها التي كانت لسابقتها مجلة «أبولو»، والتي ستكون فيما بعد لمجلة «شعر».. ولا ريب أن مساهمة كمال فوزي الشرابي النشطة بمجلة «القيثارة» كانت تترجم ميله إلى التجديد في الشعر العربي،وإلى النزعات الرمزية والرومانسية فيه،ونحو إبراز العاطفة الشخصية. وهو ما ظهر جلياً في مجمل أشعاره التي بدا الكثير منها وكأنه رد فعل إبداعي تلقائي على حدث آني. بما في ذلك أشعاره الغزلية التي شغلت حيزاً واسعاً من مجمل إبداعه الشعري، ذلك أن كثيراً من تلك القصائد ارتبطت بحدث بذاته استطاع، حتى لو صغر، أن يطلق أحاسيسه أشعاراً ساحرةً رشيقةً وسلسةً.ففي قصيدة بعنوان «غزلية إلى حبيبتي»، يقول: اليوم أبصرت الهلال وقاسيون يبوس خده فخطرت في بالي كما تصحو مع الأنسام وردة، وفي قصيدة بعنوان«صوتك» يقول: صوتك المغزول من ناي الرعاة من شعاع البدر،من همس الغدير من أغاريد بلادي الساحرات أنثويٌ،رقً من لطفٍ، أمير‏‏

أما خارج مواضيع الغزل فإن أشعاره تعبر عن ضمير إنساني حي يأبى الظلم والكذب والاستغلال.ففي قصيدة ألقاها بمهرجان المربد الشعري في العراق عام 2002 يقول: (عولمونا)فازداد معظمنا فقراً.. وعاشوا في تخمة السلطان أين ما يدّعون عدلاً وأمناً.. غرقا في الظلام والطغيان ويناجي صديقه نزار قباني في قصيدتين قبل وبعد انتصار تموز 2006 ملمحاً إلى قصيدة«المهرولون».فيقول في مطلع الثانية: قم يا نزار من الضريح لكي ترى..كيف المقاوم في (الجنوب) يُغير كيف الأشاوس في المعارك سطّروا..آيات نصر ما لهن نظير قد لا تنجح أي كلمات في التعبير عن جوهر كمال فوزي الشرابي كما تفعل كلماته التي جاءت في قصيدتين حملتا عنوان «نداء إلى أخي الإنسان» حيث يقول في الأولى منهما: من أي عرق كنت أو من أي دين أنت أخي وأنت لي صديق مادمت لا تسرقني مادمت لا تظلمني ما دمت لا تمنعني من الكلام ما دمت مثلي تعشق السلام وتحت رايات الهدى والود نمضي معاً ندّاً لند لكي ننير ظلمة الطريق أما القصيدة الثانية فأتركها لقرّاء الكتاب، ومعها الكثير الجدير بالقراءة..‏‏

www.facebook.com/saad.alkassem

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية