تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


درهم وقـايـة... البعوض المتوحش

طب
الأثنين 3-9-2012
الدكتور محمد منير أبو شعر

لا يوجد نوع واحد من البعوض بل الآلاف، وهذا التنوع موجود منذ زمن طويل جداً في الأحفوريات أيام عصر الديناصورات (العصر الجوراسي).

والبعوض كائن يملك آلية معقدة للبحث عن ضحاياه، وما زال العلماء يكتشفون المزيد عنه كل يوم.. وسبب اهتمامنا بهذه الحشرة الصغيرة ليس لأنها مزعجة بقرصها، و أنها تصدر صوتاً غير حنون، بل لأنها تنقل الأمراض الخطيرة في كل أنحاء العالم مثل: الملاريا والحمى الصفراء وحمى الضنك والتهاب الدماغ الفيروسي وحبة حلب.‏

كل هذه الأمراض الخطيرة موجودة.. لكن ما ينتشر في بلدنا هو حبة حلب، وهو مرض على عكس اسمه أصبح منتشراً في كل سورية، وليس فقط في حلب.. ويسبب تدميراً للجلد وتشويهاً له، وإن ترك دون علاج صحيح تتطور الحالة لتنتقل لنسج أخرى، ومن هنا وجب الاهتمام بهذه الحشرات، والعمل على القضاء عليها.‏

إن أكثر طرق محاربة البعوض شيوعاً هي المواد الكيميائية، وأجهزة الصوت التي تطرد البعوض.. أما الطريقة الأحدث فهي القتل بالضوء حيث ينجذب البعوض للضوء البنفسجي وفوق البنفسجي.‏

أما عن حياة وسلوك البعوضة، فأكثر وصف دقيق جاء في كتاب «أثر الفراشة» للشاعر محمود درويش، حيث يقول:‏

«البعوضة، ولا أعرف اسم مذكرها، أشد فتكاً من النميمة، لا تكتفي بمص دمك، بل تزج بك في معركة عبثية، ولا تزور إلا في الظلام كحمى المتنبي.. تطن وتزن كطائرة حربية لا تسمعها إلا بعد إصابة الهدف، دمك هو الهدف، تشعل الضوء لتراها فتختفي في ركن ما من الغرفة، ثم تقف على الحائط.. آمنة مسالمة كالمستسلمة، تحاول أن تقتلها بفردة حذائك، فتراوغك وتفلت وتعاود الظهور مرة ثانية، تشتمها بصوت عال فلا تكترث، تفاوضها على هدنة بصوت ودي: نامي لأنام! تظن أنك أقنعتها فتطفئ النور وتنام، لكنها وقد امتصت المزيد من دمك تعاود الطنين انذاراً بغارة جديدة، وتدفعك إلى معركة جانبية مع الأرق، تشعل الضوء ثانية وتقاومهما، هي والأرق، بالقراءة.. لكن البعوضة تحط على الصفحة التي تقرؤها، فتفرح قائلاً في سرك: لقد وقعت في الفخ، وتطوي الكتاب عليها بقوة: قتلتها.. قتلتها! وحين تفتح الكتاب لتزهو بانتصارك، لا تجد البعوضة ولا الكلمات.‏

البعوضة، ليست استعارة ولا كناية ولا تورية، إنها حشرة تحب دمك وتشمه عن بعد عشرين ميلاً، ولا سبيل لك لمساومتها على هدنة غير وسيلة واحدة: أن تغير فصيلة دمك».‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية