الثقافة الوطنية
والنسيج الاجتماعي
اتسعت مداخلة الأستاذ مسوح لتشمل محاور عدة منها مصطلح الثقافة الوطنية وظهوره في أربعينيات القرن العشرين مترافقا مع مصطلحين آخرين هما الواقعية الاشتراكية والالتزام وبين أوجه الترابط بين هذه المصطلحات في مجالات الآداب والفنون وبخاصة في مجال النقد.
ويبين أن مصطلح الواقعية الاشتراكية هو مصطلح فكري نظري مرتبط بالفلسفة ارتباطا مباشرا، وأن مصطلح الثقافة الوطنية هو مصطلح سياسي، يعبر ثقافيا عن تطلعات وأهداف سياسية، وأن مصطلح الالتزام هو خيار شخصي لدى المبدعين، وقيد على الإبداع في فهم الكثير من النقاد والمنظرين والسياسيين.
ومن المحاور التي ركز عليها الكاتب التناقض بين الثقافة والسياسة وهو أمر واقع ومع ذلك فالسياسة بلا ثقافة عمياء، وإذا تغلب في الثقافة الروح الثقافي الصرف انفصلت عن الواقع وفقدت فاعليتها، فالثقافة بلا سياسة خيال.
ومن هذه التناقضات، التناقض الأساسي يتعلق بطبيعة كل من الثقافة والسياسة، ففي الوقت الذي تنزع فيه السياسة إلى ضبط الحركة في المجتمع، تنزع الثقافة إلى التمرد والحرية.
والتناقض العملي يتعلق بأساليب كل من السياسة التي تنزع إلى التكتيكي والثقافة ذات النزوع الاستراتيجي، أما التناقض الثالث فهو التناقض الإضافي الذي لايتصل بطبيعة السياسة والثقافة، بل بطبيعة النخب السياسية والثقافية.
ويرى مسوح ضرورة إعادة بناء الثقافة الوطنية لتسهم في توطيد الوحدة الوطنية وتمتين النسيج الاجتماعي وهذا يتطلب الانتقال من الأحادية إلى التعددية ونشر ثقافة الاختلاف والتنوع، وتوسيع طيف مفهوم الثقافة الوطنية، ونشر الثقافة العصرية الحداثية، هذا إلى جانب تعزيز نزعة الشك المعرفي لدى المثقف ولدى الناس وخصوصا الشباب.
إعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة
وبين رئيس تحرير صحيفة تشرين محمد البيرق أن الدولة والمجتمع بحاجة ماسة لإعادة النظر في علاقتها مع المواطن، ويورد على لسان المواطن بشكل عام أنهم لايثقون بشكل كاف بالمؤسسات الحكومية التي أنشئت لخدمتهم وكثيرة هي الأسباب التي خلقت هوة كبيرة بين المواطنين والحكومات المتعاقبة ومنها انتشار قضايا الفساد، استمرار إطلاق التصريحات التي لاتنفذ على أرض الواقع، اعتماد الصناعيين والحرفيين على أنفسهم بحل مشاكلهم، وتعدد الجهات الرقابية المسؤولة عن تقييم الأداء وفقدها لمصداقيتها.
وبرأي رئيس التحرير أن إعادة الثقة بين المواطن ومؤسساته يتطلب تحفيز الشعور بالمواطنة والولاء والعمل بروح الجسد الواحد، وعلى الحكومة لحظ النقاط الأساسية التي تهم المواطن والتعامل معها بشفافية، ومن الهام جدا إصلاح الرواتب والأجور حسب المستطاع، إضافة إلى إصلاح النظام الضريبي وتطويق الفساد وتحجيمه، والاستفادة من الإعلام لتسليط الضوء على المشاكل الخدمية.
ويختم في سؤاله عن دور المثقف في محاربة الفساد وتحفيز المواطنة في أدبياته في زمن الحرب، لينهي مداخلته في أن المواطن السوري يثق بالدولة لكنه لايثق كثيرا بمؤسساتها.
تكريس ثقافة الفكر النقدي
وبين د. عبد اللطيف عمران أن الفكر النقدي كثقافة موجود لدينا في رفوف المكتبات وجلساتنا الخاصة، ورغم أن المجتمع السوري مجتمع نقاد، فإن النقد فيه ينوس بين الواجب والنزوع من جهة، ومن جهة ثانية حرص المجتمع على الانسجام والاستقرار والعيش المشترك في ظل التحديات التاريخية والمصيرية المعروفة.
ويرى د. عمران أنه في بلدان كالتي نعيش فيها يكون الفكر النقدي حاجة ماسة لمتابعة أي مشروع نهضوي في البنى الفوقية والبنى التحتية، لأنه يعزز المناعة الذاتية ويرسخ المشاركة المجتمعية ويهدف إلى التعاون والتكاتف والتكافل الاجتماعي لأنه لايستقيم أساسا مع الإقصاء والتهميش والإبعاد وبهذا يكتسب مشروعيته وشرعيته بحيث لاتكون المسؤولية مناطة بقوة أو جهة واحدة.
ولكن حسب رأيه لازلنا نعمل وفق منطق المسلمات التي لايؤمن بها الفكر النقدي، ولاتوجد لدينا القدرة على المحاكمة الفعلية والممارسة الديمقراطية لنقد مامضى من عمل أو لنقد الواقع، والفكر النقدي موجود بين جوارحنا لكن تجلياته الموجودة محدودة وضعيفة وآية ذلك النأي بالنفس عن البحث أو حتى مجرد الحديث عن قصور العامل الذاتي وتعويض ذلك بالاطمئنان أواللجوء إلى أمور أخرى.
ويبين عمران أنه لوكان الفكر النقدي راسخا في مجتمعنا ومؤسساتنا في سورية وباقي الأقطار لما وصلنا إلى ماوصلنا إليه، ولتجنبت هذه المجتمعات غريزة القطيع الحارقة وكان حمى العروبة والإسلام من جرائم استخدام القنوات الفضائية في خدمة الإرهاب وداعميه، وكانت الآثار الجرمية أقل وطأة وإيلاما.
ويؤكد أن الفكر النقدي يخدمنا ولانخاف منه نظرية وممارسة وعلينا ترسيخه وتنميته. وتعددت النقاشات التي أغنت الندوة .