إلا أن مجزرة كانون الأول 2008 والتي مازالت مستمرة، كانت هي الأفظع من بين المجازر، إذ لم يكن يتجاوز عدد الشهداء في كل مجزرة من المجازر السابقة، العشرات وأحياناً يصل الى المئات، كما في مجزرة خان يونس عام 1956 (500 شهيد) والتي اتبعتها بمجزرة أخرى في البلدة نفسها بعد تسعة أيام، راح ضحيتها 275 شهيداً، إلا أن هذا العدوان الذي يعيشه أشقاؤنا اليوم، قد وصلت حصيلته الى ما يقارب الألف من الشهداء، وأضعافهم بمرات من الجرحى، وتحاول إسرائيل تضليل الرأي العام، بقولها إن غزة منطقة عسكرية مغلقة، وهذا تدجيل مكشوف وكذب سافر، يعرف حقيقته القاصي والداني.
للاحاطة بانتهاكات الكيان الاسرائيلي المخالفة لاتفاقيات جنيف وأدنى حقوق الانسانيةحدثنا المحامي أحمد سعيد رزق /دبلوم دراسات عليا في القانون الخاص عن الوجه القانوني للعدوان على غزة قائلاً:
إن ما تقوم به قوات الاحتلال الصهيوني من عدوان وحشي في قطاع غزة، وحرب إبادة جماعية، و مجازر ضد الشعب الفلسطيني، بعد حصار وتجويع دام شهرا، إضافة إلى استخدام الأسلحة المحرمة دوليا، وانتهاك المقدسات والمنشآت الدولية والانسانية و الرسمية، كل ذلك إنما يكشف الطبيعة العنصرية والنازية لهذا الكيان المتغطرس.
فالعدو الإسرائيلي يمارس حرب إبادة جماعية، بكل همجية ووحشية على غزة وأهلها، غير مكترث بالكرامة الإنسانية ولابالقانون الدولي و لا بحقوق الإنسان، وقد تجاوز كل الضوابط الاخلاقية، وداس على كل القيم الإنسانية والمواثيق الدولية، و كل ذلك يشكل انتهاكا فاضحا لكل الأعراف و القيم الإنسانية والدولية.
وان ما يجري هو جريمة حرب بكل ما تعني هذه الكلمة و يجب، أن يعاقب عليها قادة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية لانتهاكهم اتفاقية جنيف ومبادىء حقوق الانسان.
فعلى المعنيين أن يلجؤوا إلى المحكمة المذكورة، و التي تنطوي الجرائم المرتكبة تحت اختصاصها النوعي، و بالتالي فهي صاحبة الصلاحية للنظر فيها، وتقرير ما يترتب على إدانة العدو بارتكاب تلك الخروقات، وانتهاكه القانون الدولي و الإنساني، فالمادة التاسعة من اتفاقية جنيف المتعلقة بالإبادة الجماعية تنص على صلاحية المحكمة للنظر بكل نزاع ينجم عن تفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها.
كما أن لمجلس الأمن، حسب نظامه الداخلي، صلاحية تشكيل محاكم جنائية مؤقتة ، تحاكم الأشخاص الذين يرتكبون جرائم ضد المدنيين، وقد حدث ذلك فعلا في يوغسلافيا في أوائل التسعينيات ، وفي رواندا في وقت قريب من ذلك.
وهناك طريق آخر لمقاضاة المسؤولين في جيش الكيان الإسرائيلي، فلا شك أن هناك رعايا لدول أجنبية يقيمون في قطاع غزة، وقد تضرروا جراء ذلك العدوان، أو ربما قتلوا أو جرحوا ، فهنا للدولة التي ينتمون إليها أن تقاضي من تسبب لرعاياها في ذلك.
وما هو دور المحامين في القضية؟
-- إن كل شعب معني بهذا الأمر، و المحامون يجب أن يكونوا في طليعة هؤلاء، وهذا ما حدث فعلا، إلا أن ما نفتقر إليه هو التنسيق المتكامل، و الذي إن حدث سوف يكون له أكبر تأثير في وقف العدوان، و لكن للأسف فان تحرك رجال القانون جاء و بشكل عام ( بصرف النظر عن بعض التنسيق النقابي)، سواء كان على مستوى النقابة الواحدة أو على مستوى الاتحاد العام لنقابات المحامين، أو غيره من المؤسسات القانونية والحقوقية كمنظمات الحقوقيين وجمعيات حقوق الإنسان، حتى تحركات هذه الهيئات ، فقد جاءت فردية، و كنا نتمنى لو تتضافر جهودها في ذلك بتنسيق مدروس، لتكون النتائج انجح وانجع، للوصول للضغط على الجهات الوصائية ، من اجل رفع الدعاوى أمام المحكمة الجزائية الدولية على مجرمي الحرب الصهاينة، والمتواطئين معهم، لمحاكمتهم جراء انتهاكهم الوحشي للقانون الدولي الإنساني، وسائر الاتفاقيات و المعاهدات المتمثلة به، وللضغط على اسرائيل لوقف العدوان بأسرع وقت ممكن.
والخبر الذي وصل إلينا و هو ما يبعث على الارتياح أن نقابة المحامين في الجمهورية العربية السورية قامت مؤخراً بتشكيل لجنة من نخبة المحامين و القانونيين و الخبراء مهمتها إعداد الدراسة للقيام برفع دعوى أمام المحكمة الجزائية الدولية على القادة الإسرائيليين العسكريين والسياسيين الذين اسهموا في العدوان على أهلنا في غزة .