تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إسرائيل.. انتصارات خلبية!!

ترجمة
الأثنين 19-1-2009م
ترجمة: ريما الرفاعي

أسمع أصوات أصدقائي في غزة بوضوح تام وآلامهم لا تزال تترك صدى في نفسي وكأنني ما زلت معهم على الهاتف. إنهم يبكون مقتل أبنائهم من بينهم فتيات بعمر بناتي

أجسادهن محروقة ومشوهة دون أي سبب. صديقة فلسطينية سألتني لماذا بدأت «إسرائيل» هجومها الجوي بينما كان الأطفال يغادرون مدارسهم والنساء في الأسواق؟ ولفتت إلى أن بعض الآباء والأمهات الفلسطينيين لا يزالون يبحثون عن أبنائهم القتلى في المشافي التي تغص بالقتلى والجرحى. وبينما احتفل اليهود بالليلة الأخيرة من «هانوكا» عيد الأضواء اليهودي الذي يبشر بالعودة للحياة سألت نفسي كيف لي الاحتفال بيهوديتي بينما يتعرض الفلسطينيون للقتل على يد أبناء جلدتي. لقد عبر رجل الدين مارك ايليس عن امتعاضه من الحرب بقوله هل يكون ميثاق اليهود مع الله حاضراً عند قيامهم باضطهاد وقتل الفلسطينيين؟ وهل لا يزال التقليد الأخلاقي اليهودي موجوداً لدينا؟‏

الفلسطينيون المحظوظون في غزة محبوسون في بيوتهم منذ زمن بعيد يعانون الجوع والعطش وانقطاع الكهرباء لكن الحظ يكمن في أن أبناءهم على قيد الحياة. منذ الرابع من تشرين الثاني الماضي انتهكت «إسرائيل» الهدنة مع حماس بالهجوم على غزة بشكل تدريجي وبعدها أطلقت حماس صواريخها على «إسرائيل»،. وهو ما قاد إلى التصعيد الحالي ضد الفلسطينيين. وبحسب بعض التقارير فإن هدف الاستراتيجية الإسرائيلية هو ضرب أهداف حماس العسكرية لكن لم يكن ذلك ما حدث مع صديقاتي الفلسطينيات اللاتي يجب عليهن دفن أطفالهن الذين قتلتهم آلة الحرب الإسرائيلية. في الخامس من تشرين الثاني أغلقت «إسرائيل» جميع نقاط العبور إلى القطاع ما أدى إلى تخفيض كبير أو حتى حرمان الفلسطينيين من الإمدادات الغذائية والأدوية والوقود وغاز الطهو، وقطع الغيار اللازمة لشبكات المياه والصرف الصحي. صديقة لي في القدس قالت إن الحصار المؤلم الذي تنتهجه «إسرائيل» حيال الفلسطينيين ظالم ولم يسبق «لإسرائيل» أن مارسته من قبل.‏

وخلال تشرين الثاني لم تتمكن سوى أربع شاحنات غذاء من الدخول إلى القطاع يومياً قادمة من «إسرائيل» بينما كانت بحدود 123 شاحنة في الشهر الذي سبق، علماً أن معدات إصلاح وتبديل شبكات المياه منعت من الدخول إلى القطاع منذ قرابة العام. وذكرت منظمة الصحة العالمية أن نصف عدد سيارات الإسعاف في القطاع أصبحت خارج الخدمة ولا يمكن تحريكها. لم يسبق لي رؤية صور مخيفة للأطفال الفلسطينيين المشوهة والمحروقة أجسادهم في غزة منذ قرابة ربع قرن. وهي ليست مجرد صور مرعبة للأطفال القتلى بل حقيقة معاشة لا يمكن تحملها. وهي صور وقصص أخشى أنه لا يمكن نسيانها بسهولة. لماذا لا يتحدث أحد عن المصالحة لكونها الطريق نحو التحرير والتفاهم كمصدر للتفاهم. كيف يمكن العثور أو تكوين مناخ من التفاهم والعيش المشترك؟‏

هل يكمن الحل في احتلال أرض الآخر وبيته والسيطرة على مصدر رزقه وتجاهل عواطفه واحتقار مطالبه؟ أم بقتل أطفاله وتشويههم؟ وماذا يحدث لمجتمع نغلق أمامه كل الطرق والآمال والاحتمالات؟. وماذ سيحصل لليهود كشعب سواء عاش في «إسرائيل» أم لا؟ لماذا لا نستطيع قبول إنسانية الفلسطينيين، ونرفض إقامة أي صلة إنسانية مع شعب نصر على اضطهاده باستمرار؟.‏

المثقفون اليهود يعارضون العنصرية والقمع والظلم في كل مكان تقريباً في العالم، ومع ذلك هذا الكلام غير مقبول لدى الكثيرين وخاصة أن «إسرائيل» التي تضطهد الفلسطينيين وهذه المعايير المزدوجة يجب أن تنتهي.‏

وأما «انتصارات إسرائيل» فهي فادحة التكاليف وباهظة الثمن وتعبر عن قصور كبير، مثل عدم قدرتنا على العيش بلا جدران من حولنا، فهل تلك الجدران هي حياتنا بعد المحرقة؟ ونحن كيهود في حقبة ما بعد المحرقة الأقوياء بدولة يهودية كيف نستطيع التخلص من الوحشية والدناءة؟ وكيف لنا أن نتخلص من الخوف والتحول إلى رؤية أشياء أخرى حتى لو كانت غير أكيدة؟ الإجابات ستحدد من نحن وماذا يمكن أن نكون في المستقبل؟‏

كريستيان ساينس مونيتر‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية