انتفاضة ضد العنصرية
ليفت رو ترجمة الأثنين 19-1-2009م ترجمة د. ابراهيم زعير في العلاقات الدولية تظهر في كثير من الأحيان أحلاف غير مألوفة ومتناقضة ظاهرياً , ومثال على هذه الظاهرة الغريبة الحلف الذي أقامه الصهاينة عشية بدء الاستعمار الاستيطاني الصهيوني لفلسطين مع بعض البلدان آنذاك
في الوقت الذي كانت فيه «إسرائيل» تشن حرباً إرهابية ضد الفلسطينيين العرب وضد البلدان العربية بمساعدة الاستعمار البريطاني، ومنذ ذلك الوقت كانت «إسرائيل» وحتى يومنا هذا تقدم الخدمات للعديد من الأنظمة وتزرع الفتنة بين الدول العربية، والآن بات من المعترف به أن العدوان الإسرائيلي ضد مصر في عام 1967 وضد سورية كان الهدف منه بشكل رئيسي القضاء على نظام جمال عبد الناصر العدو الأكبر لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة العربية ونفس هذه المحاولة قامت بها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في خمسينيات القرن الماضي ولكنهم لم ينجحوا في ذلك، والعدوان الإسرائيلي عام 1970 على الأردن ساعد على توجيه ضربة لمنظمة التحرير الفلسطينية وآخر ضربة لهذه المنظمة كانت عامي 1978 و1982 عقب العدوان الإسرائيلي على لبنان، والخدمات الإسرائيلية للأنظمة العربية الموالية لها مستمرة في أيامنا هذه، فالعدوان الإسرائيلي على لبنان تموز عام 2006 كان هدفه الرئيسي القضاء على حزب الله، وقد رحبت بعض التيارات الليبرالية الجديدة في لبنان وغيرها المعادية لحزب الله والمقاومة عموماً بهذا العدوان رغم التدمير الهمجي للجنوب اللبناني وقتل سكانه المدنيين بطريقة وحشية، حيث قتل أكثر من ألف مواطن مدني ولكن هذا العدوان لم يضعف حزب الله بل زاده قوة وصلابة وأضعف موقف «إسرائيل» وحلفائها، ومنذ حرب 2006 أخذت هذه التيارات تدعو إلى موقف «محايد» في الصراعات الإقليمية وأطلق عليها من قبل «إسرائيل» الأنظمة والتيارات والأحزاب «المعتدلة» والتي وقفت عملياً إلى الجانب الإسرائيلي والأميركي ضد قوى المقاومة، وأخذت تتحدث عن «الخطر» الإيراني وكأنه الخطر الأساسي على شعوب المنطقة واستغلت الولايات المتحدة ذلك لتعزيز علاقات هذه البلدان والقوى مع «إسرائيل»، حتى أن البعض دعا إلى ضم «إسرائيل»إلى جامعة الدول العربية والوقوف بوجه إيران بعد عام 20٠6 بدأت التفاهمات والاتفاقات السرية مع إسرائيل استعداداً للقضاء على حزب الله وحماس، وأبدى البعض منهم بأن الجهة الوحيدة القادرة على إنقاذهم من حزب الله وحماس هي «إسرائيل» معتبرين أن هاتين القوتين للمقاومة هما الوحيدتان القادرتان على تعطيل التحالف مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ونشطت الدبلوماسية الإسرائيلية للتحضير والاستعداد لبدء العدوان الواسع على حركة حماس في قطاع غزة المحاصر، وتبين أن بعض القوى اللبيرالية وجدت في استعداد «إسرائيل» للقيام بهذا العدوان مناسبة للتخلص من المقاومة الفلسطينية في غزة ومن ثم من المقاومة اللبنانية والتوسع في حال نجاح «إسرائيل» بذلك لضرب إيران والبلدان العربية المؤيدة للمقاومة، ولنتذكر أن «إسرائيل» ومنذ نجاح حماس في الانتخابات الديمقراطية في غزة حاول جميع أعدائها بالتعاون مع إسرائيل التخلص منها بأشكال مختلفة ولكن جميع تلك المحاولات فشلت وقرروا أخيراً توجيه ضربة عسكرية سريعة وقوية لها أملاً في إسقاطها ورغم شلالات الدماء في غزة وقتل المئات من الأطفال والنساء والأبرياء وجرح الآلاف فإن محاولاتهم لإسقاط حماس فشلت، والمدهش أن التعاون بين بعض الأنظمة العربية والحركات الليبرالية في المنطقة العربية مع إسرائيل ضد حماس لم تعد سراً بل علنا،ً بينما شعوب البلدان العربية المتعاونة تنتفض ضد حكوماتها تأييداً لحماس والمقاومة الفلسطينية ويتكرر السؤال لماذا لا تخاف هذه الأنظمة شعوبها؟
|