وليسا شخصا واحدا, مهما كانا متقاربين فكريا أو عائليا أو عاطفيا, لكل منهما شخصيته المتميزة, ولا بد من خلافات وبعض المشاجرات, لكن هل تفسد المعارك الزوجية للود قضية? وهل هناك ابعاد سلبية أو ايجابية لمعارك الازواج? وكيف نتجنب الشجار العنيف, اسئلة عديدة جاءت اجاباتها على ألسنة الزوجات والازواج, وأخيرا مع الاختصاصية الاجتماعية.
بهارات من نوع خاص
سحر محفوض ربة منزل تقول: أنا ارى أن بعض الخلافات التي تنشأ بيني وبين زوجي هي بمثابة البهارات على الطعام, فهي التي تعطي للزواج نكهة خاصة وتقضي على الروتين والملل, وبعد كل عراك نعود الى حياتنا الطبيعية وكأن شيئا لم يكن, أنا ارفض النكد المتواصل لأنه يقصف العمر, ويؤثر على الابناء, وهذا ارفضه تماما, لكن الحياة الزوجية مثل كل شيء في الحياة لها منحنيات هبوطاً أو ارتفاعاً, ولا يمكن ان تسير على وتيرة واحدة, لذلك لا بد من بعض المشاجرات التي تكون بمثابة صحوة للزوجين, اذا كان احدهما يسير في طريق خطأ, فينتبه ويحول حياته من جديد للطريق السليم.
شجار الكراهية
يوسف قصيباتي موظف يقول: الشجار أمر طبيعي في الحياة, ولا غنى لأي انسان عنه, وكيف لا والإنسان قد يتخاصم أحيانا مع نفسه نتيجة اتيانه ببعض التصرفات الخاطئة, ولكن عندما يحاول أن يقيم بينه وبين نفسه نوعا من الحوار الصادق للوصول لمكامن الخطأ والصواب, هنا يتصالح الانسان مع نفسه, ثم يعود لممارسة حياته بصورة صحية, وهذا الأمر في الحياة الزوجية, لكن على أن يكون لدى الطرفين استعداد نفسي لتقبل الآخر, وتقبل وجهة نظره.
لأن أشد انواع الشجار واقساه خطرا على الحياة الزوجية هو شجار الكراهية, ذلك الشجار الذي يحدث بين زوجين, احدهما محب والآخر كاره, عندها يفتعل الطرف الكاره المواقف الواهية والاسباب الواهنة ويتصيد الاخطاء, حتى يتسنى له معاقبة ومشاجرة الطرف الآخر, بغرض الوصول الى طريق مسدود, فيكره الطرف الآخر حياته ونفسه وبيته, وربما طلب الطلاق.
مثل القطط
مهيب وادي مدير يقول: إن زوجتي تقوم ببعض التصرفات التي تجعل الدماء تغلي في عروقي, هي تتعمد في غالب الاحيان ايقاظي من النوم لتسألني عن اشياء تافهة, وأحيانا كثيرة تتأخر عن اعداد طعام الغداء, ولا تتيح لي الفرصة لاراحة اعصابي عندما أعود متعبا من العمل , مع أن الانسان يظن أنه سيجد راحته في بيته بعد عودته من العمل خاصة وأن هموم الحياة قد طغت على كل شيء, إن النساء مثل القطط تأكل وتنكر, واساءة واحدة للمرأة, تمحو للرجل مئة معروف يسديه إليها.
رفعت الراية البيضاء
عليا مورلي مدرسة تقول: لقد اعتاد زوجي على توجيه كلمات اللوم والذم وأحيانا السب وبلا مبرر, أما الشكر والاستحسان فلا وجود له في حياتي, (اليوم الملح قليل على الطعام, وغدا أين كأس الماء, وبعد غد لماذا تأخر الغداء).
تبدأ المشكلة صغيرة ثم تتعاظم وتتفاقم الى درجة الاهانة والتجريح, ومع تكرار هذا السيناريو اصبح منزلنا بؤرة للتوتر والضيق وبات انهيار زواجنا وشيكا ووصل الأمر الى أنني طلبت الطلاق مرات ومرات.
بعد مرور خمس سنوات من العذاب, استسلمت ورفعت الراية البيضاء, مع الأسف مهما بلغت المرأة من العلم, ومهما كان مركزها الاجتماعي ومكانتها العلمية, إلا أن الرجل الشرقي يفضلها تابعة له, وأن تلغي شخصيتها امامه, وهذا ما فعلته لارتاح.
بعض الشجار ملح الحياة
الاختصاصية الاجتماعية هدى عجاج تقول:
ان معظم الازواج يدخلون الى الحياة الزوجية وليس لديهم ثقافة اسرية, سوى التي اختزنوها من خلال تجربتهم مع والديهم, وهذا خطأ كبير, لأن القفص الذهبي ربما تحول الى سجن الزامي بعد أن يصبح الشجار يوميا وبلا مبرر, ان بعض الشجار هو ملح للحياة الزوجية ويعطي لها مذاقا طيبا سائغا للآكلين, والذي يعتقد أن الحياة الزوجية يمكن ان تستمر دون خلافات, عليه ان يتصور كيف يمكن للمرء أن يأكل طعاما مطهواً بلا ملح, لكن في ذات الوقت علينا ان نتخيل طعاما قد ضاع طعمه الحقيقي ولم يبق منه إلا مذاق الملح الكثير الذي زاد عن معدله المطلوب, فهل يمكن أن يطيقه الإنسان? كذلك الشجار مثله مثل كل شيء في الحياة اذا زاد عن حده انقلب الى ضده, وتحولت الحياة الزوجية الى جحيم لا يطاق.
قد يعود الزوج مرهقا من عمله, وكذلك الزوجة العاملة لأنها تعاني نفس الضغوط.. هنا يجب أن يتجنب كل طرف الآخر في هذه اللحظات الحرجة والتي اشبهها بالقنبلة التي تنتظر الانفجار, كذلك ربة المنزل التي تكون بانتظار زوجها وحبيبها, فتفاجأ بغضب على وجهه, وكلمات نابية قد تقلب البيت رأسا على عقب, إن ردت الزوجة.
على كلا الزوجين التحكم في اعصابه ومحاولة التنازل عن بعض حريته, من اجل أن تستمر الحياة الزوجية بينهما سعيدة وهانئة, هناك عوامل محددة لا بد وأن تتوافر لدى الزوجين لضمان استمرار الزواج المستقر, والعلاقة المشبعة للطرفين, من أهمها: الصراحة المتبادلة.. الاحترام.. المساندة.. التسامح.. تقديم التنازلات.. التعبير عن المشاعر الايجابية والمودة, وعدم اللجوء للاساليب غير المباشرة أو السلبية في التعبير عن المشاعر وردود الفعل, وتبني أسلوب المرح وتجنب اسلوب النكد, وأهم العوامل: ألا يتردد أي من الطرفين في التعبير عن مشاعره واحاسيسه وافكاره وآرائه للطرف الآخر, وفي نفس الوقت أن يكون كل طرف على استعداد لتقبل اراء وافكار الطرف الاخر وعدم الاستهانة بها أو نكرانها.