وتتداخل بالأشجار التي زرعها الناس, وتعج ببساتين الأشجار المثمرة, أو الزيتون تحديداً, كذلك تتداخل الملكيات الخاصة مع أملاك الدولة في أغلب أراضي ضفاف البحيرة, وقد عجزت الحراج حتى هذا التاريخ عن معالجة المخالفات التي حدثت على ضفاف البحيرة, لأن ذلك يحتاج إلى جهد أكبر, ووضوح أشد, وحرم محدد وإلا ستظل الحراج تتخبط فيما لا تستطيع القيام به.
هذا كله يعني أن مجرد تشكيل لجنة لتحديد حرم البحيرة هو عمل جدي, يضع الخطوة الأولى التي لا بد منها لنخطو من بعد خطواتنا الأخرى في سبيل السياحة وفي سبيل الاستثمار الذي سينقلنا حقيقة من حال إلى حال... علماً أن الخروج من جهل السياحة إلى صناعتها يحتاج إلى تربية سياحية ستأخذ وقتاً طويلاً, إن لم نقم بحرق المراحل..!
المعايير والدراسات
تألفت لجنة تحديد حرم ضفاف بحيرة الأسد في القرار رقم 1783 الصادر عن وزارة السياحة في أوائل الشهر الثامن من العام الحالي.
وانطلاقاً من أهمية هذه اللجنة التقينا الدكتور فيصل مصطفى الحسن, رئيس لجنة تحديد الحرم, ومدير سياحة الرقة, وهو صاحب طموحات كبيرة, وأفكار إبداعية في السياحة, وكان سؤالنا الأول له: تحديد حرم البحيرة ضرورة تنموية استثمارية نتيجة التداخل... هل يمكن تحديد التداخل ووصفه? وكيف يمكن فك الارتباط?
** بالتأكيد... فليست هناك استثمارات على ضفاف بحيرة الأسد دون وجود حرم منطقي يحقق الغاية المرجوة من وجوده وهو حماية البحيرة ومياهها باعتبارها بحر سورية وخزانها الاستراتيجي من المياه العذبة وفي ذات الوقت يؤمن الاستمتاع بمياهها وشواطئها ومناظرها الخلابة. وارتباط الاستثمار بالحرم منطقي, إذ كيف يمكن أن أبني منشأة سياحية على بعد 500م من مياه البحيرة (بموجب الحرم الحالي) في حين تجد أن المنشآت السياحية والتجارية تقام على الضفاف مباشرة للكثير من البحيرات المماثلة لبحيرة الأسد وفي دول مختلفة, وبالتالي لن يكون هناك استثمار في بحيرة الأسد ما لم تحل مشكلة الحرم.
* ما أهداف اللجنة?
** فك الارتباط السابق بين الاستثمار والحرم بعد تحديد الحرم استناداً لأسس علمية واقعية تستند إلى الاحتمالات المختلفة للموجات الفيضانية.
- تحديد ودراسة واقع العقارات في محيط البحيرة بما يكفل إقامة منشآت سياحية على ضفافها وجذب الاستثمارات للمنطقة.
- اقتراح الإجراءات القانونية اللازمة للتوصل إلى حلول مناسبة بخصوص الملكيات.
* ما المعايير أو المقاييس التي تعمل اللجنة على أساسها?
** مياه البحيرة وبيئتها خط أحمر لا يمكن تجاهله وكل الدراسات اللاحقة المتعلقة بالبحيرة وحرمها والاستثمارات اللاحقة على ضفافها يجب أن تلحظ ذلك.
- ليس هناك حرم مطلق للبحيرة وإنما هناك حرم لكل موقع يتناسب وطبوغرافية الموقع.
- تحديد الحرم يستند إلى الموجات الفيضانية والاحتمالات الواردة بناء على أرقام تدفقات مياه نهر الفرات خلال فترات زمنية طويلة.
- الاعتماد على التقانة المعلوماتية والأجهزة المساحية والقياسية الحديثة, وكذلك المصورات الجوية الحديثة لمنطقة البحيرة للحصول على نتائج علمية ودقيقة.
- إجراء دراسات شاملة لمحيط البحيرة من حيث العقارات والسكان والمخالفات إن وجدت وصولاً إلى تحقيق أهداف اللجنة.
* ما الزمن الذي تحتاجه اللجنة لتضع كل شيء في نصابه?
** من الصعب تحديد زمن لانتهاء عمل اللجنة لأن ذلك يتوقف على دعم الجهات المعنية في محافظتي الرقة وحلب ووزارتي الري والسياحة وعدد الفرق المساحية التي ستعمل مع اللجنة والمتطلبات الأخرى الضرورية لتنجز اللجنة عملها في أقصر زمن ممكن..
* ما الأولويات..?
** مع أن الدراسات ستكون شاملة لكامل ضفاف البحيرة إلاّ أن مباشرة اللجنة في العمل ستحكمه الأولويات التالية المحددة سلفاً, الأولوية الأولى: مشروع شركة الفتوح والمسطاحة. والأولوية الثانية: مشاريع التطوير السياحي المتكاملة: جعبر, الكرين, دبسي فرج (الفخيخة), بالإضافة إلى مشروع محمية الثورة.
* هل التحريج على ضفاف البحيرة يحقق الأهداف أم أنه يزيد الطين بلة خاصة وهو يهدف إلى انجراف التربة والتلوث?
** التحريج مهم جداً للبحيرة وللمنطقة بشرط العناية به وزيادة المساحات المشجرة لما لذلك من أهمية في منع انجراف التربة وتلطيف الجو وفلترة طبيعية لما تحمله لنا الرياح من العجاج الموسمي والملوثات الأخرى مع ملاحظة أن التوسع بالمساحات المشجرة يجب أن يكون من ضمن دراسة علمية تراعي مسألة الاستثمارات القادمة للمنطقة وكذلك الجانب الترفيهي لسكان المحافظة وزائريها.
* أي إضافة ترونها مناسبة?
** نأمل أن تحقق اللجنة أهدافها في أسرع وقت ممكن, وأن يتم تحديد حرم علمي يراعي الجوانب البيئية والاستثمارية نظراً لأهمية ذلك لأن استثمار ضفاف البحيرة سيؤمن عشرات الآلاف من فرص العمل, ودخلاً للقطر بمئات المليارات من الليرات السورية, فالحديث عن أن السياحة هي نفطنا الآخر, أو هي البديل عن النفط ليس كلاماً بليغاً, ولكنه كلام واقعي, إن ميزانية سورية كلها ستتضاعف لو أمكن أن نستثمر هذا البحر الداخلي العذب.