و أشارت إليها النتائج التي خرجت بها لجنة فينوغراد التي عُينت للتحقيق في أسباب فشل هذه المؤسسة.
وكانت هذه القضية الأبرز على صدر الموضوعات التي ناقشها مؤتمر هرتسيليا الثامن.
وفي إطار مظاهر هذه الأزمة, يرى عوزي أراد المدير الحالي لمعهد السياسة والاستراتيجية التابع للمركز المتعدد المجالات في هرتسيليا أن استقالة رئيس أركان الجيش الاسرائيلي دان حالوتس بعد نتائج حرب تموز على لبنان, حدث حزين لإسرائيل وللمؤسسة العسكرية الاسرائيلية, معتبراً أنها تعبّر عن شعوره بالمسؤولية الواضحة عن حالات فشله الخاصة في قيادة الجيش الاسرائيلي في الحرب الأخيرة على لبنان, وللأسف بقدر ماشكلّت استقالته حزناً للاسرائيليين بقدر ماشكلت فرحاً وسعادة لدى معسكر الإرهاب (على حد تعبيره).
ويرى بعض الخبراء العسكريين أن الجيش يتحمل مسؤولية سوء التخطيط بالإضافة إلى القيادة السياسية التي أخطأت في وضع الأهداف ربما نتيجة نقص المعلومات الاستخباراتية لديها, أو عدم دقتها, فقد فشلت اسرائيل في تحقيق العدد الأكبر من أهدافها كما حددتها الحكومة الاسرائيلية لنفسها.
وقال عضو الكنيست اللواء (متان فلنائي) عن حزب العمل: إننا في اسرائيل أمام سؤال صعب جداً لا أملك جواباً عليه, كيف يمكن لجيش مدّرب ومجهّز يعرف لبنان كراحة يده ألا ينجح في تحقيق الأهداف? مشيراً إلى أن العناصر الرئيسة للفشل تتركز على موضوعين مركزيين المستوى القومي والمستوى العسكري, ورأى(فلنائي) أن عيوباً شابت عملية اتخاذ القرارات على المستوى القومي, ففي اسرائيل يوجد مجلس الأمن القومي, لكننا لم نسمع عنه شيئاً خلال الحرب, لذلك ثمة ضرورة فورية لبناء منظومة لاتخاذ القرارات القومية, أما على المستوى العسكري فرأى )فلناني( أنه يتعين علينا تعزيز الذراع العسكرية, فالجيش بنى طريقه لاتخاذ القرارات بمساعدة المعهد الاسرائيلي للديمقراطية, وتحليل التهديدات وعرض الاحتمالات واعتبارات اتخاذ القرار ولاحظ )فلنائي( أن ثمة أمراً لايتحدث عنه أحد, وهو السياسة في الجيش داعياً إلى إخراج السياسة من المؤسسة العسكرية, ويرى فريق آخر من الخبراء العسكريين أن حرب لبنان الثانية كشفت من منطلق الفهم العسكري تناقضات جدية داخل الجيش الاسرائيلي وكذلك في عملية صنع القرار العسكري والسياسي في اسرائيل, إذ إن الفشل في فهم احتياجات الحرب المختلفة مقارنة بعمليات منخفضة الوتيرة, كان الجيش الاسرائيلي قد خاضهما في السنوات الأخيرة أدى إلى وضع أهداف غير واقعية, والفشل في اتخاذ القرارات على أسس سياسية واضحة كما أدى إلى السعي نحو تحقيق الأهداف بطريقة غير مناسبة وغير واقعية, كما انكشف الجيش الاسرائيلي على النقص في جهوزية عدد من وحداته والمطلوب من اسرائيل في رأي الخبراء في الوقت الراهن إعادة فحص جيشها وتدريبه وتجهيزه بشكل مناسب لمواجهة التحديات المقبلة.
لقد أظهرت معطيات كشفت عنها صحيفة يديعوت أحرونوت ستناداً إلى تقارير الجيش الاسرائيلي أن نسبة المتهربين من الخدمة العسكرية آخذة بالارتفاع لتصل إلى رقم قياسي فضلاً عن ارتفاع نسبة من يتسربون خلال فترة الخدمة, وتأتي هذه المعطيات في ظل تزايد التقارير الاسرائيلية عن وجود أزمة قيم تعانيها المؤسسة العسكرية الاسرائيلية, قال الخبراء العسكريون إنها انعكاس حقيقي لأزمة أعمق يعانيها المجتمع الاسرائيلي بشكل عام, وهي أزمة ازدادت حدة في أعقاب العدوان على لبنان في تموز 2006 ومارافقه من أوجه فشل واخفاقات كثيرة..لايزال صداها إلى اليوم.
والحقيقة التي لاجدال فيها, أن هذه المؤسسة وُلدت ميتة ولم يكن لها حتى على أرض فلسطين المحتلة, أي تفوق, سوى الإرهاب والإجرام والدمار الذي تخلفه بواسطة الدعم الأمريكي والغربي.
من هنا فإن خيبة أمل هذه المؤسسة وهزائمها محفورة في الأذهان والتاريخ منذ حرب تشرين التحريرية.
كاتب سوداني