ولم يتباطأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما في اللحاق بمهندسة سياسته الخارجية السيدة كلينتون وليقدم الطاعة للوبي الصهيوني ويزيد عليها، فبادر إلى دفع مجلس الأمن الدولي الذي مهمته الأساسية خدمة المصالح الاستعمارية في العالم لاتخاذ عقوبات للمرة الرابعة ضد إيران بحجة أنها تسعى لامتلاك السلاح النووي، وبدأ أركان الإدارة الأمريكية يتسابقون لتأدية فروض الطاعة للكيان الصهيوني بعد أن أوهموا البعض بأنهم يختلفون عن سابقيهم من الإدارات الأمريكية السابقة.
إن الإدارة الأمريكية الحالية تؤكد حقيقة العلاقة بين الكيان الصهيوني والامبريالية العالمية ولم تستطع كل الأصبغة والمساحيق التي ابتدعتها الإدارات الأمريكية وسوقتها عبر كل وسائل الإعلام الغربي والعربي الواقع تحت تأثير سحرها أن تغطي على اللون الحقيقي لهذه العلاقة القائمة على التحيز والدعم الكامل والارتباط المصيري بين القوى الرأسمالية الامبريالية في الغرب وبين القوى الصهيونية في الكيان الصهيوني، بل إن المطلع على التاريخ البشري يتأكد له أن القوى الرأسمالية الغربية بالتحالف مع اليهود هم من ابتدعوا الحركة الصهيونية وسهلوا لها لقيام كيانها العنصري في فلسطين لكي تلعب دور كلب حراسة لمصالحهم في المنطقة، فالسيدة كلينتون ورئيسها السيد أوباما يعبران عن الدور المرسوم لهما كغيرهما من أركان قادة الامبريالية في العالم والقوى التي ارتبطت في الحركة الصهيونية العالمية وبالتالي ليس مستغرباً أن تعلن الإدارة الأمريكية على أن أمن الكيان الصهيوني وحمايته ودعمه في المجالات المختلفة أولوية واستراتيجية ثابتة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وأطلقت التهديدات لكل من سورية وإيران وحزب الله.
والملاحظ أن هذه الإدارة تخاطب سورية وإيران وقوى المقاومة وكأنها إحدى جزر الموز، مهددة ومتوعدة، محملة إياها الحرب والسلم في المنطقة!، متناسية بوقاحة إن الذي يتسبب في الكوارث والجريمة والقتل والتدمير هو ابنتها اللقيطة في المنطقة وكر الإرهارب الدولي، لقد نسيت القوى الامبريالية أن أبناء هذه المنطقة يعودون إلى حضارة عريقة وخاصة أبناء سورية قلعة العروبة، وسدنة المقاومة، وأنها تملك من القوة ما جعلها لاعباً قوياً وأساسياً في المنطقة وهي تملك أوراقاً قوية ولا يستطيع أحد تجاهلها وسورية قيادة وشعباً لا تفرط بثوابتها وكرامتها وخاصة ما يتعلق بالكرامة والأرض والسيادة وتاريخها يشهد أنها لم تتلق الأوامر من أحد. هذا ما كان في الماضي، وهذا ما هو في الحاضر، وهذا ما سيكون في المستقبل.
إن الإدارة الأمريكية وجهت الرسائل إلى العنوان لخطأ، فمثل هذه الرسائل لا توجه لسورية التي وقفت في وجه العواصف الامبريالية منذ مطلع السبعينيات بقيادة القائد الخالد حافظ الأسد ومن يقودونها اليوم هم أبناء القائد الأسد الذين تربوا في مدرسته الوطنية والقومية وجوهرها المقاومة وعدم التفريط بالحق والأرض والكرامة، وإذا كانت القوى الامبريالية خلال السنوات الماضية لم تستطع أن تركع سورية في أحلك الظروف فهي لن تستطيع أن تركعها اليوم لأن موقفها يستند إلى الشعب العربي وهي تمتلك قيادة وطنية وقومية متلاحمة مع شعبها في وحدة قل نظيرها في العالم، وتملك أصدقاء شرفاء في العالم مخلصين وخاصة إيران التي صرح نائب رئيسها رداً على التهديدات الأمريكية الإسرائيلية بالقول: سنقطع أرجل إسرائيل إذا ما حاولت الاعتداء على سورية.
وأكد السيد حسن نصر الله على أن المقاومة جاهزة للرد على أي عدوان وإلحاق الهزيمة به كما أن إيران لن تتخلى عن دعم المقاومة وحقوق الشعب العربي الفلسطيني والوقوف في وجه المشروعات الاستعمارية الموجهة للمنطقة.
وهذا ما بدأته تركيا التي اكتشفت زيف السياسة الصهيونية وخداعها وعدائها لشعوب المنطقة وحقدها على العرب والمسلمين فوقفت موقفاً مشرفاً للجم هذه السياسة المتغطرسة. وعلى الرغم من أن البعض الذين وقعوا في سحر الامبريالية تسابقوا ليمهدوا الطريق أمام المخططات الجديدة للإدارة الأمريكية التي تلعب لعبة الخداع وكسب الوقت لتتفرغ لترتيب المنطقة حسب المشيئة الصهيونية من خلال بدعة ما يسمى المبادرة الجديدة للسلام والتي وافق عليها بعض العرب من خلال المفاوضات غير المباشرة.
لكننا وكما يقول المثل العربي «من جرب المجرب عقله مخرب» فلقد جربت الأمة العربية عشرات المبادرات والوعود، وكلها كانت مزيفة، هدفها واحد، وهو مصلحة الكيان العنصري الصهيوني.