وهي خطوة ذات معانٍ كثيرة، بات يترتب على الإدارة الاميركية وضع ثقلها في الموضوع، وخاصة أن عدم وضع رئيس لإدارة المخدرات الاميركية ساعد على انتعاش خلايا تهريب السلاح على طرفي الحدود، حتى وصلت عمليات التهريب الى أرقام مخيفة، الأمر الذي زاد من قوة وسلطة تلك العصابات والتي كان من بين ضحاياها دبلوماسيون اميركيون في المكسيك .
واللافت في الحرب الطاحنة التي تدور بين عصابات المخدرات في المكسيك، دخول عنصر قاتل جديد في هذه الحرب هو الإرهاب الذي يطول مدنيين ، حيث فجرت عصابة مخدرات كبيرة سيارة مفخخة وسط مدينة سيوداد خواريس، مثيرة بذلك شبح إرهاب بمحاذاة الحدود مع ولاية تكساس الأميركية على شاكلة ما يحدث في مناطق من الشرق الأوسط،.
والهجوم الذي أعقب اعتقال عضو قيادي في العصابة، استهدف سيارتي شرطة في خواريس، وأسفر عن مصرع ضابطين من الشرطة الفيدرالية وإصابة 11 شخصاً آخرين بجروح، من بينهم عدد من المارة. وقد تبنت عصابة خواريس المسؤولية عن الهجوم وحذرت في رسالة مكتوبة بخط اليد من أن مزيداً من السيارات المفخخة جاهز للتفجير، إذا لم توقف الشرطة الفيدرالية انحيازها لعصابة «سينالوا» المنافسة، وهو إدعاء تكرره العصابة منذ سنوات وتنفيه الحكومة.
وفي البداية، قلل المسؤولون الفيدراليون والمحليون من شأن الهجوم ، حيث قال وزير العدل : لا توجد أدلة على ظهور «إرهاب المخدرات» في المكسيك، ولكن خبراء يرون أنه يمثل تصعيداً واضحاً لمستوى التهديد. ويقول ألبيرتو إيسلاس، المستشار الأمني في مكسيكو سيتي: إن تكلفة الإرهاب باتت منخفضة وباتت التكنولوجيا متاحة للجميع، وخاصة عندما يكون ضباط الجمارك لديك غير فعالين في منع دخول المواد المتفجرة ،معتبراً أن لجوء العصابة الى هذا النوع من التصعيد هدفه اظهار القوة، وإضعاف الدولة وترهيب السكان.
واذا كان بعض الخبراء عبروا عن شكهم في أن تكون أي عصابة قد اكتسبت القدرة على صنع قنبلة قادرة على التسبب في دمار واسع، غير أن ستراتفور، وهي شركة أمنية يوجد مقرها في أوستن بولاية تكساس، ترى أن استمرار جهود عصابات المخدرات في تصعيد القتال إنما يشير إلى احتمال أن يتحول المدنيون إلى ضحايا .
وأوضح القائد العسكري الأعلى في سيوداد خواريس بأن السيارة كانت تحتوي على10كيلوغرامات من المتفجرات التي تم تشغيلها بواسطة هاتف متحرك، مضيفاً أن المحققين يحاولون تحديد إذا كان شخص ما تولى قيادة السيارة وقت الانفجار، أو أنها كانت متوقفة في الشارع.
وأعقب الهجوم اعتقال قائد بارز مفترض في عصابة خواريس هو خيسوس الـ35 الذي يفترض أنه عضو مهم في أنشطة العصابة في منطقة خواريس، وله دور في هجمات على قوات الأمن المكسيكية، كما أنه ضالع في عمليات الاختطاف، وتهريب المخدرات، والابتزاز.
وتخوض عصابة خواريس بالتعاون مع عصابة تعرف باسم «لا لينيا» حرباً مفتوحة ضد عصابة «سينالوا»، التي يقودها خوكان جوسمان، تاجر المخدرات الذي يعد من أكثر المطلوبين في المكسيك وواحداً من أغنى الرجال في العالم، حسب مجلة «فوربس».
يذكر أيضاً أن عصابة خواريس، التي يقودها فيسنتي فوينتيس، لطالما اتهمت الحكومة الفيدرالية بتلقي رشاوى من الجانبين وبالتآمر مع عصابة «سينالوا»، وهو اتهام تنفيه الحكومة بشدة.
وبينما يحاول المسؤولون التقليل من أهمية ما حدث حيث اعتبر عمدة خواريس، خوسي رييس فيريس أنه لم يكن يستهدف المدنيين ، بل إن ما جرى هو حرب بين عصابتين من عصابات الجريمة المنظمة تتقاتلان حول المدينة وتقومان بمهاجمة الشرطة أيضاً، ولكن ليس السكان المدنيين، لكن سلطات أخرى قالت: إن الهجوم يمثل مستوى جديداً من العنف في بلد كان فيه حجم ووتيرة العنف عاديين، حيث شهدت الأشهر الأخيرة جرائم قتل جماعي متعددة في مراكز معالجة الإدمان وهجمات متطورة على السلطات الأمنية. وتفيد الحكومة الفيدرالية بأن أكثر من 24800 شخص قتلوا في أعمال عنف مرتبطة بالمخدرات منذ قيام الرئيس فيليبي كالديرون بنشر الجيش ضد عصابات الجريمة المنظمة عام 2006. ويذكر أيضاً أن جزءاً كبيراً من أعمال العنف يحدث بمحاذاة الحدود مع ولاية تكساس الأميركية، وتمثل مدينة سويداد خواريس بؤرته، حيث قُتل أكثر من 6 آلاف شخص منذ اندلاع أعمال العنف هناك بقوة مطلع 2008 .
وفي خواريس، المتوترة أصلاً، يؤكد السكان تنامي التهديد . وأدلى ألفريدو كويخانو، رئيس تحرير جريدة «نورتي دي سويداد خواريس»، بتقييم قاتم قائلاً: إن التصعيد يزداد، حيث بدأ الأمر كمعركة داخلية بين المدمنين، ثم تطور إلى قتال بين العصابات على الطرق. والآن بدأنا ندخل مرحلة جديدة حيث تستعمل العصابات أي شيء لترهيب مجتمعنا وإظهار الشرطة الفيدرالية على أنها غير فعالة عملياً، وخاصة من حيث جمع المعلومات الاستخبارية. وبالتالي، فمن الأرجح أن الأمور ستزداد سوءاً.
بقلم: الفريدو كورتشادو