|
رسول حمزاتوف.. شاعرالكلمة الأصيلة كتب
سأعلقها على قممك) اشتهرت داغستان في عوالم الشعر بفضل العشق الكبير الذي كنه له أحد شعرائها الكبار. رسول حمزاتوف الذي رحل في الثالث من تشرين الثاني من عام 2003 حين رحل رسول حمزاتوف شاعر الحب والجمال والكلمة الأصيلة يقول مترجم المجموعة د . ابراهيم استنبولي في مقدمته للكتاب (سنوات مضت من دون رسول.. وكأنه لم يغادرنا قط، سنوات انقضت ونحن إلى الآن لم نألف غيابه، بل إن دفء قصائده لايتوقف عن التوقد نسي آذان محبيه وإن نور كلماته وحكمته لايزال يفيض في أرواحنا، نحن الذين عشقنا أشعاره فانسكبت ألحانه في دمائنا أغنية عصية على الزمن، كماهي جبال داغستان راسخة شامخة أبد الدهر.
كان رسول بمثابة الصخرة والقمة الرائعة التي نستشرف الآفاق من عليها، كان حصناً روحياً بالنسبة لنا وكان سداً منيعاً في وجه أولئك الذين أرادوا الانقضاض على إنسانيتنا وعلى روحانيتنا وقد تحول هو وإبداعه إلىجزيرة نجاة في محيط من البغض والحقد، وراحت أمواجه تضرب بزماننا وبقيمنا لذلك رحنا نلتقط الكلمة السحرية في شعره كما يتمسك الغريق بقشة في لجة الأمواج العاتية والعدائية. لقد اجتمعت في إبداعه عدة عناصر شعرية: الشعر الغنائي، الأدب الملحمي والتأملات الفلسفية بخصوص الزمن والذات كما أدهش معاصريه رهافة حسه تجاه العالم، ولسوف تدهش الأجيال القادمة، فقد كان الفتى الجبلي من قرية تسادا الآفارية الصغيرة. يراقب من فوق هضابها الصخرية ذلك العالم الكبير الذي أسكنه أشعاره ذلك أنه منذ كان طفلاً صغيراً وهو يتفاعل مع جميع الأحداث العالمية دون أن ينسى جذوره العميقة مطلقاً. وكما الحمل وقد أضحى بين أنياب ذئب، تنظر قريتي إلى الأسفل محصورة بين الجبال. . كما العيش الهش في الصخور العالية،يقف بيتي معلقاً فوق الهاوية، أنا ولدت لداغستانية فقيرة، في أصعب عام من أعوام الجوع. كان إيقاع قلبه يتناغم مع إيقاع الكرة الأرضية باستمرار وهذا ماجعله عن حق شاعراً عالمياً بامتياز، فقد كان رسول الذي تأثر في شبابه بتقاليد مايكوفسكي،يميل إلى ناحية نحو الشعر الجماهيري شعر المنابر الشعبية والحشود ومن ناحية ثانية كان يتمتع بغنائية وسعة اطلاع طالما تميز بها شاعر روسيا الكبير الكساندر بوشكين، كما كان يحب أن يردد كلمات الشاعر الألماني العظيم هانييه «إن الصدع الذي قسم العالم، يمر عبرقلبي» لكن رسول لم يكن في يوم من الأيام شاعر المناسبات الرسمية قط، لأن اهتمامه بما كان يحدث في العالم لم يكن مصطنعاً بل كان جزءاً لايتجزأ من تفكيره الجدي والعميق بشأن كل حدث شاءت الظروف أن يكتب عنه: (شكراً للدروب وقد جدلت منها حبل، حملت العالم على ظهرك، كما الجرة،وقوس قزح،وهو يشتعل انتصب بحدق عندما لامس القمم الحجرية، شكراً- فقد نجوت من هذا الشتاء والصيف مر- للأسف- كلحظة! المصير لم يغف من الكأس). ولد رسول حمزاتوفيتش في الثامن من أيلول عام 1923 في قرية تسادا من ناحية هونزاخ في جمهورية داغستان ذات الحكم الذاتي السوفييتي (إحدى جمهوريات الاتحاد الروسي حالياً) في عائلة شاعر الشعب الداغستاني الحائز جائزة الدولة للاتحاد السوفييتي، تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة أرانيا وفي معهد التربية الآفاري وبعد تخرجه من المعهد عمل مدرساً ومساعد مخرج في المسرح الآفاري الحكومي ثم مراسلاً ورئيس قسم في جريدة «بلشفي الجبال» ومحرر برامج راديو داغستان باللغة الآفارية في أعوام 1945-1950 تابع تعليمه في معهد غوركي للآداب في موسكو وبعد تخرجه منه تم تعيينه رئيساً لاتحاد كتاب داغستان حيث ظل يعمل في هذا المنصب حتى يوم وفاته. بدأ حمزاتوف كتابة الشعر من عمره ثم راح ينشر أشعاره في جريدة «بلشفي الجبال»التي كانت تصدرباللغة الآفارية وكانت توزع في أنحاء داغستان أصدر أول مجموعة شعرية في عام 1943 وكان عمره عشرين عاماًفقط وفي السنة نفسها انتخب عضواً في اتحاد الكتاب لعموم الاتحاد السوفييتي، صدرت له منذ ذلك الحين عشرات الكتب في الشعر والنثر والأدب الاجتماعي وفي مختلف اللغات في داغستان وجمهوريات القفقاس ومختلف بلدان العالم ومنها «قلبي في الجبال النجوم العالية ، حافظوا على الأصدقاء الغرانيق، حكايات، عجلة الحياة عن الأيام العصيبة في القفقاس، داغستان بلدي). تم تحويل الكثير من أشعار رسول حمزاتوف إلى أغان وقام بتلحينها عدد من أفضل الملحنين في داغستان وروسيا والقفقاس. تحتوي المختارات قصيدة بعنوان فاتمات -اسم زوجته- حيث يقول لها: (إذاما شاء القدر وقذف بي إلى الغابات، وكان مسموحاً لي، أن آخذ معي كل ما أنا بحاجة إليه، كل ما أريد- فإنني سآخذ صورتك سوف أحفظها كما التعويذة. في المطر وفي الضباب.. أنا لا أعرف ماذا يرسل لسيدته، السيد أو النبيل الانكليزي من الغابات، أما أنا فسأكتب على ورقة نخيل، على وقع الصفير الساحر، لسوناتا بتراركي، وسأضيف إليها أشعاري- مع ابتهال- خاشع- لاتنسني- وسأرسلها إليك) كان رسول حمزاتوف أسطورة حية للشعر، كان شاعر دولة عظمى، وبهذا كان يفاخر، ولم يتخل عن هذا اللقب أبداً، ولذلك فقد انعكس انهيار الدولة التي عاش فيها وأبدع بقسوة على صحته إذ كان يعاني ويتألم لكل مايحدث في البلاد، ولأنه إنسان صادق ومنفتح فقد عاش بصمت عدة سنوات دون أن يغادر منزله نهائياً، كان يسعى دوماً لمواجهة الكراهية بالحب، وخصوصاً في الأعوام الأخيرة» إني أحمل إليك جليد الملامات، إنه كالمطر الذي يهطل خلف الجبل في البداية يكون ثلجاً، ولكنه بينما يسقط من عل يذوب قبل أن يلامس الأرض، أمشي كما مشيت مئة مرة من قبل أحسب أني سأبوح بمافي روحي لكن أصمت، فالدموع التي تهطل من عينيك الآن بتلك السهولة تعميني، تخنقني أنا -وليست أنت) الكتاب رسول حمزاتوف- مختارات شعرية،إعداد مترجمة د. ابراهيم استنبولي «الكتاب الشهري الثاني والثلاثون 2010 » الهيئة العامة السورية للكتاب - يوزع مجاناً مع جريدة البعث.
|