تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تقريرعن الشباب السوري من المدرسة إلى سوق العمل ...دور متواضع لمؤسسات التشغيل ...و الزراعة والصناعة تستوعبان الأكثرية... 79٪ ممن يعملون في وظائف مدفوعة الأجر

شباب
الأربعاء 18-8-2010م
غصون سليمان

مسوحات انتقال الشباب في سورية من المدرسة إلى سوق العمل يبرز بوضوح الميزات الاقتصادية والاجتماعية للشبان والشابات, ولعل أهم ميزة هي في المستوى العالي لغير الناشطين اقتصادياً من الشباب والثانية تتمثل في مشكلة البطالة المتفاقمة بين هؤلاء إذ تتركز بشكل أساسي بين الشباب ذوي التحصيل العلمي الابتدائي والثانوي

وعادة ما تكون مدتها طويلة في حين تكمن الميزة الثالثة بأن التحصيل العلمي للشبان والشابات متدن إلى حد كبير والأمر الرابع هو أن أغلبية الشباب العاملين إما يعملون في وظائف غير مدفوعة و إما في وظائف مدفوعة لكن لساعات طويلة وبأجور متدنية يضاف لذلك الهوة الكبيرة بين الجنسين بالنسبة لهذه المسائل.‏

هذا ما توصل إليه الجهد الميداني العلمي المشترك الذي قامت به وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والمكتب المركزي للإحصاء ومنظمة العمل الدولية حول انتقال الشباب من المدرسة إلى سوق العمل في بلدنا كما ورد آنفاً.‏

المعطيات غنية جداً اعتمدت على تحليل العينات المختارة بشكل مفصل عبر خمسة فصول مبوبة تضمنت المنهجية واستعراض سوق العمل وميزات الشباب في مسح العينة ومراحل الانتقال وخلق الوظائف للشباب وأخيراً أهم ما توصل إليه البحث من تلخيص واستنتاجات وتوصيات السياسات وذلك بإشراف ومتابعة الدكتور سفيان العيسة.‏

منهجية المسح‏

حيث هدفت منهجية مسح الانتقال من المدرسة إلى سوق العمل إلى جمع وتحليل المعلومات حول مختلف التحديات والسلوك والأوضاع التي تؤثر على دخول الشباب إلى سوق العمل وصمم المسح ليلتقط هذه العوامل والتجارب المحددة للشباب والشابات في الحقبة بين مغادرة المدرسة وصولاً إلى الدخول (التشغيل) في وظيفة منتظمة أو احتراف مهنة ما وتحدد منظمة العمل الدولية انتقال الشباب من المدرسة لسوق العمل على أنه مرور الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 سنة حسب التعريف من نهاية المدرسة إلى أول عمل في الحياة المهنية أو عمل منظم ويشكل العمل ذو المستقبل المهني مفهوماً ذاتياً غير موضوعي يرتكز على التقييم الذاتي الحائز في العمل.‏

وقد صممت المنظمة المذكورة مسحين لقياس واقع تجربة الشباب لدى دخولهم إلى السوق حيث الاستبيان الأول موجه إلى الأفراد بسن 15 إلى 24 والثاني إلى أصحاب العمل والمديرين الذين يوظفون العمال الشباب وعلى ضوء أهداف المسح قسمت سورية إلى أربع مناطق جغرافية: هي الشمال والشرق والوسط والجنوب واختيرت خمس محافظات لتمثيل المناطق، حلب، حماة، طرطوس، دمشق وريفها.‏

واعتمد مسح السكان والإسكان لعام 2004 كإطار للمسح واعتمدت نتائج الحصص في كل فئة مستهدفة (العمل، الطلاب، العاطلين عن العمل، وغير الناشطين اقتصادياً للفئة العمرية (15-24) سنة حيث قدر حجم عينة الشباب بألفي فرد وزعت العينة بنسبة 60٪ في المناطق الحضرية و 40٪ في المناطق الريفية.‏

دور متواضع‏

التقرير يكشف في استنتاجاته أن المؤسسات التي تتعامل مع مسائل التشغيل في سورية تلعب دوراً متواضعاً في مساعدة الشباب على الانضمام إلى سوق العمل ويستخدم هؤلاء وسيلتين غير رسميتين للبحث عن عمل هما الأقارب والأصدقاء والزيارات المباشرة إلى الشركات في حين يظهر تقييم التقرير أن الشباب والشابات الذين لم يبدؤوا بعد مرحلة الانتقال من المدرسة إلى سوق العمل لا يركزون إلى حد كبير على العمل في تفكيرهم فهم يؤكدون دور العائلة والزواج ومسائل الدراسة دون النظر المطلوب في خيارات أخرى تتعلق بالحياة المهنية وبناء خطة ملموسة للعمل المستقبلي حيث يركز الشباب الذين بلغوا مرحلة الانتقال أكثر على العمل فيما الشابات أكثر اهتماماً بمسائل العائلة والزواج.‏

عراقيل عديدة‏

وفي مرحلة الانتقال يواجه الشباب عراقيل عديدة في إيجاد وظيفة فيها مستقبل مهني وتكمن هذه العوائق برأي التقرير في مستوى التعليم المتدني وندرة الوظائف في السوق يضاف لذلك ضعف الخبرة العملية والأجور المتدنية في سوق العمل وفي هذا السياق تظهر البيانات أن حوالي ثلث الشباب في مرحلة الانتقال يريدون الهجرة إذا ما أتيحت لهم الفرصة للقيام بذلك مع ملاحظة أن الذين أكملوا مرحلة الانتقال قد اختبروا انتقالاً صعباً.‏

التعليم والصحة أكثر استقطاباً‏

ووجد التقرير وفقاً لتحليل عينات المسح أن شريحة الشباب ممن أكملوا مرحلة الانتقال عادة ما يعملون في مجال الخدمات والانتاج إلا أن قطاعي الزراعة والتصنيع يوظفان أكبر نسبة من الشباب فيما توظف قطاعات التعليم والصحة والعمل الاجتماعي غالبية الشابات اللواتي أكملن مرحلة الانتقال ويبدو أن هذه النتائج تشير إلى محدودية الفرص المتاحة في مجال الوظائف المهنية و هذا مدعوم بأدلة من المسح الذي استهدف أصحاب العمل، لافتاً إلى أن سوق العمل يحتاج في بلدنا إلى أن يتغير من أجل إتاحة استيعاب العدد المتزايد للشباب في القوى العاملة ما يستوجب تدابير من جهة الطلب وسياسات فاعلة في سوق العمل حيث يتوسع التقرير بهذا الجانب في تحليل العوامل التي تؤثر على طبيعة انتقال الشباب من المدرسة إلى السوق والتحديات التي يواجهونها في هذه المرحلة بغية النظر في ممارسات التوظيف والمعايير التي يستخدمها أصحاب العمل حين توظيف هؤلاء إذ يظهر أن الموظف الرئيسي للشباب هي المؤسسات الصغيرة التي يملكها أفراد فيما المؤسسات التي توظف الشباب تعمل بشكل أساسي في الصناعة والبيع بالجملة والتجزئة والأنشطة المتعلقة بالخدمات، أما توظيف الشباب في مؤسسات تعمل في أنشطة البناء والنقل والفنادق والمطاعم فهو متواضع جداً برأي نتائج التقرير.‏

الأقارب والأصدقاء أولاً‏

هذا وقد أظهرت البيانات أن أصحاب العمل الذين يوظفون الشباب عادة ما يلجؤون إلى وسائل غير رسمية في التوظيف (الأقارب والأصدقاء) ويبدو الدور الذي تلعبه مؤسسات التعليم والتدريب ومكاتب التشغيل في تعزيز توظيف الشباب متواضعاً للغاية مع الوسائل والطرق الأخرى ما يعني أن فرص العمل التي تقدمها تلك المؤسسات محدودة للغاية.‏

وفي التفاصيل الكثيرة فإن وجهة نظر أصحاب العمل بناء على تجربتهم مع مقدمي الطلبات الشباب فعلى ما يبدو أن عدداً كبيراً منهم يعتبر أن قدرات ومهارات مقدمي طلبات الشباب متواضعة عموماً ويعتبر عدد آخر من أصحاب العمل أن لدى الشباب مقدمي الطلبات نسبة كبيرة من الانضباط وهم مستعدون للالتزام في عملهم ولديهم توقعات واقعية بالنسبة إلى شروط العمل.‏

تحسين مخرجات السوق‏

وحسب التقرير تشير الأدلة في المسح بوضوح إلى أن سورية تحتاج إلى رؤية بالنسبة لمستقبل سوق العمل فيها واستراتيجية لتحسين مخرجات سوق العمل الخاصة بالشباب ولاسيما أن بطالة هذه الشريحة مرتفعة نسبة إلى وضع التشغيل بشكل عام ما يجعل من الضروري التركيز على تطوير سياسات عمل وطنية لتصبح أولوية ضمن سياسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية وهذا يستوجب مواجهة التحديات التي تواجه الشباب بتحويل هيكل سوق العمل، على اعتبار أن البطالة المتزايدة والانتاجية المتدنية سوف يقللان من مستوى الأداء الاقتصادي ورفاه اليافعين وإذا أمكن تخطي هذه التحديات فإن وضع الاقتصاد السوري سوف يتعزز عموماً والشروط المتاحة للشباب في سوق العمل ومستوى عيشهم سوف يتحسنان بشكل خاص ولتحقيق ذلك فإن مواجهة التحديات تستوجب مقاربة شاملة تعمد إلى إصلاح سياسات سوق العمل والأنظمة التي ترعاه بغية تصميم السياسات والبرامج التي تستهدف من يريد العمل، حيث من المهم تسليط الضوء على أن كل المشكلات والتحديات في السوق متداخلة ومن هنا فإن معالجة مسألة تشغيل الشباب كما يجب أمر ممكن في سورية حسب التقرير وذلك عبر تنسيق الجهود ومختلف السياسات والبرامج والتغيرات الهيكلية في سوق العمل.‏

تعزيز قابلية التشغيل‏

وتحت هذا العنوان يصف التقرير بوضوح الحاجة إلى تعزيز قابلية الشباب والشابات للتشغيل حيث يكشف من ناحية العرض أن مجموعات كبيرة منهم لديها مستوى متدن ويفتقرون إلى الكثير من المهارات الضرورية كي يسلكوا حياتهم المهنية بشكل منتج ما يستدعي التحرك عبر مجموعتين أساسيتين، الأولى تنطلق في تعزيز وتوسيع نطاق النفاذ إلى التعليم والتدريب والثانية في تحسين مستوى التحصيل العلمي ومعالجة مشكلة عدم مواءمة المهارات مع طلب سوق العمل للشباب ووجوب إيلاء الأولوية إلى زيادة كمية وجودة الوظائف المتاحة للشباب.‏

أما المحرك الجديد لاستحداث الوظائف فيقوم على تعزيز المبادرة الذاتية المستدامة.‏

مؤشرات‏

يشير المسح إلى سمات عامة للشباب السوري ويظهر أن غالبية الشباب الذين شملهم المسح هم عازبون ويعيشون في منازل يملكونها (منازل العائلة) مقارنة مع بيوت مستأجرة وتربطهم علاقة الابن والابنة برأس الأسرة.‏

أكثر من 85٪ من الشباب يرون أن السن المناسب للزواج يتراوح بين 20 و 29 سنة، فيما اعتبر أكثر من 93٪ أن السن المناسب لزواج النساء يتراوح بين 15، 24 سنة مع إعلان 46٪ من الشباب بوجوب أن تتزوج المرأة بسن 15 إلى 19 سنة، علماً أن ظاهرة الزواج المبكر أكثر انتشاراً في الممارسة، حيث إن 83٪ من النساء المتزوجات قد تزوجن بسن 15 إلى 19 سنة ويأتي المصدر الأساسي للدخل بالنسبة إلى غالبية أسر الشباب من التشغيل.‏

أما الميزات الرئيسية للشباب العاملين فإن حوالي 79٪ من هؤلاء يعملون في وظائف مدفوعة وأن 11.2٪ في وظائف عائلية غير مدفوعة الأجر و 9.8٪ ممن يعملون لحسابهم الخاص، وغالبية الشباب العاملين تتركز في مجالي الخدمات والانتاج منها 46.5٪ مصنفة في الخدمات و 29.3 في الإنتاج، في حين أتت نسب الشباب الذين ينجزون عملاً إدارياً تقنياً أو مكتبياً متواضعة أي 6.1٪ و 4.2٪ و 4.4٪ على التوالي، بينما تتركز أعلى نسبة من الشباب في الزراعة وصيد الطيور والغابات وصيد السمك 22.5٪ مقارنة مع 14.9٪ و 14.5٪ في قطاعي البناء والتصنيع أما في الصناعة فالنسبة 33.7٪ و 35.2 بالخدمات.‏

باختصار إن التقرير المشار إليه اعتمد على مؤشرات اقتصادية واجتماعية مختارة من عام 1999 لغاية 2004 إضافة إلى مؤشرات سوق العمل والتوزيع القطاعي للتشغيل لنفس الفترة وبعض البيانات الأخرى للعام 2005.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية