تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


النحت الواقعي في قلعة دمشق .. ردّة فعـــل علــى قســاوة النحــت الهندســــي‏



ثقافة‏
الأربعاء 18-8-2010م‏
أديب مخزوم‏

الجسد الأنثوي العاري موضوع قديم وحديث يطل في أعمال مجمل الفنانين المشاركين في ملتقى النحت الواقعي في قلعة دمشق،‏

وهذا الموضوع سجل بداية انطلاقة النحت السوري، منذ أكثر من ستة عقود، ولاسيما في تجارب الفنان الراحل جاك وردة، الذي قدم منحوتات واقعية بامتياز، وبالحجم الطبيعي لجسد المرأة، ولقد دارت بينه وبين أنصار الاتجاهات التعبيرية الحديثة ما يشبه الحرب الخفية، في مرحلة الخمسينيات ومطلع الستينيات.‏‏‏

مغالطات نقدية‏‏‏

ولكن ما مفهوم النحت الواقعي، وهل التزم المشاركون في ملتقى النحت الواقعي بمرتكزاته وبقواعده الاتباعية الثابتة؟‏‏‏

بالطبع عندنا نقاد لا يميزون في كتاباتهم بين الواقعية والكلاسيكية، مع العلم أن المدرسة الكلاسيكية (المثالية) سبقت الواقعية في أوروبا بأكثر من خمسة قرون، وهي الفترة الواقعة بين فنون عصر النهضة وواقعية القرن التاسع عشر (واقعية كوربيه واتباعه).‏‏‏

هناك آراء ومواقف تشكيلية موضوعية من الضروري مناقشتها وتحليل معطياتها، لأن التغاضي عنها يزيد من حدة التداخل والالتباس بين ما هو واقعي وما هو غير واقعي في النحت وفي مجمل الفنون الإبداعية.‏‏‏

للوهلة الأولى نشعر حين نتأمل أعمال الملتقى، أن اختيار موضوع المرأة من قبل المشاركين جاء موفقاً إلى حد ما، ولكن حين نتمعن أكثر في بعض الأعمال المنجزة ينتابنا شعور حقيقي أن بعض الأعمال تحمل ملامح واقعية متداخلة مع نفحات ليست واقعية، وبعبارة أخرى نستطيع القول إن تفاصيل التشريح الجمالي في النحت الواقعي يجب أن تكون مطابقة تماماً لعناصر الواقع، ولهذا تستعين متاحف الشمع العالمية بنحاتين واقعيين في خطوات إعداد تماثيل شمعية لشخصيات شهيرة وخالدة.‏‏‏

مقاربة تحليلية‏‏‏

ومن المعروف أن نحت الجسد الأنثوي العاري يعتبر من أصعب الفنون التشكيلية، ولهذا تكرس الموديل العاري الحي في مسابقات اختبار قدرات المتقدمين لأكاديميات الفنون، ولا يكفي في هذا الإطار إيجاد حالات الشبه في قسمات الوجوه، وإنما التعبير عن الموضوع بحيوية وإظهار إيقاعات الاتقان والتناسب والتعبير عن روح الشخصية بعيداً عن الصياغات التسجيلية الباردة والجامدة.‏‏‏

وبمراجعة نقدية ومقاربة تحليلية يكتشف المشاهد خلال تنقله بين الأعمال النحتية المنجزة في ملتقى النحت الواقعي أن هناك تفاوتاً واضحاً في القدرة على النحت الواقعي الصحيح، حتى إن الملتقى يكشف بوضوح عن عدم قدرة البعض على صياغة منحوتة واقعية مقارنة مع المستويات الرفيعة والمتطورة التي ظهرت في أعمال آخرين مع تقديرنا للنحات أكثم عبد الحميد الذي شارك وقام بتنظيم هذا الملتقى، والملتقى الذي سبقه بفترة قصيرة، ومشاركة الأجانب في هذه الملتقيات لها مردودها المعنوي المهم، وهي تساهم في إثراء مشاريع الأنصاب النحتية، وتوفر فرصاً طيبة للغاية للقاء والتعارف وتبادل الأفكار.‏‏‏

عقدة الصنم‏‏‏

وملتقيات النحت نريدها أن تتواصل، رغم بعض الأصوات المنتقدة، لأنها أولاً تساهم في تغيير نظرة المجتمع إلى النحت، وبالتالي تعمل على كسر المفهوم الخاطئ الذي يربط المنحوتة بالصنم وبالتحريم.‏‏‏

هكذا تبدو ملتقيات النحت على عواهنها بمثابة ثورة على بعض عادات المجتمع العربي، ومظاهره الكاذبة التي تعوق تطلعات الإصلاح والتطور ومواكبة العصر.‏‏‏

وملتقى النحت الواقعي يأتي كردة فعل أساسية على قساوة معطيات التيارات الفنية الهندسية والعقلانية، التي اتبعت في معظم الملتقيات السابقة ايقاعات المكعبات والمستطيلات والكرات والزوايا والخطوط المستقيمة وغاصت في مسائل تصميمية بحتة بعيدة كل البعد عن معطيات الإبداع والابتكار.‏‏‏

ومن أهم إيجابيات ملتقى النحت الواقعي أنه يساهم في إعادة الاعتبار إلى الفن الواقعي في النحت والرسم على السواء، بعد مرحلة المراوحة في عرض النتاج العبثي والسطحي، الذي سيطر منذ سنوات على عدة صالات في دمشق adibmakhzoum@hotmail.com ">والمحافظات‏

adibmakhzoum@hotmail.com

adibmakhzoum@hotmail.com ">"السورية.‏‏‏

adibmakhzoum@hotmail.com ‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية