أعني وفاة ولودة واحدة كل دقيقة : نصف مليون ولودة متوفاة في السنة الواحدة عبر العالم بسبب مضاعفات الحمل والولادة معاً ... إنه وضع مثير للرعب دفع بهيئة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي كما المنظمة العالمية للصحة والبنك الدولي إضافة لمنظمات حكومية كثيرة مؤخراً إلى قرع ناقوس الخطر .
وفي هذه الحالة مالبثت الأمم المتحدة في اتخاذ تدابير صارمة لتقليص ثلاثة أرباع نسبة الولودات المتوفيات عام 2015م والاهتمام أكثر بطب الأمومة والولادة ليصبح آمناً وسهلاً بالفعل إحدى المنظمات غيرالحكومية أوكسفام أطلقت منتصف آذار الجاري نداء عاماً طرق مسامع بعض كبار أطباء العالم ومحاميه الأخيار فجندوا أنفسهم لمكافحة الجهل والإهمال في مجال طب الأمومة وبخاصة في الصحراء الأفريقية وجنوب آسيا حيث الجهل متفش في مجال التخطيط الأسروي والسيطرة على عامل الخصوبة عند المرأة ، واستعمال الوسائل الاصطناعية الحديثة لمنع الحمل بنسبة 20٪ ماأدى طبعاً إلى وفاة أكثر من 35٪ من الولودات إضافة إلى الجهل في أخطار الحمول المتكررة والمبكرة جداً .
في عام 2005م توصلت المنظمات غير الحكومية وبصعوبة بالغة إلى إدراك أن الهدف الموجه لتحسين صحة الأمومة يجب أن يكون متجانساً مع الحاجة الملحة للتخطيط الأسروي لكن الصعوبة تلك مازالت جلية واضحة داخل المؤسسات المعنية كما على أرض الواقع .
جزء من هذا الخطأ مرده صعوبات في التمويل لدى البلدان المعنية والتي تجتهد لتخصيص 15٪ من نفقاتها العامة على صحة الأمومة منذ العام 2001م علماً أن المساعدة تلك غير كافية.
وفي هذا السياق يشير أحد أعضاء أوكسفام الخيرية أنه وبحسب المنظمة العالمية للصحة والبنك الدولي يجب تخصيص 26 مليار دولار لكل من قارة افريقيا وجنوب آسيا لتزويدهما بوسائل اصطناعية حديثة لتشجيع تحديد النسل والاعتناء أكثر بطب الأمومة وصولاً لتحقيق الأهداف المرجوة.
إن النهج المتبع في تحديد نسل الأسرة في الهند والصين لم يتم تمثيله جيداً من جانبهما ، فذهبت سياساتهما القسرية في هذا المجال تعمل عكس المرجو والمطلوب مادفع الهيئات والمنظمات المذكورة آنفاً إلى دراسة احصائية معمقة مع الحرص على التأكيد على مفهوم حقوق النساء هناك.
وفي نيجيريا البلد الأعلى خصوبة في العالم حيث التشريع الإسلامي فيها يحظر تحديد النسل ولكن يسمح بالحمول البعيدة زمنياً ، ساهمت الأمم المتحدة بترسيخ برنامج برأسه أطباء عالميون وكان قد أقره الاتحاد الأوروبي عام 2007م لتدريب ومساعدة الأمهات هناك على كيفية ضبط النسل والاعتناء بصحتهن وصحة أجنتهن وتوفير الطبابة المجانية لهن كاملة ، وذلك بالتعاون مع حكومة بلادهن وشيوخ الإسلام فيها، لاسيما وأن 65٪ من الأمهات الشابات لديهن تسعة أبناء عمر الكبير فيهم 20 سنة وبذلك ارتفعت نسبة اللواتي اتبعن تقنيات البرنامج من 8٪ إلى 15٪ بينما النسبة في جنوب آسيا وأمريكا اللاتينية مازالت تتأرجح بين 6٪ إلى 9٪ مع إغفال القارة السوداء.
ولعل معدل نمو الخصوبة في دول صحراء افريقيا وعددها عشرون من 2،5٪ إلى 3٪ يدفعهم حتماً لطلب إعانات خارجية فضلاً عن مساعداتنا لهم والمذكورة آنفاً لإنقاذ نسائهم من موت محتم في حال الجهل والتقصير أثناء الحمل والولادة معاً.
وبحسب الأمم المتحدة فإن متوسط نسبة الأطفال لكل امرأة هناك سيصل في العام 2050م إلى 13 طفلاً وبالتالي سيزداد تعداد السكان بين عامي 2050-2100 إلى 4 مليارات نسمة رغم الجهود الدولية المبذولة التي تعتبر حتى الآن متواضعة جداً في مجال إرشاد وتثقيف النساء الحوامل وتأمين الطبابة المجانية لهن .
لذلك لابد لنا من بذل جهود أكثر وعطاء مادي سخي لتصبح كل امرأة هناك سيدة مصيرها وقادرة على التحكم بخصوبتها الخاصة.