فجاء هذا التقدم ليرمي بكل أحلام وأوهام العدو في جيوب «داعش» المنهزمة والمهترئة والتي لم يتبق لها سوى بضعة كيلومترات تطمر فيها رأس ارهابها، فهو أدرك أن نيران الجيش العربي السوري ستحرقه وتلفظه الى أحضان أسياده،خاصة مع الاعلان عن اقتراب موعد مؤتمر الحوار السوري في سوتشي والذي سيتخلل جولة جنيف الثامنة، من هنا تشهد الجولة الأخيرة من الازمة في سورية كما وجدتها معظم التحليلات تلاطم أمواج الارهاب بين كر وفر واقتتال سيمحيها باليد التي حاولت الاعتداء فيها على الجسد السوري أو بحجج واشنطن وحلفاؤها كورقة أخيرة تحرقها تراجعاً عن هزيمتها.
نصر مدينة البوكمال مع القضاء على كل فلول «داعش» المتبقية، حمل رمزية كبيرة لكونه شتت طرق القيادات البارزة في صفوف «داعش» التي انتشلتها واشنطن خوفاً على من تبقى من ادواتها ليتيهوا في صحراء التنظيمات الارهابية التي أشعلت المنطقة بإرهابها، لتحط رحال ختام «ام المعارك» بنصر حاولت واشنطن منعه من التحقق، الامر الذي حمل معه اعتراف وتسليم اميركي بهذا التطور الكبير الذي خلخل أركان العدو الصهيوني أيضاً بعد ان كان قد اعترف سابقاً أن فتح الطريق البري السوري - العراقي سيكون تهديداً وجودياً كامناً على «اسرائيل « على المدى البعيد وذلك حسب ماصدر مسبقاً عن «معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب».
ومن هنا عادت واشنطن لتلعب في الوقت الضائع عبر تعزيز وجودها مجدداً في المناطق التي تحاول استعمارها عبر زيادة حصص الدعم للقوات التي تدعمها « قسد» وسلمتها 100 عربة مصفحة جديدة بحجة القضاء على « داعش» الذي لم يشارف على التلاشي مع انحصار وجوده في مناطق ضمن جيب مساحته لاتتعدى 7500 كم يتمد من شمال غرب بادية البوكمال إلى جنوب شرق السخنة، وهذا الجيب يتصل مع مناطق تواجد من تبقى من «داعش» شرق نهر الفرات حيث تتواجد قوات « قسد» التي تدعي محاربته عبر خط يمتد بطول 25 كم من شمال البوكمال إلى جنوب الميادين .
بالمقابل ذهبت «قسد» وهي ذراع أميركا، الى محاولة تجنيد بعضا من أبناء عشائر دير الزور وفقاً لبعض المصادر الميدانية بحجة أنهم انشقوا عن «درع الفرات» المدعوم من تركيا، فيما تقف واشنطن خلف كل تلك التحركات في محاولة أخيرة للحصول على بعض المكاسب التي خسرتها ولم تكن في حساباتها، في ظل التصريحات المتناقضة التي تصدرها حول مصير قوات تحالفها بعد «داعش»، لتعود وتخلق لنفسها مبررات جديدة لأي عدوان اخر مع اعلانها الذي يحمل آلاف الوجوه بأن غالبية الفصائل المنضوية تحت راية «مايسمى « جيش المغاوير» في منطقة التنف بأنها ارهابية في ظل فشل كل تجاربها الارهابية في البادية .
وستكون وجهة الجيش الجديدة بعد البوكمال باتجاه الرقة وشرق حلب، لإنهاء المشروع الاميركي الذي لم يتبق من وجوده شيء سوى بعض الفتات الذي يجهز عليه الجيش مع كل تقدم .
فبحسب بعض المصادر العسكرية ستكون المحطة التالية صوب الرقة وشرق حلب ، مع استمرار الجيش بعملياته لدحر الارهاب حيث قامت وحدات تابعة للجيش العربي السوري بعملية تسلل خاطفة تمكنت من خلالها بالسيطرة على مقر تابع لما يسمى «جند الفاروق» المنطوي تحت ما يسمى «الجيش الحر» في ريف دمشق الجنوبي الغربي حيث وقع أفراد هذا الفصيل الارهابي بين قتيل وجريح فيما لاذ بعضهم بالفرار، كما استمر بعملياته لإغلاق الفتحة من شمال البوكمال الى جنوب الميادين البالغ طولها 25 كلم ليتم فصل الجيبين اللذين تبقيا لدى « داعش» عن بعضهما شرق وغرب الفرات، وليكون أمام خيارين اثنين إما الاستسلام أو المواجهة وملاقاة المصير المحتوم ، فيما حقق الجيش على جبهة حماة انتصارات جديدة في منطقة السعن تمثل في استعادة قرية شخيتر شمال شرق مدينة حماة بنحو82 كم ، كما بدى لافتاً حجم الارهاب «لجبهة النصرة» التي قامت بسحب جثث قتلاهم من شوارع القرية وذلك في محاولة منهم للتغطية على حجم خسائرهم الكبيرة بالأفراد والعتاد.
وفي نفس السياق انعكست الخسارات والانهيارات التي يعاني منها «داعش» في البادية على شكل ارتباك واضح لعناصره الارهابية في باقي المناطق التي لايزال متواجدا فيها ، حيث تحدثت مصادر محلية في جنوب دمشق عن انشقاق كبير في صفوف التنظيم وصل الى القادة لينشق المدعو «عامر صبري المعروف بـ أبو صالح عامر ويشكل جبهة لوحده في مخيم اليرموك ضد جبهة أخرى في الحجر الأسود.
ويعود التوتر الى جبهة عفرين التي تحاول تركيا احتلالها فيعد أيام على الدعوة التركية السوداء لتطهير المنطقة من « وحدات حماية الشعب الكردية» كونها تشكل تهديدا لوجودها، حيث ذكرت وكالات اعلامية عن تعرض بعض مواقع الجيش التركي المحتل لبعض النقاط في عفرين الى هجوم من قبل بعض العناصر «الكردية» ، وبحسب المعلومات التي تم نشرها وقعت الحادثة قرب بلدة دارة عزة الواقعة عند خط عفرين-إدلب، عبر اطلاق خمس قذائف هاون، سقطت إحداها على بعد 100 متر من القوة في محيط قلعة سمعان، بينما سقطت الأخرى قرب منازل مدنيين.
وفي خضم وزخم الانتصارات الميدانية تتحضر الفترة القادمة لاستقبال جولات سياسية جديدة قديمة لكن عبر اضافة جديدة قد تحمل بعض التفاؤل والمقترحات السياسية الجديدة عبر مؤتمر الحوار السوري في سوتشي ، حيث تحدثت مصادر مطلعة عن أن الجانب الروسي حدد موعد المؤتمر في 2 كانون الأول المقبل،وسيستمر على مدى يومين .
وبحسب المصادر سيكون هذا المؤتمر خلال جولة جنيف الثامنة التي سيتم اقامتها عبر مرحلتين من أجل إتاحة الفرصة لأعضاء الوفود المشاركة في مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري للمشاركة فيها ، ومن المتوقع أن تكون الجولة الثامنة من محادثات جنيف على مرحلتين، الأولى ستعقد في 28 تشرين الثاني وتنتهي في 1 كانون الأول ، والمرحلة الثانية ستبدأ في 8 كانون الأول وسيتخللهما مؤتمر سوتشي.