فلما هدأت الموسيقا بعد منتصف الليل, أخذ صرصور ثقيل يرسل غناءه وألحانه, فإذا ما ترك البارودي سريره,وهب يبحث عنه سكت,وإذا عاد الشاعر الى السرير, استأنف الصرصور غناءه.وفي الصباح كتب فخري الأبيات التالية:
ياليلة النحس في بيروت حالفني
فيها النعاس وكرب النفس شؤوم
لا البق لا القمل لا البرغوث أزعجني
لاالبرغش الفظ لاالذباب لاالبوم
لكنما صر صرصور فأقلقني
وطار نومي وجفني منه محروم
في أول الليل صوت الجاز أرقني
والقلب في الصدر مهموم ومغموم
ما كاد يسكت قرع الطبل وا أسفي
حتى سمعت صريراً كله شؤم
في غرفتي حل صرصور فأقلقني
والجسم من صوته المسموم مسموم
يصر صراً فإن أنهض لألقطه
يسكت, وإن نمت يستهويه ترنيم
وإن رجعت أعاد العزف متصلاً
كأن ترنيمه للغيط تنغيم
ياليلة لم أذق طعماً لغفوتها
قضيتها وأنا بالغيط محموم