بتاريخ السادس عشر من شهر شباط عام .1922 ففي التاريخ المذكور أنهى اللورد نور ثكليف الذي كان يعد أقوى الصحافيين في العالم خلال العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين, كونه صاحب جريدة (التايمز) البريطانية, بحكم شهرتها ونفوذها.
جاء في النبأ أن نور ثكليف هذا, أنهى زيارة لفلسطين, استغرقت عدة أيام, وذلك ضمن جولة سياحية, اطلع خلالها على أوضاع المنطقة العربية وسكانها بمختلف أطيافهم.
وفي النبأ أيضاً أن نور ثكليف بعد انهاء زيارته للمجلة صحبه حاكم القدس المستر ستورس حيث كان في استقبالهما راغب بك النشاشيبي رئيس المجلس البلدي, ومدير المجلة وهيئة تحريرها, أصدر بيانا قبيل مغادرته مدينة القدس, يصف فيه (حالة فلسطين الحاضرة), منتقدا في الوقت ذاته ماأسماه ب (أساليب الجشع والغطرسة التي يبديها اليهود الصهاينة في فلسطين).
وأضاف الى ذلك قوله بالحرف: (إن البلاد في أشد حالات التعاسة. وإن الجمهور في بريطانيا لايعلم ذلك, وإذا لم يكبح جماح المتطرفين من اليهود والصهاينة, ستقع مشكلات ومتاعب خطيرة في الشأن الفلسطيني).
كما نرى, يعيدنا الحاضر أحياناً الى الماضي, فإذا بالحاضر, لايختلف كثيرا عما كان عليه الحال في الماضي. إن ما ينقص القول هنا هو أن يستبدل السادس عشر من شباط ,1922 بأي يوم أو شهر من العام ,2006 أيضاً مع الحفاظ على نص البيان, بكل حذافيره.
إن حالة فلسطين الحاضرة, الى وقت قريب, لم تكن تختلف عن الحالة في بداية القرن الماضي الواردة في بيان نور ثكليف. وإذا كان أحدنا يأمل بتغيير هذه الحالة في ضوء المتغيرات الأخيرة التي شهدتها الساحة الفلسطينية, سياسيا, بفوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية, فذلك لاختلاف الرؤية الى مستقبل القضية برمتها, مع الحرص على الثوابت الوطنية والقومية للانسان الفلسطيني الذي دفع ما لايقدر بثمن من التضحيات ليكون له حضوره المشروع على أرضه بخروج المحتلين منها.
الحالة الراهنة-بعيدا عن عنوان بيان نور ثكليف-توضح للمراقب شيئا من صورة المستقبل القريب, وذلك من خلال التماس الحركة الرأي من الزعماء والقادة العرب لتكون فلسطين أرض مقاومة حقيقية وأرض سلام حقيقي وأيضاً أرض اكتفاء حقيقي.
ومن الطبيعي أن يكون خصوم العرب, على مشارف المنطقة العربية وبعيدا عنها, على أهبة الانقضاض على أية مكاسب متوقعة نتيجة فوز الحركة في الانتخابات وقدرتهاعلى التحرك السياسي عربيا وعالميا. ومن هنا تتعاظم مسؤولية العرب الذين طالما أحاطوا القضية الفلسطينية على مدى نصف قرن بالتأييد حتى النصر. ومن هنا أيضا تتعاظم مسؤولية الإنسان الفلسطيني في خضم أحداث الحالة الحاضرة, حيث البندقية بيد وغصن الزيتون بيد, وحيث لامجال لإلقاء البندقية عبثا, ولامجال للتخلي عن غصن الزيتون عبثا وفاء لمسار القضية التي خضبت سنواتها الطويلة بدماء الشهداء ولاتزال الى اليوم تلونها دماء الشهداء, كبارا وصغارا, رجالا ونساء, كما المشهد اليومي في الشأن الفلسطيني, وكما سيبقى المشهد الى أن يزول الاحتلال الإسرائيلي ويندثر وجوده من على أراضينا العربية المحتلة كافة.