وتقييم المخططات التنظيمية ووضع مصفوفة تنفيذية خاصة بتأمين الأراضي الملائمة للسكن وفق أولويات التنفيذ والواقع الراهن، وغيرها من المحاور شكلت أحد أبرز العناوين العريضة التي تم بحثها في المؤتمر الوطني الأول للإسكان الذي عقد مؤخراً في قصر الأمويين للمؤتمرات.
المؤتمر الذي استمر لمدة يوم واحد فقط هو بحد ذاته نقطة إيجابية، ولكنه لم يكن كافياً لتشخيص واقع هذا القطاع وأوجاعه ومشكلاته المزمنة التي عاشها وعاناها على مدار العقود الماضية، فكل بند أو عنوان طرح فيه يستحق أن تفرد له جلسات وندوات وورشات عمل، وفي مقدمة تلك العناوين مشكلة السكن العشوائي التي لم تعرف طريقها للحل منذ عقود.
معالجة أزمة السكن والتخفيف منها تبدأ من تقييم واقع تلك العشوائيات وتأهليها وتنظيمها وإنجاز المخططات التنظيمية والدراسات الخاصة بكل منطقة على حدة، وعدم اتخاذ قرارات ارتجالية تضر بساكنيها، والتأكيد على ضرورة تهذيب وتشذيب هذه المناطق بما يراعي الشروط البيئة والصحية وزيادة الاهتمام بتحسين الخدمات العامة وخدمات البنية التحتية فيها، وإعادة تخطيط تلك المناطق ومحاولة دمجها بباقي أجزاء النسيج الحضري في المدينة، واعتبار القاطنين فيها جزءاً رئيسياً من أي حل وليس جزءاً من المشكلة، والتأكيد على أن الهدف من التنظيم هو تحسين وتطوير نوعية الحياة والظروف وجعل الهدف الأساسي هو رفع قيمة البشر وليس الحجر.
عملية المعالجة والقضاء على العشوائيات عملية طويلة المدى يجب الوصول إليها بعد دراسة معمقة وعلى مراحل معلنة يراعى فيها عدم وجود آثار سلبية في المجتمع كونها تمس شريحة كبيرة منه، لذا يجب الأخذ بعين الاعتبار عند اتخاذ أي قرار التفكير جدياً بعدم المساس بحقوق القاطنين الذين دفعتهم الحاجة والظروف والبحث عن مأوى للسكن في تلك المناطق.
إعادة النظر في المخططات التنظيمية للمدن واعتماد أسلوب التخطيط الإقليمي الشامل وإصلاح التشريعات وتعديلها وترجمة توصيات المؤتمر على أرض الواقع ضرورة ملحة تقتضيها مرحلة إعادة الإعمار، ولدينا شركات إنشائية لديها القدرة والإمكانيات للقيام بالمهام الموكلة إليها وهي بحاجة لجبهات عمل.