التحشيد السياسي والإعلامي والعسكري الذي يقوم به النظام التركي بالاتجاهين: إدلب، والجزيرة السورية، يؤكد أن أردوغان يُمارس اللصوصية السياسية والميدانية بغطاء أميركي وليس خلافاً لإرادة واشنطن التي تُوحي بها تصريحات وزيرها الجديد مارك إسبر: (أي عملية تركية شمال سورية غير مَقبولة).
باستثناء الخلاف على السيطرة داخل (المنطقة الآمنة) التي يَتوهمانها، لا خلافات بين الجانبين الأميركي والتركي، حالية أو سابقة، حول إدلب ودعم الإرهابيين فيها، ولا حول التحركات الأخيرة لفلول الدواعش، بل يُوجد توافق تام وتوزيع أدوار مُحكم بينهما حول كل المسائل لضمان أمن (إسرائيل) وتحقيق مصالحهما المشتركة، دعكم مما أُثير من خلافات حول (اس 400) و(اف 35)، لن تُفسد الاستراتيجيات الكبرى بينهما!.
لقد مَنحت سورية وقتاً إضافياً للسياسة، ووفرت فُرصاً إضافية للدبلوماسية، إتاحة لسبل الحل بالتعاون، وتَجنباً للعمل العسكري، غير أن انكشاف الدور التركي وتَقطُّع حبال الكذب التي يلعب عليها نظام أردوغان بالتشارك مع واشنطن، لا بد أن يَنقل الحالة إلى مُستوى آخر من التعاطي بما يَفضح اللعبة ويُنهيها إلى حيث يجب أن تنتهي.
صحيحٌ أن التشابكات بالملفات، وبالعلاقات، بلغ مستوى التعقيد فيها أقصاه، ما منع الحسم بغير اتجاه، إلا أن الحالة أخذت تفرز قناعات تتبلور بهذه الأثناء على نحو من شأنه أن يضع حداً للمُتطاولين بلا استثناءات، سواء بمعالجة ملف الإرهاب، أم بمواجهة التحديات المطروحة بالخليج، أم بما يتعلق بأوجه انفلات أميركا الذي ترجمته إدارة دونالد ترامب عقوبات وحرباً اقتصادية، وأمنية، وانقلاباً على معاهدات واتفاقيات دولية، النووي الإيراني مثالاً، ومعاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى أنموذجاً.
معركة تنظيف محافظة إدلب من الحثالات الإرهابية، ستقع، وربما يَفصلنا عنها زمن قصير، بعده سيكتشف أردوغان وتحالف العدوان عجزهما عن حماية المُرتزقة هناك، وعلى امتداد الحدود الشمالية الشرقية وصولاً إلى المالكية والقامشلي وتل أبيض، إذ لا وجود لمنطقة آمنة إلا في كهف أوهامهما المُشترك، ولن يكون وجود المرتزقة والأدوات الانفصالية على الأرض السورية إلا مُؤقتاً.
يجري الإعداد لكل الاحتمالات، لا تَغفل سورية وحلفاؤها عن تفصيل أو جُزئية، ولن نَكشف سراً بتعبيرنا عن الثقة من أنّ مَن حطّم أهداف العدو الكبرى، لن تُعجزه الأقل منها. ومن أنّ مَن هزمَ مشروع استهداف سورية وخط المقاومة، سيَهزم مَثيلاته، أتى مَحمولاً على الإرهاب والادعاءات التافهة، أم أتى من البوابة الخليجية أو الإسرائيلية، فإن الفرق بالنتيجة يكاد لا يُذكر.. أمعنوا النظر إلى جميع الجبهات المفتوحة!.