ففاقت طوابير الانتظار على الأفران كل التوقعات وكانت الفرصة الذهبية التي ينتظرها تجار الأزمات، وحدثت مفارقات لا تخطر على بال أحد، فقد حدثني أحد الزملاء عن مفارقة عجيبة حدثت على نوافذ أحد الأفران حيث أحدهم كان يقف في طابور الانتظار لعدة ساعات وعندما وصل إلى النافذة صاح بالواقفين في الطابور: يا شباب أنا لا أريد خبزاً من يشتري دوري بـ 75 ليرة وهذا ما حصل فقد اشترى أحد الموجودين دوره وذهب هو ووقف من جديد أي إن الموضوع أصبح باب رزق للبعض، فعلاً شرّ البلية ما يضحك، ما أعرفه وما أنا مقتنع به أن أزمة الخبز عارضة وحلها قد يكون خلال ساعات وليس أياماً لأن الدولة تعرف تماماً أهمية هذا الموضوع وطبعاً لا نحمل الجهات المعنية كل المسؤولية بل قد تتحمل بعضاً منها والباقي أنتم تعرفونه أكثر منا فإلى متى يبقى هؤلاء الذين يتاجرون بقوت الشعب يسرحون ويمرحون؟
ومن المفارقات التي حدثت في هذه الأزمة أني رأيت أحد الرجال بالقرب من مبنى الجريدة ومعه ربطتان من الخبز يضعهما على رأسه ويمشي مرفوع الهامة كذلك الأزمة ضربت بالأمثال الشعبية المتداولة حيث أطيح بالمثل القائل الذي صمد طوال القرون الماضية وهو: أن فلاناً لا يضحك للرغيف السخن فقد تخلى عن عبوسه وضحك أخيراً.
حتى السمون والكعك أصبح له دور في هذه الأزمة وطوابير وارتفع سعرهما فإلى متى نخرج من أزمة لندخل في أخرى والحلول الجذرية هي الطريقة المثلى للقضاء على كل الأزمات والمحاسبة ومن ثم المحاسبة ومن ثم المحاسبة فمعظم هذه الأزمات القائمون عليها والتلاعب بالتوزيع وراء تفاقمها إن كان الغاز أو المازوت أو وسائل النقل الجماعية وغيرها وصدقوني في البيت نشغل المدفأة لساعات قصيرة ولا أنتظر منها الدفء بل كل نظري واهتمامي ينصب على النقط التي تخرج منها وصرت أحسبها كيس سيروم أراقبه وقلبي يعتصر على كل نقطة تخرج من طاستها وكل ربع ساعة أضع عيني مع بيل كهربائي داخل الطاسة لأرى كم بقي فيها من مازوت والقبضاي في البيت الذي يلمس البرغي في الطاسة لأنني في حالة تأهب قصوى لافتعال مشكلة عويصة واعطاء محاضرة مملة عن التقنين وأهمية المازوت في حياة الشعوب.
بعد الأخير
أحدهم طلب من جاره أن يستدين كالون أي (بدون) مازوت فقال له الجار آسف وأعتذر اطلب ولداً من الأولاد لاأبخل عليك أما المازوت فلا أستطيع تلبية طلبك.