واليوم مع وضع الولايات المتحدة الأمريكية «جبهة النصرة» الظلامية التكفيرية على قائمة الإرهاب يثار تساؤل كبير حول مصداقية هذا العمل وجديته وما هي أبعاده ومراميه وما حقيقية الأمر؟. كيف ستتعامل الدول الأطلسية مع هذه الجماعة التي تمارس أبشع أنواع القتل في سورية وكيف ستتعامل مع مموليها وداعميها من حكام الخليج العربي وتركيا وهل فعلاً ستطبق عليهم قرارات المتعلقة بالقوى الداعمة للإرهاب وعلى أقل تقدير تلزمهم بوقف الدعم والتمويل والتسليح والتدريب؟
إن من يكون صادقاً في مقاومة الإرهاب لايدعم منبع الإرهاب ومموليه في تركيا ويزودهم بصواريخ باتريوت ,هذا «البعبع » الذي سرعان ما تهاوى أمام صواريخ المقاومة في غزة حيث أثبتت هشاشة القبة الحديدية التي تتغنى بها أمريكا وكلب حراستها ووصلت صواريخ المقاومة إلى المناطق المحرمة في هذا الكيان وأجبرت الصهاينة على النزول إلى الملاجئ .
فكما نعلم جاء نشر الصواريخ في تركيا بضوء اخضر أمريكي ودعم من الحلف الأطلسي وهي خطوة استفزازية لسورية وروسيا ولكل القوى العاملة بصدق على حل الأزمة في سورية إنها خطة الرئيس أوباما لتطويق المنطقة بالصواريخ بدأ من الخليج العربي وصولاً إلى تركيا والأردن والدول الأخرى لتكون بمثابة الواقي للكيان العنصري الصهيوني والاستمرار في نهب وسرقة واغتصاب النفط العربي وهي استكمال للدرع الصاروخية الأمريكية وعامل إضافي للأمن الصهيوني واستكمال لخطة بوش الصغير في إقامة حزام امني لطمأنة «الحلفاء» في المنطقة . وهذا استمرار للنهج العدواني والحروب التي تنتهجها واشنطن في المنطقة وهذا ما أكدت عليه كونداليزارايس بتاريخ 28/11/2012م في تصريح لها في الواشنطن بوست نقلته جريدة الحياة بقولها: «إن الحرب الأهلية في سورية ربما تكون الفصل الخير من فصول تفكك الشرق الوسط القديم على الوجه الذي يألفه العالم ... ويترتب استشراء النزاع الطائفي وتفاقمه على ترك غدارة النزاع على القوى الإقليمية التي تختلف أهدافها عن الهداف الأمريكية وطوال عقود استغرق في دوامة عنف ومعاناة عاصفة ومد الحرب لا يتجه إلى الانحسار في الشرق الوسط بل يعدو ويتجه على بلوغ ذروته والانتخابات الأمريكية انتهت وان الأوان كي تبادر أمريكا إلى التدخل.
إن نشر الباتريوت يقع ضمن خطة الأعمال التحضيرية لمهاجمة سورية ومحاصرتها والتي تعمل عليها واشنطن وأتباعها ومنشط للجماعات الإرهابية لكي تستمر في أعمالها الإجرامية ودليل جديد أن أوباما لم يتخل عن خيار الحرب بل يفضلها أن تكون سرية وبأدوات عربية وإسلامية وقوى ظلامية لاستنزاف سورية وجعلها دولة رخوة في مواجهة المشروع ألاحتلالي الجديد.وأشار موقع china Daily بتاريخ 5/12/2012م في مقال بعنوان الباتريوت والأسلحة الكيميائية بقلم /وانغ هو/ بين فيه أن قرار نشر هذه الصواريخ سيكون له أثار سلبية على المنطقة برمتها ويرى أنها خطوة تحضيرية لحلف الناتو للهجوم على سورية والهدف من وراء إثارة كذبة إمكانية استخدام سورية للسلاح الكيماوي يهدف للعب على ورقة الوتر الأخلاقي وتبرير القبول بنشر صواريخ باتريوت وإعطاء مبرر للناتو للتدخل في سورية .
إن إنقاذ الكيان الصهيوني من هزيمته أمام المقاومة ومحور المقاومة المتنامي لا يكون إلا بافتعال صدام داخل الأمة ذاتها , صدام على أسس دينية ومذهبية وعرقية بين مكوناتها يحترق فيها كل مقومات الوجود للأمة و يكون هذا الكيان بمنأى عن نارها وبالتالي تم تبني مفهوم إدارة الأزمات الجديد عام 2010م الذي يقوم على إيجاد صراعات تدميرية داخلية تحرم المنطقة من الاستقرار وهي استكمال لنظرية «الفوضى الخلاقة». وبالطبع إن المرشح الأول لتأدية هذا الدور القذر هم حكام الخليج العربي الذين يعيشون على حبال سياسة هشة تحاول واشنطن المحافظة عليها لتمرير مخططها في لعبة تدمير المنطقة إضافة إلى القوى الظلامية التكفيرية المتعفنة الذين يمتازون بعصبية فاجرة وعقول مُكلّسة جَفَ ماؤها وفي مقدمتهم الإخوان المسلمون والحركة الوهابية و التي صنعتهم الدول الغربية بماركات مختلفة منذ عقود طويلة من الزمن وكانت تستخدمهم لمواجهة حركة التحرر العربية في المنطقة , إضافة لبعض المستوطنات الفكرية والاقتصادية والثقافية والسياسية تحت براقع مختلفة في ما يسمى المعارضة لذر الرماد في العيون سواء كتاب أو صحفيين أو مفكرين وغير ذلك على أي حال ,فهذه الحروب وتلك المؤامرات ليست غريبة على سورية العروبة المقاومة وكما أفشلتها في الماضي بهمة شعبها وقيادتها وجيشها ستفشلها اليوم وإذ كانت الحكمة الصينية القديمة تقول ليس بإمكانك منع طيور الأسى من التحليق فوق رأسك ولكنك تستطيع منعها من إقامة أعشاشها على رأسك فنحن نقول أنه ليس فقط سنمنع هذه الخفافيش من التحليق فقط بل سندمر أعشاشها أينما كانت ولن يكون في هذا الوطن مكاناً إلا للشرفاء الوطنيين المدافعين عنه والمضحين من أجل كبريائه وسيادته وإذا كانت أمريكا جادة في مقاومة الإرهاب وتريد المشاركة في عالم جديد خال من هذا الوباء الذي يهدد البشرية فكما يقول المثل العربي فإن الماء تكذب الغطاس .