تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قراءة في الحدث.. بغيضة هناك حلال هنا!

آراء
الخميس 20-12-2012
د. اسكندر لوقا

أعني بعبارة البغيضة هنا الجريمة التي وقعت قبل أيام من هذا التاريخ في مدرسة ساندي هوك في مدينة نيوتاون الأميركية وذهب ضحيتها 27 من رعايا المدينة بينهم عشرون طفلاً بين الخامسة والعاشرة من أعمارهم

وذلك على نحو ما أعلنه الرئيس الأمريكي باراك أوباما فيما كانت عيناه تدمعان وهو يصف الجريمة بأنها «جريمة بغيضة» وفي الوقت عينه كان يواسي عائلات الضحايا.‏

في هذا الصدد لا أعتقد أن أحداً منا يلوم موقف الرئيس أوباما حيال الجريمة، لأنه يبقى في نهاية المطاف إنساناً يستشعر الألم بنسبة ما لدى رؤيته تبعات جريمة من هذا الحجم، وخصوصاً عندما تصيب حصراً أطفالاً كانوا ينتظرون أن يأتيهم بابا نويل حاملاً إليهم هدايا عيد الميلاد وأن يحتفلوا بقدوم عام جديد وسوى ذلك..، فعاجلهم الموت، وبيد أحد مواطني مدينتهم وذلك في غفلة من الزمن ومن دون أن يصل التحقيق حتى الساعة إلى معرفة دوافع هذا المجرم الذي لم يستثن حتى والدته فأرداها قتيلة.‏

المهم في هذا السياق يتساءل أحدنا ترى ماذا لو كان بين هؤلاء الأطفال الأبرياء أحد ابنتي الرئيس أوباما وكم كان سيكون حجم المأساة التي كان سيعاني منها وهو ينظر إلى أشلائها المبعثرة هنا وهناك أمام عينيه؟ تراه كان سيشعر بحجم الألم الذي يعاني منه آباء وأمهات الأطفال الضحايا الذين يسقطون في سورية كما في الأراضي العربية المحتلة، برصاص أعداء هذا البلد أو ذاك؟‏

إن الجريمة حين تكون بغيضة في مكان ولا تكون كذلك في مكان آخر، قياساً على ازدواجية تقويمها وفقاً لرؤية أي قيادة سياسية سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو خارجها، لا يمكن أن تقرأ بنيات طيبة بل بنيات حاقدة لا علاقة لها بما يمليه الضمير الحي والعقل المنفتح على العالم بعينين لا بعين واحدة وذلك على نحو ما توحي به كلمات الرئيس أوباما المؤثرة فعلاً وهو يواسي عائلات الضحايا ويعلن الحداد في أرجاء البلاد لمدة أربعة أيام.‏

هذا الموقف لا يمكن أن يجرده أحدنا من إنسانيته إن صح التعبير، ولكنه في الوقت ذاته، لا يمكن أن يقيمه بميزان العدل والموضوعية فضحية الجريمة أياً كان نوعها ومصدرها تستحق أن نطلب لها الرحمة من خالقها، وحين تكون عائلات الضحايا بحاجة إلى مواساة فمن الطبيعي ألا تميز عائلة عن أخرى لأنها تعيش في موقع الجريمة أم لأنها بعيدة عنه.‏

ولا ندري إذا كان الرئيس أوباما سيعيد النظر في سياسة إدارته التي لا تتوانى عن تشجيع حلفاء بلاده للمضي في طريق ارتكاب الجرائم بحق البعض من شعوب المنطقة وبينها شعبنا في سورية شعبنا الذي لا يفتأ يدفع ثمن مواجهة الجريمة ساعة بعد ساعة بينما الرئيس أوباما مثله مثل رؤساء آخرين سواء كانوا في باريس أو برلين أو روما أو أنقرة مازالوا لا يأبهون بتداعيات وقوفهم ضد أبناء تلك الشعوب حيث تقطر دماؤهم على الأرض ولا من أحد تدمع عيناه في عواصم تلك البلدان الشريكة في سفك دماء هؤلاء الأبناء.‏

Iskandarlouka@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية