حيث ذكرت وسائل إعلام تركية أن سجالاً نشب بين أركان نظام رجب أردوغان وقيادة الجيش التركي على خلفية مطالبته بتدخل عسكري في سورية وإقامة ما أسمته حزاماً أمنياً داخل الاراضي السورية وذلك في خطوة هدفها تعطيل تشكيل أي حكومة ائتلافية ستعني بالضرورة نهاية أردوغان السياسية.
وذكرت صحيفة سوزجو المعارضة أمس أن أردوغان أمر رئيس الأركان الفريق نجدت أوزال بتدخل عسكري في سورية قبل الانتخابات النيابية التي جرت في حزيران إلا أن أوزال قال إنه بحاجة لأوامر مكتوبة وليس شفهية فأرسل أردوغان تعليماته بشكل مكتوب إلا أن أوزال طلب توضيح أسباب ومبررات هذا التدخل لروسيا وسورية وإيران وإلا فإن الجيش سيجد نفسه في مأزق.
وقالت الصحيفة إن أردوغان وداوود أوغلو اجتمعا السبت لمدة ساعتين ونصف الساعة حيث أبلغا الجيش أن الهدف من أي عمل عسكري هو منع تنظيم (داعش) من السيطرة على البوابات الحدودية غرب جرابلس والحفاظ على القرى التركمانية بين جرابلس وعفرين.
وذكرت الصحيفة بتصريحات الأمين العام لحزب الشعب الجمهوري كورسال تكين الذي كان أول من تحدث قبل الانتخابات بأسبوعين عن نوايا أردوغان شن عدوان عسكري على سورية وحمّل الحكومة مسؤولية المأزق الخطير الذي ستتعرض له تركيا من جراء مثل هذه المغامرة الخطيرة.
من جهتها ذكرت صحيفة حرييت أن أوزال وخلال اجتماع في 18 الشهر الجاري رفض خطة لدخول الجيش التركي إلى منطقة جرابلس ومارع من أجل وقف التمدد الكردي وطلب من الحكومة تعليمات خطية واضحة في هذا الشأن وحذر من أن هذا التدخل قد يؤدي إلى حرب شاملة في حال تدخل إيران وروسيا لدعم الجيش السوري.
وأشارت الصحيفة إلى أن حكومة داوود أوغلو طلبت من الجيش اتخاذ التدابير الأمنية على معبري أونجو بينار وجيلفاكوزو الحدوديين مع سورية والمنطقة الممتدة بينهما والتي يبلغ طولها 90 كيلومترا وذلك على خلفية تقدم تنظيم (داعش) في ريف حلب الشمالي ، مشيرة إلى أن الأوساط العسكرية استبعدت التدابير الامنية التي تتضمن عملية عسكرية بسبب المخاطر التي تحملها.
ونقلت الصحيفة عن أوساط تركية قولها إن اتخاذ خطوة نحو التدخل العسكري في سورية دون إقناع اللاعبين الرئيسيين ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وإيران من شأنه أن يخلق مواجهة بين تركيا وتلك الدول ، كما أنه ينبغي الاتصال بالحكومة السورية من أجل تهيئة أرضية تتناسب مع القانون الدولي قبل الدخول إلى أراضي دولة أخرى وإلا ستقع تركيا في موقف الدولة المعتدية على أراضي دولة أخرى.
وخصص معظم الصحفيين والكتاب زواياهم حول هذا الموضوع وقالوا إن أي عمل عسكري في سورية سيخلق لتركيا مشاكل خطيرة جدا على الصعيدين الداخلي والخارجي بما في ذلك انفجار الوضع الأمني جنوب شرق تركيا.
واتهمت صحف المعارضة جمهورييت ويورت وايفرنسال وبيركون وايدينليك وبوستا أردوغان باستغلال الوضع في سورية حتى ينفذ برامجه الخاصة بمنع تشكيل الحكومة الائتلافية والإعلان لاحقا عن انتخابات مبكرة بعد تحقيق أهدافه في سورية.
وتوقع العديد من الصحفيين فشلاً ذريعاً لمشاريع أردوغان على صعيد السياستين الداخلية والخارجية بغياب الضوء الأخضر الامريكي وإصرار أحزاب المعارضة على إنهاء دوره في الحياة السياسية في حال المشاركة في أي حكومة ائتلافية مع العدالة والتنمية الذي يشهد صراعات جدية بسبب أنانية أردوغان وعقده النفسية بعد أن بات واضحاً أنه على وشك أن يستبعد من اللعبة السياسية داخلياً وخارجياً .
وقال رئيس تحرير صحيفة يورت مردان يانارداغ إن ما يهم أردوغان ليس التركمان أو أمن الحدود مع سورية بل ضمان مستقبله السياسي عبر المزيد من السياسات الخطيرة التي يطبقها أساساً في سورية منذ بداية الأزمة لناحية التدخل بشكل سافر في الشأن السوري من خلال دعم كل الجماعات الإرهابية بالتعاون مع قطر والسعودية.
ونبهت صحيفة خبر تورك من الأضرار المحتملة لأي عدوان عسكري ضد سورية على الصعيد الاقتصادي وقالت إن أي حرب على الحدود مع سورية ستقضي على الحركة السياحية التي تواجه أساساً مشكلة جدية كما أنها ستلحق أضرارا بالغة في حركة التجارة مع الدول العربية التي تعاني بالأصل من مشاكل جدية بعد إغلاق الحدود مع سورية والعراق وقرار مصر إلغاء اتفاقية النقل البحري مع تركيا.
من جهته كشف الحساب التركي الأكثر شعبية على تويتر والمعروف باسم فؤاد عوني أن أردوغان أعطى التعليمات بشن حملات مداهمة ضد عناصر من تنظيم القاعدة بهدف تمهيد الطريق أمام حرب في سورية تعطل تشكيل الائتلاف الحكومي الذي من شأنه أن يجلب نهايته.
وذكر عوني أن نائبي رئيس الوزراء بولنت أرينتش وبشير أطالاي يسيطران على داوود أوغلو وقد شكلا تكتلاً ضد أردوغان الذي لم يعد يثق بدوره برئيس وزرائه حيث وضعه مع مستشاريه والنواب المقربين منه تحت الرقابة.
وأشار عوني إلى أن مجموعة تابعة لداوود أوغلو عقدت اجتماعاً سرياً مع حزب الشعب الجمهوري لبحث موضوع الائتلاف الحكومي الأمر الذي أثار جنون أردوغان وأعوانه ودفعه إلى وصف من يخالف تعليماته بالعدو.
وأوضح عوني أن خطة شن حرب ضد سورية والتي تعتبر المخرج الوحيد بالنسبة لأردوغان لا يؤيدها الجيش التركي.
من جانبه أكد نائب رئيس الوزراء الأسبق في حكومة حزب العدالة والتنمية وأحد مؤسسيه عبد اللطيف شنار أن جنون رجب أردوغان بلا حدود وهو لن يتردد في القيام بأي مغامرة خطيرة للبقاء في السلطة.
وقال شنار في مقابلة مع قناة خلق الإخبارية: أنا أعرف أردوغان ونفسيته وعقليته جيدا وليس من المستغرب أن يشن عدواناً على سورية ، مع الإشارة إلى أن المشاكل التي يتحجج بها من أجل شن العدوان كان سببها التدخل السافر لحكومته في سورية ودعم المجموعات المسلحة.
من جهته تساءل الأمين العام لحزب الشعب الجمهوري كورسال تكين عن أسباب ومبررات العدوان على سورية والذي يسرب أردوغان أخبارا عنه ، وقال : إن أردوغان هو سبب جميع المشاكل في سورية والمنطقة عموماً منذ ما يسمى الربيع العربي وخاصة عبر دعمه للجماعات الإرهابية.
وأضاف تكين أن مبررات وحجج أردوغان ليست عقلانية بل هي شخصية لضمان بقائه في السلطة، مناشداً الجيش رفض أي عمل عدواني داخل سورية.