|
ثلاثة منها مهددة بالخروج من الاستثمار ... سدود درعا تواجه التلوث بمياه الصرف الصحي والحل في انجاز محطات المعالجة مراسلون وتحقيقات وسد منابعها.وبخاصة بعد أن امتد التلوث إلى مختلف عناصر البيئة هناك وسنكتفي في هذا الموضوع بالحديث عن التلوث الذي أصاب مصادر مياه الري وأخذ يتسرب إلى المياه الجوفية بالمحافظة وما ينتج عن ذلك من مشكلات صحية وبيئية وذلك من خلال المعلومات التي لدينا والحديث الذي أجريناه مع المعنيين في المديرية العامة لحوض اليرموك. تلوث السدود
تتعرض بعض السدود في محافظة درعا منذ سنوات للتلوث, بسب تدفق مياه الصرف الصحي لبعض المدن والقرى بالمحافظة إلى تلك السدود حيث تصب مياه الصرف الصحي لمدن الشيخ مسكين -ازرع وبصر الحرير في سد ابطع الكبير الذي يتسع إلى 3,5 ملايين م3 من المياه, وتتدفق مياه شبكات الصرف الصحي لمدن داعل -طفس -الحراك- علما وغزالة في سد غربي طفس الذي تبلغ طاقته التخزينية أكثر /8/ ملايين م3 من المياه, كما تختلط مياه الصرف الصحي لمدينة نوى مع مياه سد عدوان الذي يقدر مخزونه ب¯ /5/ ملايين م3 من المياه. وذكر المهندس عماد أبو جيش مدير مكافحة التلوث في حوض اليرموك أن نتائج تحليل العينات المائية المقطوفة من هذه السدود في العام الماضي, وفي هذا العام أيضاً أثبتت ارتفاع نسب التلوث وذلك لارتفاع نسب الأمونيا والعصيات الجرثومية في تلك العينات عن النصب المسموحة وقال: إن مياه هذه السدود أصبحت الآن غير صالحة لاستخدامات الري وسقاية المزروعات. وفي الواقع فإن التلوث بمياه الصرف الصحي لم يقتصر على السدود التي ذكرناها -وإن كانت هذه السدود أكثر تأثراً من غيرها- بل بلغ التلوث بالمياه المالحة العديد من مصادر المياه بالمحافظة مثل: وادي الرقاد ووادي الزيدي وسدود الشيخ مسكين ودرعا وغيرها. إذ تتدفق آلاف الأمتار المكعبة من مياه الصرف الصحي يومياً إلى السدود والوديان بالمحافظة الأمر الذي يؤدي إلى تلوث المياه والمزروعات والهواء وينذر بوقوع كوارث ومخاطر لا تحمد عقباها. مشكلات بيئية وصحية ومن الطبيعي أن يؤدي الوضع الحالي للسدود الملوثة إلى خلق مشكلات بيئية وصحية للتجمعات السكانية المجاورة وإلى إلحاق الأضرار بالتربة وبالمياه الجوفية المحيطة. فالمزروعات التي تتغذى من مياه هذه السدود تتعرض للتلوث, وتصبح غير قابلة للاستهلاك البشري لأن الملوثات التي تدخل في تركيبها تضر بصحة الإنسان. ونشير هنا إلى أن آلاف الدونمات المزروعة بالخضار تتغذى حالياً من المياه الملوثة في سدي عدوان وغربي طفس. كما أن المياه الملوثة في السدود تؤدي إلى قتل الكائنات الحية التي تعيش داخلها وهذا ما حدث للأسماك في سدي درعا وابطع عام .1998إذ تعرضت هذه الكائنات للموت بسبب تلوث مياه هذين السدين بمياه الصرف الصحي آنذاك. ولعل المشكلة الأهم التي تواجه التجمعات السكانية المجاورة للسدود الملوثة هي المشكلة الصحية. حيث يتعرض سكان الشيخ مسكين وجعبلة, ومعربا وغيرها من التجمعات المجاورة لسد ابطع -على سبيل المثال- إلى الازعاجات والإصابة ببعض الأمراض كالاسهالات واللايشمانيا والأمراض الجلدية والباطنية وإصابات الرئة نتيجة الروائح الكريهة التي تلوث الهواء الذي يتنفسه الناس هناك وبسبب انتشار القوارض والحشرات السامة التي وجدت في مياه السدود الملوثة مرتعاً خصباً لحياتها, إلى جانب هذه المخاطر والأضرار التي تولدها مياه السدود الملوثة بمياه الصرف الصحي.فإن المياه المالحة تدمر عناصر التربة مع مرور الزمن وتقلل من خصوبتها وإنتاجها الزراعي, وتزيد من ملوحتها. التأثير على المياه الجوفية ولم تكن المياه الجوفية بالمحافظة بمنأى عن التلوث نتيجة لتسرب مياه الصرف الصحي إليها حيث تبين من خلال عمليات مراقبة المياه الجوفية ونتائج التحاليل الكيميائية التي تجريها مديرية حوض اليرموك على الدوام أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في قيم الأمونيا لبعض آبار الشرب المحفورة لمدينة الشيخ مسكين وبخاصة المحاذية لوادي (أبو الذهب) الملوث بمياه الصرف الصحي. وأفاد مدير مكافحة التلوث في حوض اليرموك أن مياه الآبار الواقعة في الشمال الشرقي من منطقة حوض اليرموك تتمتع بملوحة مرتفعة نسبياً تصل إلى /ألف ملغ في الليتر/. وهكذا يتضح لنا أن تلوث مياه بعض السدود في محافظة درعا بمياه شبكات الصرف الصحي لعدد من الوحدات الإدارية بالمحافظة قد انعكس سلباً على الصحة العامة, وألحق الأضرار الجسيمة بالعديد من عناصر البيئة من: تربة وهواء ومزروعات ومياه جوفية وقد أخذت بعض هذه النتائج الخطيرة تظهر لدى سكان بعض المدن والقرى مثل: سكان الشيخ مسكين ومعربا. اجراءات ولكن.. تقوم المديرية العامة لحوض اليرموك باتخاذ الاجراءات والتدابير التي تخفف من حالات التلوث التي لحقت ببعض السدود والأودية بالمحافظة كسدي عدوان, وغربي طفس وذلك عن طريق ضخ المياه النقية إليهما, بغية التخفيف من آثار التلوث في مياههما. كما تقوم المديرية أيضاً بالعديد من الخطوات التي من شأنها حماية المياه العامة من التلوث, وعن هذه الاجراءات قال الدكتور عرسان عرسان المدير العام لحوض اليرموك: يقوم الفنيون بمراقبة نوعية المياه بالمحافظة بكافة استعمالاتها, واجراء التحاليل اللازمة لها, لتحديد نسب التلوث فيها, وبالعمل على قمع المخالفات على مياه الصرف الصحي, ومنع استخدامها في ري المزروعات, والتنسيق كذلك مع الوحدات الإدارية بالمحافظة لتحديد مقالب النفايات للمدن والقرى بحيث تكون بعيدة عن المصبات المائية والأودية. كما تقوم مديرية الحوض بتحديد حرم منع التلوث لمختلف البحيرات والينابيع المائية بالمحافظة كبحيرة مزيريب ونبع الأشعري والعجمي وغيرها. بالإضافة إلى إقامة الندوات المتعلقة بحماية المياه من التلوث وطرق معالجتها والقيام بردم المستنقعات الملوثة, وإضافة الكلور إلى مصادر مياه الشرب لتعقيمها. ولكن رغم أهمية هذه الاجراءات ودورها في حماية المياه العامة من التلوث فهي مجرد حلول اسعافية لا تكفي لسد منابع التلوث ولمنع تسربه إلى مصادرنا المائية بالمحافظة فالمطلوب هنا هو إيقاف التلوث بمياه الصرف الصحي بشكل قاطع ونهائي. وهذا المطلب الملح لا يمكن تحقيقه مالم يتم انجاز محطات المعالجة المقررة على محاور الصرف الصحي لمدن وقرى المحافظة. وذلك لمعالجة مياه الصرف الصحي المتدفقة عبر تلك المحاور قبل وصولها لمياه السدود وبالتالي إلى الأراضي الزراعية. فالتأخير في انجاز تلك المحطات يعني زيادة نسبة التلوث في مياه سدود المحافظة إذ تبلغ كميات مياه الصرف الصحي التي تدخل سد ابطع -على سبيل المثال- /5/ آلاف م3 يومياً. إن استمرار تدفق مياه الصرف الصحي إلى بعض السدود في المحافظة سيؤدي بالتأكيد إلى خروج هذه السدود من حيز الاستثمار الزراعي كما هو حاصل الآن بالنسبة لسد ابطع الذي رفعت المحافظة استثماره من سقاية المزروعات بسبب تلوث مياهه فهل تبادر الجهات المعنية إلى إيجاد الحلول الجذرية للمشكلة قبل فوات الأوان وقبل أن يقع مالا يحمد عقباه..?
|