وما نريده في تحقيقنا هو عرض مجموعة من الآراء لأشخاص تتصل همومهم بقضيتنا المطروحة ونقر مسبقاً أن آراء كل منهم تظل متأثرة بموقفه ومنهجه الشخصي وما سنعرضه من آراء قد لا يتوافق وآراء الآخرين.
والزواج من أجنبيات يتأتى من واقع الحاجة لتحقيق حياة أقل عناء من تلك التي يعيشها هؤلاء الشباب في أوطانهم دون الالتفات للانعكاسات التي تترتب على هذا الفعل.
لهذا شد انتباهنا لظاهرة ارتفاع عدد الزيجات لشباب عرب من فتيات أجنبيات في زمن يعزف فيه شبابنا العربي عن الزواج في بلادنا العربية, الشيء الذي دفعنا جدياً في الدخول إلى دهاليز وخبايا هذه الظاهرة اللافتة للانتباه قاصدين بذلك اسداء النصح والإرشاد لمن هم في بر الأمان وننتقل في تحفظ لننقل آراء كل من التقيناهم بصدق لنتعرف على واقع ما يدور بأذهانهم ويجدر بنا أن نشيد بجرأة هؤلاء الشباب وحرصهم على إخوانهم من أبناء الوطن بإسداء النصح من واقع تجاربهم...
الصبر في هذا النوع من الزيجات
> ( ع, ق ) متزوج وله طفلة في البرازيل يقول: يبقى شيء هام ما يدفع الإنسان عادة للصبر في مثل هذه الزيجات وهو واقع المعاناة في بلادنا العربية وهذا ما دفع بكثير من الشباب لقبول هذا النوع من الحياة في سبيل تحقيق بعض المكاسب وعادة ما يكون الحصول على جنسية الزوجة وهو ما يسهل حركة الإنسان دون تلك القيود المفروضة على غالبية من يحملون هويات عربية في بلاد أوروبا وأقول صادقاً:إن كل الذين تعرفت عليهم ممن تزوجوا بأجنبيات لديهم مشكلات مع زوجاتهم, ومن لم تكن لديه مشكلات فهذا النوع ماتت فيه نخوة الإنسان الشرقي, وأؤكد هناك نسبة كثيرة من الشباب المتزوجين بأجنبيات لديهم قضايا مفتوحة بالمحاكم للفصل بينهم وبين زوجاتهم.
أما الأبناء فهم الضحية فكلما قمت بتعليم الأبناء بتعاليم دينك لا محالة من أن تجد في اليوم الذي يلي ذلك أن ما يحمله الابن من أفكار تتنافى وتعاليم ديننا وعاداتنا فإنك بذلك لا تستطيع أن تقوم بواجبك التربوي بالشكل الصحيح لأن العادة هنا تبيح لكل من اجتاز سن الثامنة عشرة الحق في اتخاذ القرارات التي تناسب مزاجه دون الاهتمام برؤية الأب... ناهيك عن القول أن القانون يعطي الزوجة الحق بالاحتفاظ بالأبناء حتى سن الثامنة عشرة إذا كان الزوجان منفصلين دون أن يكون للزوج الحق في أبسط حقوقه المشروعة من رؤية لابنائه وإسداء النصح والإرشاد لهم... وهذا ما يعزز ضعف انتماء الأبناء لأوطان آبائهم, والانتماء لوطن الأب دوماً مرهون بمدى استقرار العلاقة بين الزوج وزوجته ولكن كل ما يربط الابن بموطن والده هو زيارة بلد الأب من واقع سياحي ليس أكثر..
توعية شبابنا وتثقيفهم
أما القيم التي ورثناها أباً عن جد فيضيف: فهي الأخرى ضائعة في مثل هذه الزيجات ويكفي أن للمرأة الحق في محادثة رجل آخر عبر الهاتف لساعات بحجة أن هذا الشخص زميل في العمل أو الدراسة أو خلافه وليس للزوج الحق في معرفة هوية ذلك الشخص وهذا ما لا يمكن أن يحدث في بلادنا العربية....
أما بالنسبة لعوامل اللغة ومدى تأثير ذلك على الحياة الزوجية فكثيراًَ ما يكون الفهم عكسياً خاصة لهؤلاء الذين لا يتحدثون لغات زوجاتهن بطلاقة ما يوقع كثيراً من الخلافات, فالمرأة الأجنبية ليست أحادية الفهم مع الزوج العربي وإن تحدثت لغته أو العكس فعوامل النشأة والثقافة أيضاً تساعد في إيجاد عبارات تساعد بصورة مباشرة في خلق جو عائلي أكثر وداً وانسجاماً ...
واللغات الأجنبية أصلاً فقيرة قياساً للغة العربية وعليه فإن الأمر سيكون أكثر صعوبة لمن لا يجيدون التحدث بهذه اللغات ومن أهم انعكاسات ذلك عدم مقدرة الآباء غير المتحدثين لهذه اللغات بطلاقة في جذب رغبات الأبناء إلى ديانات آبائهم وبذلك عادة ما تكون الغلبة للأم الأجنبية في أن تجعل الأبناء تابعين لنفس الديانة التي تمارسها ومن هنا أتوجه لجهات الاختصاص والمؤسسات الإسلامية المختلفة بأن تساهم في توعية شبابنا وتثقيفهم حيال هذه القضية وما يترتب عليها من مخاطر.
> ومن ثم التقينا أيضاً بالشاب (م,ط ) من سورية ويعيش في كندا يقول: الزواج كمبدأ فهو النصف الآخر لاتمام الدين وبهذا فهو محطة لا بد للإنسان المرور عبرها في سبيل تحقيق الاستقرار الذاتي بغض النظر عن جنسية الزوجة فالإرادة المتينة والرغبة الصادقة أياً كانت كلها عوامل تساعد في نجاح الحياة الزوجية وإن كانت الزوجة أجنبية, وإذا انعدمت العوامل الآنفة الذكر وكان الغرض من الزواج تحقيق مصلحة ظرفية فلابد لهذا النوع من الزواج أن يصطدم بعقبات حتى وإن كانت الزوجة عربية وأما بخصوص الأبناء فمن واقع التجربة يجب أن تناقش أمورهم معها كي لا يمثلوا مصدر خلاف قد يعكر صفاء الحياة الزوجية وانحياز الأبناء لكفة الزوجة في حال الخلافات ما يعد أكبر سلبيات الزواج من أجنبيات حسب تقديري, ولهذا أفضل أن يجتهد الزوج لجذب الزوجة لديانته قبل الإنجاب وفي هذا قدر عال من الحيطة حتى ينشأ الأبناء في جو سليم واستهداء بما تقدم فإنني اعتقد أن الزواج من الأجنبيات أمر مباح وحق لكل شاب عربي شريطة أن يتم ذلك وفق معايير دقيقة تصون للشاب حقوقه في سبيل العلاقة الزوجية مع الاحتفاظ للزوجة بحقوقها وعدم التعدي عليها بالخداع حتى لا تتضرر سمعة الشباب العربي ويتحقق بذلك الفهم بأنهم يتزوجون لأجل مصالح آنية, الشيء الذي ينعكس سلباً على الشخصية العربية في نظر المجتمعات الأجنبية.
> أما وسام حرفوش معلمة صف تقول : أن زواج شخصين مختلفي الديانة والثقافة ما هو إلا علاقة كغيرها من العلاقات فعالم اليوم ما هو إلا قرية يمكن لكل إنسان فيه التعامل والاندماج مع أناسه والشيء المهم لذلك هو قبول كل طرف لهذه الخلفية دون محاولة تغيير الطرف الأخر وفي القبول لهذه الخلفيات يندرج السلوك الشخصي وبالتالي ستكون الحياة سعيدة وخالية من أي متاعب ومدفوعة بالحب المتبادل, أما بخصوص الأولاد فأعتقد أن اختلاف التركيبة الثقافية واختلاف المعتقد الديني سوف يجعل من الأبناء أشخاصاً منفتحي العقل ويتسع إدراكهم للعالم من حولهم أكثر من أولئك الذين يولدون في أسرة متشابهة الثقافة والدين..
وحول ما يخص ذهاب الزوجة مع الشاب العربي لبلده فهذا الأمر يعتمد على عدة عوامل أهمها تأكد الزوجة بأن الحياة في بلد الشاب لا تقيدها بفرض آراء جديدة, بمعنى أن الفتاة هنا لا تريد أن تبتعد عن أهلها للأبد مثلها في ذلك كبقية الخلق, فإذا كان ممكناً حضورها سنوياً لرؤية أهلها فلا أعتقد أن ذلك عائق.لهذا أعتقد أن الزواج من الفتيات الأجانب أو العكس أمر جائز وليس هنالك غرابة في ذلك.
وبعد عرضنا لبعض الحالات بين مؤيد ومعارض لمشروعية هذا الزواج وارتباط الشباب العربي بفتاة أجنبية سيكون ارتباطاً بين قيم وخصوصيات مجتمعه, وقيم وخصوصيات مجتمعها, وسوف تطفو الخلافات على السطح في مرحلة لاحقة من الزواج ... وكل زواج في الدنيا سيسفر عن إنجاب أبناء,فإلى أي خصوصية من الزوجين سينتمي الأبناء إلى الأب أم إلى الأم?
الاختلاف في الخصوصية
> وهذا ما أجابنا عليه الدكتور كامل عمران رئيس قسم الاجتماع في جامعة دمشق ومحاضر في قسم علم الاجتماع بالقول: الاختلاف في الخصوصية, هو اختلاف في الهوية, ولن يكون التعايش بينهما طويلاً إلا إذا توفر بينهما الانسجام الفكري العالي . وجملة من الإجراءات والتسهيلات والقبول بالمجتمع الجديد الذي يعيش فيه كما يعيش في مجتمعه هل أنت مع زواج الشباب العربي من أجنبيات كيف تقرأ هذه الحالة?
قبل أن أكون مع فكرة الزواج من أجنبيات أم لا هناك مسألة شخصية وهي جزء من حرية الفرد سواء من بنت بلده ووطنه أم من مجتمع آخر فالقضية هي قضية شخصية أولاً وتلعب في ذلك جملة من الأمور وفي نهاية القرار يبقى قراره ... وأقول ليس هناك من تميز بينهما وأعتقد أن الذين يتزوجون من أجنبيات أو غيرهن لابد أن يجري حسابات عقلية كبيرة حتى لا يقع في إشكالات أو محظورات, لذلك عندما نتزوج من أجنبية ننسى أنها من ذات عادات أو أعراف وتقاليد معينة فنفرض عليها عاداتنا وتقاليدنا بالمجمتع الذي نعيش نحن فيه وهذا عمل غير ممكن ولا يجوز بكل الأعراف وتقاليد المجتمعات الأخرى, من هذا المبدأ يصبح الزواج من أجنبية مخالفاً وإذا كان المطلوب أن أفرض عليها سلفاً هذه المبادىء أكون قد مارست العنف والظلم عليها, يجب أن آخذ بعين الاعتبار هذه القضية وأحسب لهذا الزواج وما يترتب عليه من حقوق والتزامات, لكن عند الزواج من أجنبية لابد أن أفكر ملياً ويجب تقديم تسهيلات حتى تستطيع أن تتأقلم معي... أما إذا كنت قد بقيت هناك فلا مانع أن أنقل خبرتي وعاداتي إلى ما يناسب مجتمعها بشكل أو بآخر فهذه قضية وظاهرة اجتماعية موجودة في كل المجتمعات وهناك أناس يعيشون ويتأقلمون مع هذا المجتمع ويمارسون حياة فيها كثير من الوقار والاحترام ويصبحون أعضاء فاعلين ما يدفع الزوجة اعتبار الزوج مثلاً يحتذى به وفي هذه الحالة ينمو الأبناء في جو عائلي معافى وصحي وأناس آخرون لا يستطيعون أن يتأقلموا مع هذا الواقع فيحصل ما لا يحمد عقباه.
وفي النهاية اسمح لي بالقول نجاح أو عدم نجاح لا بد من التوافق بالثقافة والفكر والآراء وأعتقد ليس هناك من محظور وموانع شديدة إذا كنا قد أقمنا عملية الزواج وأعددنا لها الإعداد الكافي من جميع النواحي, والزواج من أجنبيات مضر لا للوطن ولا للمجتمع ولا للأطفال فحسب وإنما كذلك غياب التكافؤ وغياب التجانس الفكري والثقافي و غياب الرؤية الصحيحة للحياة هو الطامة الكبرى, لذلك أقول لا يوجد هناك مانع من الزواج من أجنبيات لهذا يبقى هناك ضرورة قصوى للتواصل ودعم أواصر الإخاء مع المجتمعات الأخرى وتقديم يد العون لهذه الظاهرة وإبراز كل ما هو سوي وجميل في ثقافتنا العربية ليكون بذلك احتواء هذه الظاهرة من خلال إبراز الجوانب الحضارية لمجتمعاتنا بالممارسة المعتدلة.