تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


محاضرة ... مشكلات تربوية معاصرة

مجتمع
الاربعاء 24/8/2005
أيمن الحرفي

مما لا شك فيه أن الاعداد السليم للأبوين وخصوصاً الأم التي ترتبط بطفلها بعلاقة حميمة جنيناً ووليداً هو تمهيد لإعداد طفل سليم خال من ميراث الترهات وشوائب القناعات, وبمنأى عن الارتجال ولأنها- أي أم- هي المقعد الذي تجلس عليه نفسية الطفل كما يقول فرويد.

ولمعرفة المشكلات التربوية التي تواجه الاباء والوصول إلى الحلول الأنجع لتلافيها كانت محاضرة الأستاذ والباحث التربوي عبد العزيز الخضراء في قصر الثقافة بدوما بعنوان: ( مشكلات تربوية معاصرة تواجه الآباء).‏

وضح في بداية المحاضرة اتفاق تيارات التربية الحديثة على أهمية دور الأم والأب في نمو الطفل العقلي والجسمي والعاطفي مع اقرارها بأنهما ليسا الوحيدين المؤثرين في تربية ونمو أطفالهما, ومنها المدرسة والتلفزيون ويسميان أحياناً(الوالدان الآخران) وثمة عوامل أخرى كبقية وسائل الإعلام والأندية والفرق الرياضية, كما أقرت هذه التيارات أن الطفل لايتكيف تكيفاً مطلقاً بإرادة والديه, وكل طفل يجلب معه إلى هذه الدنيا مزاجه الخاص به فالبعض من الأطفال يكون سهل التسيير ومطيعاً, وبعضهم صعب المراس.‏

ومع ذلك فالوالدان في الحقيقة لا يملكان اليوم ولا قبله القوى المطلقة لوضع طفلهما في القالب الذي يريدانه.‏

والجدير بالتنويه أنه ما برح الباحثون منذ عشرين عاماً يسعون للاهتداء لتلك الفترة السحرية في حياة الطفل أو ( المرحلة الحرجة) التي ينبغي تدخل الآباء للوصول إلى أفضل أشكال التطوير في التربية.‏

انتقل بعدها الأستاذ الخضراء إلى توصيف المشكلات التربوية المعاصرة وكيف يتعامل الآباء معها, حيث ذكر أن متاعبنا مع أبنائنا كان منشأ السنوات الباكرة من طفولتهم ذلك أنهم سريعو التأثر بتوجيهات آبائهم وتعليماتهم (الصالحة والطالحة) فالأخطاء التي ترتكب في السنوات الأولى تكلف ثمناً باهظاً فخلال السنوات الثلاث أو الخمس الأولى من عمره يتعلم المواقف والمفاهيم الصحيحة, التي تتخذ فيما بعد صفة الثبات والدوام, فإذا شئنا أن يكون أولادنا لطفاء شاكرين مرضيين, فلنحاول غرس الفضائل فيهم, ولا نتمناها فقط ولنجعل خصائص الاستقامة والصدق واللاأنانية واحترام الأنظمة وحمل المسؤولية غرضنا الواعي ضمن جو مناسب ومتمتع بهذه الميزات.‏

ونبه إلى خطأ بعض الآباء في اعتقادهم أن الأبوة الناجحة تتلخص بتنشئة الطفل في جو من المحبة والعاطفة الصادقة وسدها حاجاته المادية والجسدية.‏

ويشير علماء النفس أن الأولاد المهذبين المسؤولين هم حصيلة عائلات استطاعت وبشكل لائق أن توفق بين الحب والتأديب ,هذان المقومان يجب استعمالهما بمقادير كافية وإن استغنينا عن أحدهما كانت النتيجة في الغالب مأساوية.. يقول مكسيم غوركي:(حتى الدجاجة تحب أطفالها, أما تربيتهم فهذا عمل عظيم, يحتاج إلى موهبة ومعرفة عميقة بالحياة).‏

ولأن العلاقة الأبوية البنيوية هي أول وأهم اختلاط اجتماعي يعرفه الطفل, فقد بين المحاضر أن علاقة الابن بوالديه المبنية على الاحترام المتبادل تشكل الأساس الذي سيبنى عليه تصرفه تجاه جميع الناس وهو حجر الزاوية لنظرته إلى سلطة المدرسة والقانون وانتهاءً بالمجتمع كله بوجه عام.‏

ثم تطرق الباحث الخضراء لموضوع غاية في الأهمية وهو موضوع الطفل المدلل الذي يحصل على كل شيء يريده الآن ويعطيه والداه أي شيء يطلبه, وسواء أحب الوالدان أم لم يحبا, فإن كلمة (لا) يجب أن تقال حفاظاً على مصلحة الطفل ذاته لأن عليه أن يفهم أن الحياة أخذ وعطاء ولن تكون أخذاً على الدوام لأنه يولد الاتكالية وعدم تحمل المسؤولية ويؤدي إلى الفشل في الحياة العامة. والطفل الذي يصمد لمشاعر الإحباط يتعلم كيف يواجه مطالب الحياة وتحدياتها في المستقبل مع التحذير بألا تكون كلمة (لا ) سيفاً مسلطاً في كل الأمور والمواقف.‏

وحذر أيضاً من الإغراق بالهدايا تطبيقاً لمبدأ ( لقد حرمنا الكثير من المتع وآن لنا ألا نحرم أولادنا) فلا شيء يقتل الشعور بالتقدير أكثر من شعور الولد بحقه في الحصول على ما يريد فلو راقبنا ولداً يفتح أكداساً من الهدايا في يوم عيد ميلاده نجده يتناولها واحدة واحدة ملقياً عليها نظرة واحدة سريعة ثم يلقيها جانباً رغم قيمتها الثمينة.. وثمة سبب آخر لضرورة حرمان الولد من بعض ما يطلب, ذلك أنك حين تغمره بالهدايا تسلبه لذة الفرح بها.‏

ثم ربط الأب مفهومي الحب والحزم كعلاقة متزامنة يسيران جنباً إلى جنب في بناء شخصية الطفل... انتقل بعدها ليحدد القواعد التربوية الأساسية لطاعة الأبناء التي تتلخص بالوقوف بحزم أمام تجاوزات الطفل لحدوده, واستخدام كلمة لا في المواقف التي تحتاجها وعدم الإسراف فيها والابتعاد عن التردد لابعاده عن حالة عدم الاستقرار ومنح الطفل الحوافز التشجيعية لتجنب الانحرافات.‏

ويحسن بالآباء تشجيع أولادهم على الابتكار والإبداع واستثمار مواهبهم عن طريق قيادة الأطفال أنفسهم بأنفسهم وتوفير الإمكانيات لتوظيفها في عملية الإبداع, وعلينا أن نترك لهم تحديد أهدافهم في استثمار مواهبهم ضمن جو تسوده الطمأنينة والهدوء.‏

وحدد خمس قواعد لتنمية شخصية الطفل تتلخص بالوعي والإدراك وضرورة توسيع مدارك التفكير عند الطفل وتحديد الأولويات في طريقة حياته وتنظيمها, ثم توسيع آفاق تفكير الطفل عند طريق مراقبة ومراجعة القصة التي قرأها... ثم التبصر بالنتائج ليعي الأطفال مسؤولية أعمالهم. وأخيراً الشعور بالمسؤولية عن طريق تعويد الطفل على استقلاليته بالتفكير تدريجياً.‏

وختاماً خرج الحضور بقواعد وأركان لبناء شخصية الطفل مستفيدين من التجارب والأمثلة التي رافقت كل نقطة شرحها المحاضر وهو ما يميز الأستاذ عبد العزيز الخضراء في محاضراته وندواته وكتبه الكثيرة في تربية الطفل.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية