وهذا يؤدي بدوره لتنمية الطاقات والفعاليات الشخصية ومن خلال استثمار أوقات الفراغ بالشكل المفيد,تم إعادة تكوين الذات على أكثر من مستوى روحي وثقافي ومعرفي,أما بالنسبة للطفل فإنه يشكل مبادرة تبتعد بشخصيته عن الجمود وتضعه في دائرة إمكانية الفعل خصوصاً في ظل طغيان التلفزيون,كما يساعده على اكتشاف إمكاناته وملكاته والتعرف بالمعاني المختلفة لحياته,مما يأخذ بيديه نحو الإبداع,الاستطلاع الآتي حول استثمار أوقات الفراغ حيث يؤكد آراء الأطفال والأهالي.
أهمية هذا الجانب في حياة الطفل
وهناك رأي للاختصاصي الاجتماعي يشير فيه إلى إيجابية توجيه وقت الفراغ بالنسبة للأطفال بحيث يساهم في بناء الشخصية وخلق السلوكيات الإيجابية عنده.
تنمية الشخصية والسلوك
تحدث الطفل قتيبة بوزيان عضواً في نادي مسرح الأطفال والعرائس عن أوقاته في فصل الصيف فقال:
أوقات فراغي أقضيها في المسرح يسليني من جهة ومن جهة أخرى له فائدة كبيرة فالطفل يصبح شجاعاً وجريئاً في تعامله مع المسرح مشاركة ومشاهدة,إذ يمكنه من التعبير عن رأيه في الحالتين,كما ويعطي ثقافة روحانية ومعلوماتية,فالطفل يستفيد الكثير من التعامل مع المسرح ويتم عبره استثمار وقت الفراغ بشكل مفيد,وأتمنى أن يكون راسخاً في حياتنا لأنه يعلم السلوك الجيد والأخلاق المثالية,وأقول ذلك من خلال معايشتي لهذه التجربة إذ وجدت نفسي تغيرت بشكل جيد إن كان في تعاملي مع الناس وصرت أكثر جرأة في أحاديثي وفي مدرستي أيضاً,وقد وجدت أن هذه الهواية وممارستها فتحت أبواباً كثيرة أمامي,وقد شجعني الأهل على ذلك,إذ أدخلت إلى حياتي اهتمامات أخرى وكلها تشغل فكري ووقتي وأذكر بأنه لي هواية أخرى غير التمثيل وهي القراءة التي تعرفني على العالم كله وأكتسب معارف وتجارب دون أن أعيشها,وأود أن أطلب من كل الأطفال أن يكون لهم هواية تشغل أوقاتهم وأفكارهم لأنها تخلق شخصية أقوى عندهم.
حماية من سلبيات الفراغ وتطوير للموهبة
أما الطفلة غيداء عرنوس قالت عن دورة السيناريو التي تتبعتها رغم صغر سنها:
تعلمت الكثير من الأشياء المفيدة في مجال الكتابة التي أحبها,ولو أنني صغيرة فإنني درستها وقدمت الجهد اللازم لذلك فإنني أعرف أشياء كثيرة عن هذه الكتابة ولا يصعب علي أي شيء وصرت أعرف كتابة المشهد والحلقة,كما أحب الموسيقا وكتابة الأغاني الوطنية,وأقول بأن الجهد يساعد كل الأطفال في تخطي الصعوبات وإشغال الوقت بالشكل المفيد.
أما أمها قالت: وجدت لدى طفلتي التفوق في مادة الخطابة,كما أنها الأولى في صفها ومهمتي أن أساعدها للمتابعة,خصوصاً أنها كانت رائدة في مجال الإلقاء والخطابة وظهرت عندها موهبة الكتابة فأخذت بيدها حسب ميولها التي ترغبها فسجلت لها دورة في السيناريو وصارت تكتب وخدمها أن خيالها واسع,تتخيل أشياء وأشياء,فما كان مني إلا التركيز على موهبتها التي تتمتع بها,وحاولت تطويرها واستثمرت وقتها بشكل مفيد,فذلك يخلق إنساناً مختلفاً تماماً,فطورت من موهبتها وفكرها ووجهتها بالشكل العلمي حتى تخرج بنتيجة إيجابية,في ذات الوقت أحميها من سلبيات أوقات الفراغ إذا ما عاشته بدون معنى.
يؤكد هذا الجانب والد الطفلة ربا بزرتو فقال:
رأيت أن الطفلة لديها الرغبة بالتعلم للتمثيل وكنت أراها تمثل لوحدها فقررت تسجيلها بدورة (سيناريو) كي تتعلم بالشكل الصحيح وقد تأثرت نفسيتها وأصبحت أكثر تفتحاً من السابق وأكثر تفاعلاً في التعامل,وكان لها الرغبة بالتعرف على الكمبيوتر,أيضاً تفرغت لذلك وتابعت معها دورة تتعرف على هذا الجهاز تستغل وقتها من خلاله,لأن ذلك سيجلب لها الفائدة في جوانب عديدة.
أما الطفلة ربا بزرتو قالت:
أقضي أوقات فراغي بدورات كمبيوتر-لغة-سيناريو في فصل الصيف حتى أتعلم ما يفيدني لمستقبلي,وخاصة أن هذه الدورات فيها المتعة والترفيه وقد اخترتها برغبتي وساعدني والدي الذي يقضي وقته برفقتي في تلك الدورات.
وصرت أعرف أشياء كثيرة وأحس بالسعادة لاهتمام أهلي بي فأتحفز للتعلم بشكل أكبر
مع الاختصاصي الاجتماعي
الاختصاصية الاجتماعية هيفاء أحمد قالت:
لا شك إن استثمار وقت الفراغ ضروري جداً وعلى الأهل أن يساعدوا الطفل بتحديد الأنشطة التي تؤدي إلى متعته لأن ذلك سيجعله يكتشف الحياة من منظور مختلف,فمن الضروري مساعدة الطفل لاكتشاف إمكاناته ومواهبه والعمل على تنميتها إلى أقصى حد ممكن وذلك يقع على عاتق الأهل بالملاحظة والمتابعة والاهتمام للطفل.
فمن الضروري بمكان تنظيم أوقات الفراغ وممارسة الهوايات المحببة خاصة تلك التي تنمي عند الطفل الذكاء وتطور من آفاق شخصيته بنيوياً وتنموياً,بما يحقق الشخصية السليمة المتوازنة وينعكس بالتالي إيجابياً على الفرد والمجتمع.
فإن مارس الطفل هواياته المفضلة دون مبالغة فيها فهذا يعزز من ثقته بنفسه وبقدراته ويجعله إنساناً مسؤولاً واثقاً من مقدرته وأفعاله مما ينعكس لاحقاً على حياته العملية وشخصيته بالشكل السليم وسيوصله ذلك للإبداع والابتكار,وعلى الأهل والمدرسة أن يتعاملا بوعي كبير في هذا الجانب ويشجعا الطفل على اكتشاف ميوله ورغباته في الاتجاه الصحيح فالتركيز على أوقات الفراغ بشكل عام ضروري ويوازي العمل بأهميته ولا نبالغ إن قلنا بأن أوقات الفراغ تضاهي أوقات العمل في الدول المتقدمة بل هي أكثر أهمية لما لها من دور فعال وبناء في تنمية الشخصية مما يحقق التوازن النفسي والتكيف الاجتماعي السليم للفرد مع محيطه,واستشهد هنا بحكمة ضرورية في هذا السياق وهي:
(من لم يشغل نفسه بالحق شغلها بالباطل)