وقد صيغ المعرض على شكل رحلة سياحية طويلة على طريق الحرير, طولها عشرة آلاف كيلو متر والتي امتدت لأكثر من ألف عام ربطت بين العاصمة الصينية القديمة شانغان ( اكسيان الحالية) بحوض البحر الابيض المتوسط, حاملة اليه على وجه التحديد البدائع والنفائس التي طالما استحوذت على اعجاب الرومان .
على الطريق التجارية ,كانت تعتبر دونهيانغ في آسيا الوسطى, المرحلة الاهم بالنسبة للقوافل, وهي اليوم احدى اهم المواقع التي تتحدث عن الماضي الصيني, وقد صنفتها منظمة اليونسكو عام 1987 ضمن الارث الثقافي العالمي .
(طريق الحرير هو ايضا طريق البوذية التي سلكت الطرق التجارية. وتضيف مديرة المعرض ماري فواسي بالقول: دونهيانغ هي الرمز للطريق الهادئ والمسالم الذي سلكته انذاك هذه الديانة الجديدة).
اولى تلك التحف التي جابت طرق آسيا الوسطى وقد نقلت من خلال الرهبان المسافرين هي: (السوترا) اي : جماع الاحكام ( مجموعة محاورات ودروس في البوذية) المحمية بأغطية من الخيزران او الحرير, او في داخل صناديق الذخائر المقدسة, وفي مذابح المعابد الصغيرة التي كانت تقام خلال رحلة داخل الغابة.. تماثيل وصور بوذا وبوذيات حفظت ضد مخاطر الرحلات التي تمت استعارتها من متحف( غويميه ) وهواة جمع التحف النادرة تشهد ايضا على غزارة انتاج القطع التي تعبر عن المعتقدات الشعبية وكان يحصل عليها المؤمنون من متاجر صغيرة قريبة من المعابد.
في اقليم ( غانسي) الواقع على بعد 25 كم جنوب شرق دونهيانغ, توجد كهوف (موغاو) والتي اطلق عليها ( كهوف الالف تمثال بوذي) وهي تنتشر فوق جرف صخري يصل طوله الى اكثر من 1600 متر. وحسب الكتابة الموجودة على نصب تذكاري يعود تاريخه الى عام ,698 جاء فيهاانه في عام 366 في مدينة (كين ) القديمة, قام راهب يدعى (يوزون) بوضع اول نموذج للمشكاة وبعدها امتدت اعمال الحفر مدة الف عام, اي خلال مرحلة حكم عشر اسر واربعة عشر قرنا .
وهناك جسور خشبية صغيرة مثبتة على حواف الصخور والتي تصل بين الكهوف والمغاور تمكن الزائر من الوصول الى هذا الارث العظيم للثقافة الصينية البوذية . مركز الابحاث في دونهيانغ الذي قام خصوصا بمهمة الحفاظ والحماية لهذا الموقع, قام بعملية جرد ايضا لأكثر من 4500م2 من الصور الجدارية, واكثر من 3000 صورة متعددة الالوان ,و خمسة افاريز خشبية بنيت في عهد حكم التانغيين والسونغيين وكثير من التماثيل الحجرية والارضيات المرصوفة بالآجر الذي كان رائجا في ذلك الاوان ..
وتوضح ماري فواسي مديرة المعرض بالقول: انه وبهذه الجداريات التي عثر عليها في دونهيانغ يمكننا تتبع ميلاد فن الرسم الصيني . فهي تقدم لوحة مصورة عن تطور البوذية ولمحة موجزة فريدة عن الحياة اليومية في الصين خلال عشرة قرون مضت..
في عام 1900 تم اكتشاف كهف ( السوترا) في المغارة رقم 17 الذائعة الصيت وكثير من القطع حملها الى فرنسا المستكشف الفرنسي (بول بيليو) وقد اودعت لاحقا في متحف (غويميه) عدة قطع منها وجدت فرصة لها في هذا المعرض وهي جاءت كاعارة من المركز وهذا هو حال فن الرسم على الحرير النادر التي عنوانها ( هجوم مارا) (907-960) التي تروي انتصارات بوذا على غوايات الشيطان .
من جانبه , مركز الابحاث في دونهيانغ اودع لديه عشرة من التحف الاصلية في كهوف ( موغاو ) وهي عبارة عن كنوز وطنية حقيقية, مصنوعة من الحجارة المتعددة الألوان, ونظراً لضعف بنيتها وقابلية عطبها السريع حظر اخراجها من الصين بتاتاً.
( السيدة البوذية) التي تحمل في الاساس ثمانية اذرع هي التمثال الوحيد الذي لم يتم العثور عليه في الكهف رقم 17 وقدصنع الرأس والجسد من خشب الحور والصفصاف. وتحف فنية اخرى: تمثال ( فيردهاها) الخشبي ( 705-780) حارس البوابة المؤدية الى المحارب الذي كان يحمي بوابة الجنة وكان يدافع عن الاراضي المقدسة, و( السيدة البوذية في حالة تأمل ) التي صنعت من الحجر الصلب, يعود تاريخها الى حقبة حكم عائلة التانغيين (705-780).