تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الشركات الاحتكارية.. تجارة أسلحة وفساد..فوضى وحروب

شؤون سياسية
الخميس 12-11-2009م
منير الموسى

منذ صدور قانون ممارسات الفساد الأجنبية في عهد الرئيس جيمي كارتر عام 1977، تدأب الولايات المتحدة على مكافحة الفساد

من خلال وضع اتفاقيات دولية وتنفيذها. وثمة إدارة لمكافحة الفساد العابر للحدود تتبع لوزارة الخارجية الأميركية تضع مبادئ دولية لتحديد الفساد، وتعمل مع حكومات بعض الدول لإبراز أهمية الشفافية في الشراكات الاقتصادية مع الولايات المتحدة، وفي عمليات التقييم المالية وممارسات الإقراض في المؤسسات المالية الدولية، وتشجع على الحوكمة الاقتصادية، مع التركيز على الأنظمة الديمقراطية القائمة على أساس آليات السوق الحر والمطالبة باجتثاث الفساد وأوجه الفساد العالمي المتمثل بالاتجار بالمخدرات والرقيق، وتبييض الأموال والاتجار بالسلاح، وجاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1975 أول قرار عالمي يشجب كل أشكال الفساد. وكانت الولايات المتحدة من أولى الدول المؤيدة لمبادرة ميثاق الاستقرار ضد الفساد عام 2000، واتفاقية الأميركيتين أول اتفاقية دولية لوضع نظام يستهدف الفساد في إطار اتفاقية دولية ملزمة، ولطالما ظهرت الولايات المتحدة في موقع الريادة في الحرب على الفساد على الصعيد العالمي. ولكن التقارير التي تناولتها الصحف الاميركية مطلع الشهر الجاري ولاسيما الواشنطن بوست، حول استشراء الفساد بين أعضاء في الكونغرس عكست تغييراً واضحاً في مساحة تلك الريادة وفي حجم تكامل العمل ضد الفساد، وقد تكون التحقيقات التي تجريها لجنة الشؤون الأخلاقية في الكونغرس في تورط 30 عضوا منه مع مساعديهم في قضايا فساد، مصدر شفافية على مسامع العالم بعد ذيوع عمليات استغلال نفوذ وتلقي رشاوى من شركات خاصة مقابل تسهيل منحها عقودا مع وزارة الدفاع الأميركية، إضافة إلى التحقيقات مع نواب آخرين وعد بعضهم بمساعدة موظفين لدى إيباك متهمين بالتجسس على وزارة الدفاع لمصلحة إسرائيل، حيث أوحت صحيفة التايمز أن قسما منهم من الديمقراطيين، ما يشكل حرجا كبيرا لرئيس البرلمان نانسي بيلوسي التي تعهدت بمكافحة الفساد وبسط الرقابة المشددة على الكونغرس ولعل من شأن صرف مليارات الدولارات سنويا على مشروعات لايحتاجها البنتاغون وجمع التبرعات عبر مجموعة بي إم إي، قد يؤدي إلى حدوث هزة في الطبقة السياسية والمجتمع الأميركي، إذا ثبتت التهم. ويرى بعض المحليين أن مجموعة الفساد ستسيء إلى هيكل النظام الأميركي الذي اهتز أصلا بعد أحداث ١١ أيلول، ما أدى إلى تحولات هائلة في الداخل الأميركي ولاسيما انتهاك سيادة المواطن الأميركي برعاية وزارة العدل في عهد إدارة جورج بوش، إضافة إلى تجاوز تلك الإدارة لكل الأعراف والقوانين الدولية ونشرها ثقافة الحرب تحت ستار مجلس الأمن، فامتدت أذرع الاستخبارات الأميركية في غير مكان من العالم وخاصة العراق وأفغانستان، فحدثت تحولات رسخت الفساد العابر للحدود، وغدت الديمقراطية وحقوق الإنسان ذرائع يتمترس وراءها من أشعل حروب القرن الحادي والعشرين، وطفت على السطح ممارسات الفساد العالمي باسم الشراكات الاقتصادية وكثرت الرشاوى التي تدفع إلى الأنظمة وإلى من سموا أنفسهم الليبراليين الجدد من أجل إخضاعهم للرغبات الأميركية، على حين جمدت أرصدة وأموال الكثير من المؤسسات والأفراد والدول، و لاسيما التي شقت عصا الطاعة الأميركية، والتي وقفت أمام مبادرة السيطرة على منابع الثروات في العالم ومصادرتها.‏

ويعتقد استراتيجيون أن مرض الفساد الذي تغلغل في بنية الهيكل الأميركي هو الذي أدى أيضا إلى عمليات تبييض الأموال على الصعيد العالمي التي قامت بها شبكة ولاية نيوجرسي التي ضمت حاخامات وهي الفضيحة التي يجري التحقيق فيها منذ عشر سنوات ولا شفافية حتى الآن، وبمفهوم المخالفة هل ستحارب الولايات المتحدة رشوة الأجانب وفقا لقانون 1977 إذا اعتبرنا أن الفساد أينما كان يعد أكبر تهديد للأمن القومي. في العراق عرض السفير الأميركي السابق جوزيف ستيفورد عددا من حالات الفساد التي تخص الجيش الأميركي والمتعاقدين معه. وفي أفغانستان وعد الرئيس حامد كرزاي في ولايته الثانية تحت الاحتلال بمكافحة الفساد وعين عزت واصفي على رأس مكتب مكافحة الفساد في الحكومة الأفغانية رغم ماضيه الأسود، وعندما وجهت الانتقادات لواصفي أجاب أن ماضيه لايختلف من وجهة نظره عن ماضي الرئيس الأميركي السابق جورج بوش!!‏

ومن جهة الصراع العربي الاسرائيلي ماالذي يجعل السياسات الأميركية تتماهي مع سياسات اسرائيل التي تحتل الأراضي العربية وترفض قرارات مجلس الأمن وترتكب المجازر وآخرها مجازر غزة بداية العام الحالي؟‏

مجموعات الضغط الصهيونية تبسط يدها كل البسط مثلا كي تحصل على فيتو أميركي ضد تقرير غولدستون، وهي اللوبيات التي تكمن في صلب الشركات المتعددة الجنسيات التي تتاجر بالأسلحة، وفي الصناعات الثقيلة والنفط وشركات نظم المعلوماتية، وفي الأساس بنيان الولايات المتحدة كله مبني على تلك الشركات العابرة للقارات التي تلهث وراء اقتصاد السلعة، وبفوضى عالمية أدت إلى انهيارات مالية بدأت من عقر دارها وراحت تهدد بدمار اقتصادي عالمي. ولعل إفلاسات شركات النفط في بداية الألفية أدت إلى الشذوذ غير المبرر لسياسات صفقات الفساد التي تحولت إلى حروب وخلق ذرائع لتلوين العالم باللون الأميركي وفرض الأتاوات على بعض دول العالم زمن بوش، وأدت إلى إضعاف دور المؤسسات الدولية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية