لم تكن قدرات «دوستويفسكي» فى دقة الملاحظة بل تجاوزتها ليكون بمثابة الصوت النبوي لعصره فيما يتعلق بتوقعاته عن الأماكن الخطيرة والقاتلة، حيث ستنتشر بعض الأيديولوجيات والفلسفات الشعبية التي من شأنها أن تقود روسيا والعالم الغربي الحديث بشكل عام.
فى سياق عدد من كتبه مثل: «الشياطين»، و«الإخوة كارامازوف»، تنبأ عن الكوابيس الاجتماعية والاقتصادية والجيوسياسية التي تنتظر مجتمعات القرن الـ20 ومن شأنها أن تعتمد التقدمية، والعدمية، والاشتراكية كمبادئ توجيهية.
وحدد الاستراتيجيات التي سيستخدمها اليسار فى القرن العشرين وجهاتهم النهائية.. ثلاث من هذه النبوءات البارزة هي الحرب على مفهوم الأسرة، واستبدال الديانات القديمة بالعلمانية التي تعتبر ديناً جديداً يناسب العصر، وإبادة الملايين من المواطنين فى سبيل «القضية».
فى روايته «الشياطين» يتعرض البطل بيتر فيرهوفنسكس للترك من قبل والده ليجسد ويصور علاقة مريضة بين أب وابنه الذي يحاول أن ينتقم من إهمال والده، وهو ما انتشر بعد ذلك فى روسيا بشكل كبير، التي عانت من التفسخ الأسري بعد سيادة العصر التقدمي.
وفى روايته «الإخوة كارمازوف» تنبأ بالعلمانية، ورأى أن اليسار يشكلون ديناً جديداً من خلال سياساتهم، واعتقد دوستويفسكي أن الدولة العلمانية قادرة على ارتكاب فظائع لا توصف..
قبل خمسين عاماً من انتشار الشيوعية، صور الروائي الروسي فيودور ميخائيلوفيتش دوستويفسكي، شخصية المنظر الاجتماعي «شيجالوف» في الشياطين الذي أعلن للدائرة الداخلية للثوريين الاشتراكيين أن لديه خطة منطقية طويلة الأجل لحكم الناس بعد الإطاحة بقيصر روسيا.