1945، ووصلت العربدة إلى ذروتها عندما راح جنود الاحتلال «المرتزقة» من السنغال وغيره من بلد إفريقي وآسيوي وأوروبي، يطلقون النار بأوامر من قادتهم الفرنسيين، بشكل عشوائي في المدن السورية ابتهاجاً بهزيمة ألمانيا، وأصابوا العديد من المواطنين السوريين بذريعة الفرح.
واليوم وفي غياب التوازن الدولي وهيمنة قطب واحد على العالم، تزداد الهجمة الأوربية الأميركية، بأدوات شتى، على سورية هذه الأيام، من خلال جماعات مسلحة دربت ومولت لتخريب سورية وتفتيتها، تطلق النار عشوائياً وتستهدف رجال الشرطة والجيش «حماة الديار».
وسورية تدرك ما تقوم به الدوائر الغربية التي لها تجربة في غير مكان في العالم، بدءاً من أفغانستان ثم العراق وليبيا، وفي المستعمرات الإفريقية الحالية، إذ تضع تلك الدوائر الخطط لضرب أي بلد نام وأي بلد عربي، وكل البلاد العربية مستهدفة.
واستهداف سورية يتكرر منذ استقلالها في كل عقد من الزمان بين 3-5 مرات إما بالمشاريع أو الضغوط أو الفتن، من مشروع ايزنهاور الى مشروع الشرق الأوسط الجديد، ومن زرع الكيان الصهيوني واحتلال الجولان إلى آخر عربدات هذا الكيان. وكل ذلك للنيل من وحدتها وتحييدها عن القيام بدورها تجاه القضايا العربية، وطمعاً بالنهب الاستعماري.
أميركا التي تركب موجة حقوق الإنسان أكثر من يدوس هذه الحقوق على أرضها عندما تدلي بحديث منمق عن «مكافحة الجريمة» لقمع تظاهرة تعارض سياسات مجتمعيها الصناعي والمالي. وتتحدث عن حقوق الانسان في دولة أخرى لتضغط من أجل دخول أسواقها عن طريق وول ستريت.
والاتحاد الأوروبي يريد أن تدخل سورية في الشراكة الأوروبية، لأن تدأب دول الاستعمار القديم «الجديد» أن تفتش عن مغانم تساعدها على التمادي في النهب «الحضاري» وإلا فبالنهب «الهمجي» الذي شهدته سورية وبلاد الشام على يد بريطانيا وفرنسا اللتين قسمتا المنطقة باتفاقية سايكس- بيكو.
الاحتلال الفرنسي لسورية سرق الذهب السوري وأنزل مكانه ورقات عملة لاقيمة لها، والقطن، والقمح وغيرها من المواد الأولية، وروى أكثر من شخص عايشوا الاحتلال «ورحل معظمهم» عن أن فرنسا كانت تسرق المياه المعدنية السورية بعبوات وتبيعها لكل أوروبا.
وسورية شهدت فترة الاستعمار الفرنسي، مئات عمليات العدوان التي استهدفت شعبها المتطلع إلى الحرية، ومدنها، واستطاعت انتزاع قرار من الأمم المتحدة في شباط 1946 بسحب القوات الفرنسية.
واليوم تمر ذكرى تلك الملحمة الوطنية التي سطرت بدماء رجال الشرطة السوريين الذين تصدوا للعدوان المبيت منذ 18 أيار 1945 عندما تقدمت سلطات الانتداب بمذكرة للحكومة السورية تفرض شروطاً جديدة. وفي 23 أيار 1945 أصدر الجنرال اولغار روجيه في دمشق بلاغاً حمل في طياته تلك النيات العدوانية وفي 29 أيار وجه إنذاراً إلى رئيس المجلس النيابي طالباً منه أن تقوم حامية البرلمان بتحية العلم الفرنسي عند إنزاله عن مقر الأركان الفرنسي الموجود مقابل المجلس.
ولما رفض رئيس المجلس سعد الله الجابري الإنذار طوق المجلس بالمصفحات وبدأ العدوان ودوت أجزاء كبيرة منه واستشهد عدد كبير من الحامية، وكل ذلك بتهمة تحقير العلم الفرنسي وتدل الوثائق التاريخية أن الجنود الفرنسيين في العدوان على البرلمان نهبوا على هامش الحدث المحال التجارية والبيوت ونقلوا المسروقات إلى ثكناتهم ثم إلى فرنسا عن طريق مطار المزة، إضافة إلى نهب الوزارات والدوائر الحكومية، حتى إن قواتهم دكت يومذاك بعض المدن السورية بالمدفعية الثقيلة بالترافق مع القصف الجوي، ولكأن الاحتلال يعرف أن يوم طرده قريب. وقد خرجت التظاهرات في أغلب العواصم العربية تندد بجرائمه وتؤيد استقلال سورية ولاسيما في جدة وعمان والقاهرة وبيروت وبغداد.
وعلى النت توثيقات بالصور والنصوص لهذا العدوان«على البرلمان السوري عام 1945» تحدثت عن انتصارات الشعب السوري الذي كان بكل فئاته يعي كل المؤامرات والخطط الاستعمارية. وسجل بطولات رائعة لصد المجزرة. واليوم أغلبية شعب سورية تعي المؤامرة الجديدة وخطورتها، فالمستعمر وأعوانه وسادته يريدون تفكيك سورية لتسويغ نهب جديد بذرائع إنسانية، والعملاء كل أسبوع ويوم الجمعة بالتحديد يطالعوننا بشعار جديد، ولعمري إنهم يكرهون «حماة الديار» شعار الجمعة الماضي لهم، وهم يكرسون صورة يوسف العظمة الشهيد البطل، والحقيقة هؤلاء المتطرفون هم ذاتهم من أعلنوا على مسامعنا آلاف المرات كرههم للشهيد العظمة فهم يكرهون كل الرموز الوطنية السورية التي حاربت في فلسطين منذ نشوء الحركة الصهيونية، وكل القامات السورية الكبيرة التي تناضل للحفاظ على سورية قوية ومنيعة ومستقرة وهم رفعوا العلم الإسرائيلي نكاية بحماة الديار.