الذي أصبحت به السياسة في أميركا مختلفة . وبالنظر الى السياق التاريخي،أي التغيرات الدراماتيكية التي تحدث عبر العالم العربي، ومقتل بن لادن، وفشل عملية السلام العربية - الاسرائيلية في وقت يقترب فيه موعد أيلول الذي كان أوباما قد حدده ذات يوم لقيام دولة فلسطينية، وجد البيت الأبيض أن هذا هو الوقت المناسب ليلقي الرئيس خطاباً يؤطر رؤية شاملة لسياسة ادارته في الشرق الأوسط.
وقد راودت عدة اسئلة بعض من استمع الى ذلك الخطاب منها : من هو الجمهور المقصود؟
وكيف سيستقبل هذا الخطاب من قبل الجماهير العديدة التي ستستمع إليه؟ فإذا كان الخطاب موجهاً الى جمهور أميركي، فقد كان خطاباً مفيداً، ذلك أن تحليل الرئيس للربيع العربي كان مدروساً وتركيزه على الحاجة الى التنمية الاقتصادية الفارغة ومن خلال احتضانه لأجندة الديمقراطية المزيفة.
كما طرح أوباما جانباً الخطاب الفارغ غير الصادق الذي كان يتبناه المحافظون الجدد والتفاهات المتعلقة بـ «الاسلاموفوبيا» التي كانت تسيطر على معظم اليمين وأصابت أيضاً جزءا من اليسار.
صحيح أن الكونغرس الحالي قد لا يرغب بدعم مبادرات الرئيس، بما قد يحكم عليها بالفشل حتى قبل أن تتجسد، إلا أنه كان من المهم ان يتحدى أوباما الكونغرس حتى يترجم الأقوال إلى أفعال ويقدم الدعم والمساعدة، وذلك لأن السياسيين قد يتحدثون طوال الوقت عن مزايا الديمقراطية وأهميتها، ولكن حين يتعلق الأمر بدعم بناء القدرات وخلق الوظائف الضرورية لدفع المجتمعات التي تعيش مرحلة انتقالية، فإنهم سرعان ما يديرون ظهورهم.
وكان أيضاً خطاباً متواضعاً اعترف فيه أوباما أحيانا بشكل ضمني وأحيانا أخرى بشكل صريح، بالحدود والإكراهات التي تواجهها الدبلوماسية الأميركية في المنطقة لافتاً إلى أن أميركا لم تصنع الربيع العربي، كما أنها لا تستطيع أن تدير مساره.
وعلى رغم الطابع الصريح والمباشر الذي كان عليه حديث أوباما عن أجندة الديمقراطية الواهية هذه، إلا أنه كان أكثر غموضاً بخصوص طريقة تناوله للموضوع الذي استأثر بأكبر قدر من الاهتمام لاحقاً الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني.
واللافت أن أوباما حرص في هذا الخطاب على أن يعطي شيئاً ما لكل جانب. فمثلا، قبل ما يدفع به الفلسطينيون من أن المواضيع المرتبطة بالحدود والأراضي يجب أن تبحث أولاً: مع الاعتراف بحدود عام 1967 باعتبارها نقطة البداية . ولكنه أضاف بعد ذلك الحاجة إلى «تبادل متفق عليه للأراضي» مراعاة لمخاوف اسرائيل، كما رفض جهود الفلسطينيين الساعية وراء اعتراف الأمم المتحدة بدولتهم، ولكنه أضاف ان الدولة الفلسطينية المقبلة ينبغي أن تكون لها حدود مع اسرائيل والاردن ومصر وأن تكون متواصلة جغرافياً معتقداً أنه سيوجه صفعة لنتنياهو، لكنه هو نفسه أوباما تلقى صفعة نتنياهو الذي رفض العودة الى حدود 1967
وفي أثناء ذلك، لم يحدث الخطاب أي تأثير في العالم العربي، حيث إن الخطاب الذي استمع إليه العرب كان بالياً جداً، لا يدفع بالنقاش إلى الأمام إلى ما هو أبعد مما وصله خطاب القاهرة هو رؤية محددات أو علاقات صارمة، وجدول زمني للتطبيق، وخطوات ملموسة تتخذها أميركا لانهاء احتلال الأراضي الفلسطينية الذي وصل عامه الرابع والأربعين.
وهنا تكمن المشكلة، ذلك أن ما كانت الادارة ترى أنه خطوة ضرورية وإن كانت خطيرة، في الداخل انتهى به الأمر الى إغضاب الاسرائيليين المتشددين والتحول الى ما يشبه سلاحاً لـ «الجمهوريين» في الداخل واعتباره من قبل العرب «خطوة صغيرة ومتأخرة جداً».