مع التهجير والشتات، والقتل والاعتقال على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.. قرار واضح المعنى لا لبس فيه.. الا ان الانحياز الاميركي والدولي للكيان الصهيوني عمل على تمييع القرار وتسويفه.. سنوات من القهر والمعاناة عرفها الشعب الفلسطيني.. ورؤساء وحكومات واجيال توالت مذ ذلك التاريخ.. والقضية الفلسطينية هي ذاتها.. بل على العكس شهدت مزيدا من التراخي والتراجع العربي.. ومزيدا من الانحياز الغربي لإسرائيل التي زادت تصلبا وتطرفاً.
حينذاك كان الحديث عن حدود إسرائيلية ضمن 48 .. وفلسطينية على ما تبقى من اراضي فلسطين التاريخية وهو ما يعرف الان بحدود عام 1967 .. واليوم بات الحديث عن جزر وكانتونات عربية مترامية الأطراف غير مترابطة.. مبعثرة جغرافياً.. لا تضم القدس المحتلة ولا عودة اللاجئين.. دولة مستقلة منزوعة السلاح والقرار والارادة.. وهو ما اكده رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه قبل ايام امام الكونغرس الأميركي، رافضاً قيام اي دولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967، وتقسيم القدس وحث الرئيس الفلسطيني محمود عباس على أن ينأى بنفسه عن حركة المقاومة الوطنية (حماس) ووعد ان يكون «سخيا» بشأن اراضي الضفة الغربية المحتلة اذا ما سعى عباس لتحقيق السلام. ولكنه تمسك بالاحتفاظ بوادي الاردن.
الاربع وستون سنة الماضية شهدت العديد من توقيع الاتفاقيات من كامب ديفد الى وادي عربة الى اوسلو.. كما شهدت العديد من المؤتمرات والمبادرات حول عملية السلام .. كما استقبلت المنطقة عددا لا يعد ولا يحصى من مبعوثي السلام والنتيجة كانت دائما اكثر ألماً وخيبة.
مبادرة السلام العربية احدى تلك المحاولات للوصول الى سلام في المنطقة.. لكنها واجهت ذات المصير لدى الاسرائيلي.. حتى اجتماع لجنة تلك المبادرة في الدوحة قبل يومين حيث اتخذت قراراً ليس بديلاً أو محاولة للضغط بل هو خيارٌ مشروعٌ أجل ترسيخ حقٍ تاريخيٍ قائمٍ بالأساس للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وذلك في مواجهة خطابٍ أمريكي أنكر هذه المرة المرجعيات الأصلية لعملية السلام.
قرار المبادرة يقضي التوجه إلى الأمم المتحدة لتقديم طلب العضوية الكاملة في المنظمة الدولية لدولة فلسطين على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس والعمل على حشد الدعم الدولي المطلوب من أعضاء مجلس الأمن والتجمعات السياسية والجغرافية في الأمم المتحدة بما يسمح بصدور هذا القرار.
وأكدت اللجنة في بيانها الموقف العربي القائم على أن السلام العادل والشامل لن يتحقق إلا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة إلى حدود الرابع من حزيران 1967 بما في ذلك الجولان السوري المحتل والأراضي اتي ما زالت محتلةً في جنوب لبنان وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس وإيجاد حلٍ عادلٍ لقضية اللاجئين وذلك طبقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية ورفض أي حلولٍ جزئية أو مرحلية في هذا الشأن.
الموقف العربي المتخذ في الدوحة لم يكن بعيدا عن الموقف الاميركي قبل ان يبلعه الرئيس الاميركي قبل اقل من 24 ساعة.. اوباما وفي كلمته الموجهة للمنطقة قال: إن قضايا الصراع الجوهرية يجب التفاوض عليها، فإن الأساس لتلك المفاوضات واضح وهو: فلسطين قابلة للحياة، وإسرائيل آمنة. والولايات المتحدة تعتقد أن المفاوضات يجب أن تسفر عن قيام دولتين بحدود فلسطينية دائمة مع إسرائيل والأردن ومصر، وحدود إسرائيلية دائمة مع فلسطين. ونحن نعتقد أن إسرائيل وفلسطين يجب أن تقوم على أساس حدود العام 1967 مع تبادل متفق عليه في الأراضي بحيث يتم إنشاء حدود آمنة معترف بها للدولتين. إذ يجب أن يكون للشعب الفلسطيني الحق في حكم نفسه بنفسه ويحقق كامل إمكانياته في دولة ذات سيادة ومتصلة.
قرار جريء اتخذه العرب .. فالسلام العادل والشامل لن يتحقق الا بعودة الحقوق الى اصحابها.. وعلى العالم الخروج عن صمته ازاء ما يجري في فلسطين المحتلة.. وذلك بالتصدي للعنجهية الاسرائيلية.. والاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس.. وهنا لا بد من التأكيد على الدور الروسي والصيني ودول عدم الانحياز في انتزاع الاعتراف الاممي بتلك الدولة.. وعلى الدول الغربية ان تبرهن على ارض الواقع ما تدعيه من وقوفها الى جانب المستضعفين وحقوق الانسان، وتصوت على قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس.