أكثر فأكثر من الدور التاريخي الذي كانت تلعبه قبل نظام كامب ديفيد غير المأسوف على سقوطه، وسيترتب عليها في المرحلة القادمة القيام بمهمات لا تقل صعوبة بشأن إصلاح الواقع العربي الذي تجري محاولات غربية حثيثة لتفكيكه وضرب وحدته وتماسكه تلبية لمصالح استعمارية صهيونية مكشوفة النيات والأهداف.
فعلى جانبي مصر بؤرتا توتر وصراع لا تقلان أهمية عن القضية الفلسطينية، يتحرك فيهما بشكل مؤثر وسلبي عاملان داخلي وخارجي، من شأن تطور الأحداث فيهما على هذا النحو الدراماتيكي أن يجهضا ثورة مصر وتضحيات شعبها وأن يحولا دون قيامها بأي دور لمصلحة العرب وقضاياهم.
فإلى الجنوب من مصر يجري تقسيم السودان بشكل آلي ومنظم إلى أقاليم ومناطق تتناحر فيما بينها، ما يعني تحوله مع مرور الوقت إلى كابوس يقض مضاجع المصريين جميعا، خاصة مع وجود مخطط لاستهداف نهر النيل الذي يشكل شريان الحياة الوحيد في مصر، ولم يعد سرا أن إسرائيل هي أبرز المتورطين في مؤامرة تقسيم السودان وفي التحريض على حرمان مصر من مستحقاتها بمياه النيل.
وإلى الغرب من مصر دخلت دولة عربية أخرى هي ليبيا في نفق مظلم من الصعب التكهن متى وأين ينتهي وما هي تداعياته على مستقبل مصر، فالدول الاستعمارية التي تتشارك طائراتها وبوارجها الحربية حاليا بتوزيع الدمار والخراب بين المدن الليبية كافة مصممة على إعادة ليبيا إلى العصور الوسطى وعلى نفقة الليبيين أنفسهم، وهذا يعني وضع عبء إضافي على كاهل مصر التي لن تعرف الاستقرار طالما استمر التوتر على حدودها.
مصر تريد أن تستكمل عودتها إلى أحضان وقضايا أمتها، ولكن رحلة العودة لن تكون سهلة، لأن الغرب الذي يرمي بقنابله اليوم فوق ليبيا هو نفسه الغرب الذي حاصر قطاع غزة وساهم على مدى أكثر من تسعين عاما بقتل الفلسطينيين وتشريدهم ونكران حقوقهم، وهو لن يتساهل مع مصر إذا ما حاولت دفع الظلم والحصار عن أهل غزة..
وعليها أن تحذر مكائد الغرب الذي لا يؤمن جانبه، ولعل الرشوة التي قدمت لمصر في قمة دوفيل الفرنسية هي مجرد جزرة مقابل العصا التي ترفع في وجه كل من ليبيا والسودان.!!