البال أو لا تخطر ولهذه السينما شريحة كبيرة من المشاهدين على امتداد الوطن العربي... وتصدر إلينا هذه السينما العديد والعديد من السموم على اختلاف روائحها بصورة مبهرة تجتمع فيها كل عناصر الإبهار السمعي والبصري وتجمع أسماء كبيرة في عالم الإخراج والتمثيل لتصبح المعادلة أو الوجبة التي تقدمها ذات قيمة على حسب تعبيرها.. من هنا يمكن أن نقول بثقة إن النظرة السينمائية الغربية للعرب كانت على الدوام نظرة عنصرية ـ مع وجود استثناءات قليلة جداً إن لم تكن نادرة ـ فالعربي في تلك الأفلام هو البدوي الذي يسكن الخيام ويركب الجمال، ينتقل من مكان لآخر لا يتشبث بأرض أو وطن ولا يعرف الزراعة والاستقرار.. إنسان انتهازي مصلحي لا يتورع عن الغش والخيانة من أجل مكاسبه الشخصية.. إلى آخر ما هنالك من الصفات الوضيعة التي طغت أيضاً على صورة الهندي الأحمر والإفريقي الأسود والآسيوي الأصفر في الأعمال السينمائية التي دارت في الغرب الأميركي أو القارتين الأفريقية والآسيوية…وهناك أفلام مليئة:
بإسقاطات سياسية معاصرة في باطنها، استخدمت بذكاء وبطريقة غير مباشرة من الإعلام الغربي لإعطاء الرأي العام الغربي والعالمي فكرة مدسوسة عن الإنسان العربي مما ساعد في إقناعه بمفهوم «شعب من غير أرض لأرض من غير شعب» وجعله جاهزاً لتقبل فكرة استيطان أناس حضاريين لإعمار أرض تقطنها قبائل رحل متفرقة ومتقاتلة لأتفه الأسباب، ولا هوية قومية أو اجتماعية لها.
1. وتقدم هذه السينما لشبابنا العربي العديد والعديد من المواضيع التي قد تجذبه أو تشد من انتباهه وهناك مثال صغير على تلك المواضيع فيلم فطيرة أميركية american pie بأجزائه الخمسة أو الأربعة وقد قدمت هذه السلسلة ضمن قالب كوميدي رومانسي ولكن ما يحمله هذا الفيلم من بذاءة وعادات منحرفة وسوء في العلاقة بين الشباب وذويهم إن كان يدل فهو يدل على هشاشة مجتمع وسوء تربية تريد منها سينما الغرب تعميمها على شبابنا ومجتمعنا هذا مثال بسيط جداً وهناك طبعا العديد على تلك الشاكلة من الأفلام التي تحض على الإباحية والشذوذ وما شابه ذلك، نأتي على النوع الأخر من الأفلام الذي صنع ليدخل في نفوسنا الرعب والفزع من ذلك المارد الأمريكي على حد تعبيرهم الذي لايقهر والذي يستطيع أن يقهر أي قوة على هذه الأرض فهو البطل المطلق بعضلاته وعقله وتراسانته العسكرية التي تصل إلى أي مكان في العالم للقضاء على المتمردين أو الإرهابيين على حد تعبيرهم وبالطبع فإن الغالبية العظمى من هؤلاء المتمردين أو الإرهابيين تكون من العرب وهناك أفلام
كثيرة وكثيرة جداً منها مثلاً.. أكاذيب حقيقية true lies للمخرج جيمس كاميرون الذي أتحفنا فيما بعد بفيلم الفاني من terminator 1+2 الذي يظهر القوة الفردية والقاهرة للإنسان الأمريكي، وكذلك الأمر بالنسبة لفيلم يوم الاستقلال للمخرج رونالد إيمريش الذي يتصور بأن هناك صحناً طائراً أتى من الصحراء العربية لغزو الولايات المتحدة ويتم القضاء على هذا الصحن القاتل من خلال عقلية وذهنية رجل صهيوني.
ونأتي على ذكر المخرج ستيفين سبيلبيرغ الذي شوه صورة العربي والمسلم تماماً من خلال فيلمه ميونيخ الذي شوه وأساء من خلاله للعملية البطولية التي قام بها مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين في اولمبياد ميونيخ 1972 ورسخ تشويه صورة العرب أيضاً من خلال فيلمه raiders of the lost ark عام 1981 ومن خلال فيلم كرتون أمير مصر وتوج ذلك بفيلمه قائمة شندلر الذي يتحدث فيه عن المذبحة النازية ضد اليهود وجاء ارتباطه واضحاً بالحركة الصهيونية عندما تعهد وبعد حرب تموز 2006 والتي انتصرت فيها المقاومة اللبنانية على الغطرسة الإسرائيلية بأخذ مجموعة من الجنود الصهاينة الذين أصابهم رهاب نفسي وفزع من تلك الحرب لمعالجتهم على حسابه الشخصي... أمثلة عديدة وكثيرة.. . وتأخذني الذاكرة بالتزامن مع الأحداث التي تمر بها سورية حالياً وهذه الهجمة الشرسة علينا لزعزعة أمن وسلام سورية إلى فيلم أمريكي اسمه.. أجساد كاذبة.. body of lies للمخرج ريدلي سكوت وبطولة روسل كرو، ليوناردو ديكابيرو، ويتحدث هذا الفيلم عن المعاناة الدائمة للجنود الأمريكيين في العراق من جراء العمليات الانتحارية التي ينفذها بعض الإرهابيين على حد زعمهم ولكن الشيء المقزز في هذا الفيلم أن مصدر هؤلاء الإرهابيين هو سورية. تلك نماذج صغيرة وصغيرة جداً من صورة العربي في سينما الغرب ويجب أن نكون حذرين جداً تجاه تلك السموم وهناك مثل رائع من وعي الشعب العربي السوري ويتمثل بذلك الراحل المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد الذي ذهب لدراسة الإخراج السينمائي في الولايات المتحدة لكن وطنه بقي في ذاكرته وأمام نصب عينيه وقاوم كل المغريات حتى حينما عرض عليه تغيير أسمه رفض وقال اسمي مصطفى، وهذا الاسم منحني إياه والدي وأنا عربي سوري وأفتخر، وتجلت قضيته العربية من خلال عملين كبيرين أصبحا علامات بارزة من كلاسيكيات السينما العالمية.. الرسالة.. وعمر المختار.. والذي صنعهما خارج الولايات المتحدة وليعود ثانية إلى بلاد العام سام مخرجاً عربياً سورياً كبيراً في عيون الأمريكيين وكل العالم وليعلن أن قوميته العربية أقوى واشد عزما عندما يكون في بلد الغربة ولا تعنيه تلك السموم ولا تلك الروائح النتنة.
ولنكن أيها الشباب حذرين جداً من تلك الهجمات الإعلامية الشرسة والتي تحاول التشويه والنيل من تاريخنا وحضارتنا وعروبتنا ونحمي هذا الإرث من خلال سينمائيينا الذين يقع على عاتقهم جزء من التصدي لتلك السموم من خلال أفلام يقدمونها ويعلنون من خلالها أن الإنسان والمجتمع العربي أرقى بكثير وأسمى بكثير وهو الباقي بكل تلك المعاني عبر الزمن والتاريخ.