بل يمكن أن يتضمن جرأة أو بالأحرى القدرة على قول الحقيقة، التي يمكن لها أن تريح المتسابق والمقدم معاً ولكنها لا تثير المتفرج الذي يريد أن يسمع ما يثير مشاعره و يحفز عقله على التخمين الصحيح للسؤال.
صحيح أن المشاهد العربي يستطيع التمييز بين طبيعة المجتمع العربي الذي يختلف تماما حول المجتمع الغربي ،فالمجتمع الغربي يتميز بالانفتاح وبالعديد من الظواهــــر كتعدد العلاقات والحياة التي لا تحدها أي ضوابط أخلاقية أو إنسانية فالأجوبـــة لديهم لم تكن صعبة، أما بالنسبة لنا فمجتمعنا لا يتقبـــل للفرد سواء ذكر أم أنثى الخطأ، لأنه مجتمع يحترم عقيدته وديانته باختلافهـــــا ويحترم ذاته . ومـــن هذا المنطلق ســــنجد نســــخة مختلفــــة بأهــــداف متباينة.
فكلنا نعرف وندرك أن الحقيقة ليست دائماً مُرة وقاسية ، ولكن لها خصوصية معينة لا بد لها أن تتكشف وتنكشف بكل ما يمكن أن تحمله من تداعيات وحتى لو كانت مدمرة أحياناً، فالحقيقة لا يمكن أن توصف بأنها حلوة أو رشيقة أو فاتنة، لأن الحقيقة بلا صفة لأنها ليست صورة أو لوحة تتغنى بها البشرية. الوصول إلى الحقيقة يتطلب رحلة عميقة لسبر أغوار النفس البشرية التي ما زالت تعيش في مجتمعاتنا العربية، وسط مجتمع يعتمد على الحياة السرية للمرأة أو للرجل، لذلك لابد للحقيقة أن تكون حقيقية، وليست مزيفة أو متناقضة مع الواقع المر الملتهب الذي تعاني منه الشخصية العربية، بدا مقدم البرنامج عاطفي وأصبح شريكاً حقيقياً في إخفاء جوانب من الحقيقة من خلال بعض الأسئلة التقليدية والتي يمكن أن يخمنها المشاهد العادي. تعاطف المقدم أفقد البرنامج لحظات التشويق والإثارة التي يتطلبها مثل هكذا برنامج.
يمكن القول: إن البرنامج الأصلي قد نجح وحقق نسبة مشاهدة كبيرة لأنه كان برنامجاً صريحاً تكلم عن الفضائح الكبيرة وحذف من لائحته كل الخطوط الحمراء والخضراء وعبرهما كالخيانة الزوجية والخديعة ووصل إلى حد تخريب البيوت وتدمير الأسر وتطرق إلى كل الفضائح والذنوب التي يمكن أن يقترفها الشخص العادي لتي لا يمكن أن يبوح بها إلا لنفسه ولربه، النسخة الغربية كانت تحمل رسالة عميقة للبرنامج الذي يهدف للمكاشفة الذاتية وكأنها تدريب روحي للنفس على ممارسة الاعتراف بالذنوب والخطايا التي يقترفها الإنسان، البرنامج كان يهدف إلى تدريب النفس البشرية على الاعتراف اليومي أمام كل الناس لنصبح نحن أمام شخص يعترف بذنبه الذي سيغتفر بجائزة سيحوز عليها في الحياة الدنيا
أما في النسخة العربية فقد فقدت رسالته الهادفة التي تهدف إلى المكاشفة الذاتية ، وهذا ما أدى بلحظة الحقيقة العربية أن تكون خجولة، التي فضلت وارتضت الحياة في الظل. وبدت الحقيقة خجولة، و معتلة النفس وبدت «لحظة الحقيقة» و التزمت الخطوط الحمراء التي تمثلت في التابوهات الثلاث: «الدين، والجنس، والسياسة»؛ كي يرى البرنامج النور وليبدو وفق المستوى مقبولا.