كما خبراه في الخارج على خشبة المسارح السورية، محاولين وضع أسس لثقافة مسرحية واعية وقد أخرج الصبان أولى مسرحيات الفرقة تحت عنوان «براكساجورا» التي قدمت في 25 شباط 1960 على خشبة مسرح لومبير عن نص «بركات النساء» لأرستوفان من إعداد توفيق الحكيم قام بتشخيصه كل من محمود جبر، عبد الرحمن آل رشي، آرليت عنجوري، ولاقى العرض وقتها إقبالاً جماهيرياً واسعاً، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن قدمت الفرقة 120 مسرحية محلية وعربية وعالمية.
تميزت بجدية المضمون، إلا أن أولى المسرحيات المحلية كانت في العرض السادس والعشرين للفرقة وهي بعنوان «البيت الصاخب» من تأليف وليد مدفعي، وإخراج سليم صبري، وهي من عروض فرقة المسرح القومي المهمة.
وبالامكان ذكر مسرحية «السيل» عن نص للشاعر علي كنعان وإخراج أسعد فضة، قدمت في عامي 1948 و 1969، وهي أول مسرحية شعرية قدمها المسرح القومي وناقش من خلالها القضية الفلسطينية.
ومسرحية الغرباء نص وإخراج الدكتور علي عقلة عرسان عرضت عام 1974 وأثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية وفيها يؤرخ عرسان للقضية الفلسطينية منذ هزيمة حزيران وحتى حرب تشرين ، ومسرحية العنب الحامض وسكان الكهف إخراج فواز الساجر أداء غسان مسعود وفايز قزق وأمل حويجة (1986) - مسرحية كاليجولا إخراج جهاد سعد تناقش شخصية الطاغية ، قدمت مرتين الأولى عام 1985 والثانية عام 1995..... وغيرها .
ومن التجارب المهمة التي قدمها جيل المسرحيين الجدد في أواخر التسعينيات التي اتجهت نحو التجريبية.. تجربة (تامر العربيد) الذي حاول التأسيس للمسرح الشامل الذي يستلهم الموروث الشعبي في طريقة السرد وأشكال الفرجة من خلال عرضيه طائر (السمرمر) 1997 و (أبواب وشبابيك وأسرار) عام 1999، وكذلك تجربة ماهر صليبي في عرضه «تخاريف» في نفس العام، وفيها حاول تطبيق مبدأ الإخراج المتوازي لمجموعة من الخطوط الدرامية واللوحات المنفصلة شارك في كتابها كل من حيدر عبد المجيد، ماهر صليبي، كوليت بهنا، وأخيراً تجربة محمد آل رشي الأولى في مسرحية (خطوات) التي قدمت عام 1999 وقد اعتمد فيها على تقنية المسرح داخل المسرح، وحركة الجسد مع إلغاء كامل للحوار، كذلك تجربة غسان مسعود في عرضه الأخير (كسور) ، حيث حاول كما تقول شيرين يوسف (مصر) -مسعود- تفعيل طاقات الصوت إلى حدوده القصوى، وإعطائها أولوية التعبير عن الحالات الجوانية.
فالمسرح السوري أخذ يخرج من دائرة التبعية للمسرح الغربي ولاسيما بعد أن انتظمت الحركة المسرحية منذ الستينيات من القرن العشرين، وأخذ يملك رؤية حضارية تقدمية تستند إلى المثاقفة مع الآخر، مع التشديد على الخصوصية الذاتية للهوية العربية ومعالجة قضايا الإنسان العربي المعاصر، دون أن يلغي الإفادة القوية من مسرحيات غربية وأعمال أدبية غربية وإن سقطت بعض الأعمال في كثير من الدعاوى والشعارات البعيدة عن الأهداف السياسية في خدمة الوطن والأمة.
وكان التحول الكبير في المسرح السوري الحديث قد بدأ سابقاً إثر تأسيس المسرح القومي بدمشق عام 1960، إذ قدم حتى سنة 1992 إحدى وخمسين مسرحية عربية، واثنتين وسبعين مسرحية مترجمة من لغات شتى وأول مسرحية سورية عرضت على خشبة المسرح القومي بدمشق سنة 1966 لوليد مدفعي وعنوانها ( البيت الصاخب) .. تبعها عرض لثماني وعشرين مسرحية أخرى...
يتبع