تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


النضال العربي لإزالة آثار العدوان الإسرائيلي

شؤون سياسية
الأثنين 6-6-2011م
د. ابرهيم زعير

منذ نكسة الخامس من حزيران عام 1967، بدأ الصراع العربي الإسرائيلي يتخذ توجهات جديدة دون إلغاء التوجهات والمبادىء التي فرضها واقع اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها عام 1948

فاحتلال أجزاء جديدة من الأراضي العربية في مصر وسورية والأردن وفلسطين صعد من طبيعة الصراع ليطرح بحدة عاملاً جديداً تبنته حركة التحرر الوطني العربية وهو االنضال لألة آثار العدوان الإسرائيلي واستعادة الأراضي المحتلة بعد نكسة حزيران وتمسكت الدول العربية بقرارات مجلس الأمن الدولي 242و 338 كأساس سياسي لعودة الأراضي المحتلة بالطرق السلمية دون أن يلغي الاستعداد العسكري والاقتصادي الملازمين للنشاط الدبلوماسي في الساحتين الإقليمية والدولية وتصدرت سورية ومصر بعد النكسة السير في طليعة المناضلين من أجل استعادة الأراضي المحتلة الجديدة كاملة كشرط رئيس لفكرة السلام العادل والشامل التي طالب بها مجلس الأمن كمعبر عن إرادة المجتمع الدولي، المحكوم آنذاك بتوازن القوى على المستوى العالمي بين المعسكرين الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي والغربي الامبريالي بقيادة الولايات المتحدة ، ولكن إسرائيل التي أصابها جنون العظمة بفعل نشوة الانتصار، أصرت أن تفرض مقولاتها وإراداتها السياسية على المنهزم العربي كما يفعل أي مستعمر منتصر على ضحيته المكسورة.‏

وغلفت انتصارها بقشور إيديولوجية صهيونية مستمدة من الفكر النازي العنصري وأخذت تضفي على عدوانها وعلى الأراضي المحتلة، وكأنه عملية تحرير لباقي أراضي إسرائيل الكبرى مدعية بأن إسرائيل عادت لإحياء امبراطوريتها القديمة، نافية الحق التاريخي للعرب في أراضيهم في فلسطين عام 1948 وأراضي 1967. ولم تتوقف يوماً عن محاولاتها لترسيخ تواجدها في فلسطين والأراضي الجديدة المحتلة، إلا أن عجزها عن إثبات هذا «الحق» التاريخي من وجهة نظر التوثيق التاريخي دفعها لاستخدام ديماغوجيا التضليل السياسي بقوة السلاح وهذا التوجه لم يؤثر على القوى الفاعلة على أرض الواقع الفلسطيني رغم كل مااستخدمته من عنف وقتل ومجازر بحق أصحاب الأرض الفلسطينيين وما استخدمته من وسائل لتغيير الطابع الديموغرافي في الأراضي المحتلة الجديدة فالضحية العربية لم تستسلم لسوط الجلاد الصهيوني ولم تهدأ ساحة الصراع منذ اغتصاب فلسطين ونكسة حزيران فالشعب الفلسطيني المشرد لم ينس وطنه الأم، والأجيال الجديدة من الفلسطينيين باتت أكثر اصراراً وعناداً وعزماً لاستعادة الوطن المغتصب وسورية ومصر أصرتا على استعادة أراضيهما المحتلة بعد الخامس من حزيران ولكن رفض إسرائيل الدائم الانسحاب من هذه الأراضي المغطى سياسياً وعسكرياً ومادياً من قبل حليفها الأميركي وضع العرب أمام خيار القوة العسكرية لاستعادة الأرض وكانت حرب تشرين التحريرية عام 1973 التي قادها الرئيس الراحل حافظ الأسد بكفاءة عالية جداً فاستطاع الجيش العربي السوري تحرير أجزاء واسعة من الجولان العربي السوري وخاصة عاصمته مدينة القنيطرة ورفع العلم العربي السوري عالياً في سمائها، كرمز للتحدي واصرار على عودة الجولان كاملاً دون تضييع ذرة تراب منه، وارتعبت إسرائيل من نتائج حرب تشرين غير المتوقعة بالنسبة لها وكانت كالضربة الصاعقة على رؤوس حكام تل أبيب المتغطرسين واضطرت بعد هزيمتها العسكرية لاحتواء الضربة العسكرية وأخذت تلتف على الصدمة بنشاط سياسي مكثف وربما نزولاً لنصيحة حليفها الأميركي فأخذت تراوغ وتعبر عن رغبتها بالسلام مع العرب بعد أن شعرت بأنها غير قادرة على فرض واقع الاحتلال بالقوة العسكرية واستطاعت النجاح على الجبهة المصرية والأردنية بعقد اتفاقيات لايمكن وصفها إلا بإفراغ نتائج حرب تشرين التحريرية على الجبهتين المصرية والأردنية وبقيت سورية صامدة ومصرة على أن يكون السلام مشرفاً وشجاعاً دون أي تنازلات سياسية مذلة، وهذا الموقف البطولي لسورية العربية، كان الأساس المتين للجم أي عدوان عسكري جديد على الجبهة السورية ومنع إضاعة الحق العربي في استعادة جميع الأراضي المحتلة دون شرط أو قيد. ومع انكفاء مصر السادات وحسني مبارك عن المساهمة في النضال التحرري طمعت إسرائيل في قضم المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وتوسيع مساحة المستوطنات (المستعمرات) اليهودية، ولكن كل ذلك لم يثن حركة المقاومة بل صعد من نضالها على الجبهتين الفلسطينية واللبنانية بدعم واحتضان من سورية الغيورة على تحرير كل شبر من الأرض العربية ولم تفرق يوماً بين نضالها لتحرير الجولان وبين دعمها المطلق لتحرير الجنوب اللبناني وتحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس مع ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين وهذا الموقف «النهج» السوري المقاوم جعل سورية دائماً من أولويات استهداف السياسة الأميركية والإسرائيلية أملاً في إزالة هذه العقبة المزعجة لكل ماتحلم به الامبريالية الأميركية وإسرائيل الصهيونية في تنفيذ مشاريعهما ومخططاتهما في الشرق الأوسط. وماتتعرض له اليوم سورية العربية في داخلها ليس إلا امتداد للمؤامرة الأميركية الإسرائيلية الهادفة توجيه ضربة قاصمة لجبهة المقاومة والاستقلال والتحرر في المنطقة العربية. فصمود سورية في وجه هذه المؤامرة الجديدة واتخاذ الاجراءات الإصلاحية المستجيبة لمصالح الشعب السوري سيزيد من تلاحم الشعب السوري وقواه الحية الشريفة الوطنية الملتف حول نهج سورية المقاوم الصامد.‏

وما القرارات والمراسيم الشجاعة التي اتخذها السيد الرئيس بشار الأسد إلا عنوان لصمود سورية واصرارها على الانتصار على هذه الغزوة الاستعمارية الجديدة التي تستهدف المنطقة برمتها، هذا النهج الوحيد الذي يزيل تبعات نكسة حزيران عام 1967 ويعيد للعرب دورهم التاريخي التحرري على الصعيدين الإقليمي والعالمي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية