وهي لاتريد أن تتوقف هذه السرقة والجريمة المستمرة، بل يتمادى الكيان الصهيوني في طمس القضية بخلق نزاعات مع دول عربية أخرى، وتبحث عن مهرب عبر الفوضى، ولو كانت الأمم المتحدة تريد فعلاً تنفيذ قراراتها ولاسيما القرارات ذات الصلة بعودة الأراضي العربية المحتلة والقرار 194 المتعلق بحق العودة، لكانت الأمور قد سارت بشكل مختلف ، على أمن إسرائيل.
وقد عكست حروب إسرائيل كلها بأهدافها ودوافعها سياسة التوسع الإقليمي المتواصلة حتى اليوم، في مؤامرة مستمرة في استهدافاتها الغربية.
وقد أجمع المؤرخون أن حرب حزيران 1967 هدفت إلى ضرب الدول العربية أيضاً ولاسيما التي تنادي بالقومية العربية ومحاولة تطويقها، وفتح المجال أمام التغلغل الأميركي في المنطقة ودفن الحق الفلسطيني بتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة من واقع استيطاني غير خريطة الأراضي العربية المحتلة، ووصل الأمر اليوم إلى حد رفض إسرائيل بدعم أميركي وأوروبي الانسحاب من مناطق شاسعة من هذه الأراضي بزعم عدم إمكانية تغيير الوقائع على الأرض على حد تعبير الساسة الإسرائيليين والأميركيين.
وكان عدوان الخامس من حزيران 1967 انعكاساً لحالة التمزق العربي وعدم التنسيق والتضامن، ومن المؤكد أن سيناريوهات العدوان بدأ الإعداد لها بسبب اتساع رقعة النهم الأوروبي والإسرائيلي والأميركي للاستيلاء على مزيد من المطامح والمطامع.
وكان ثمة دولتان عربيتان مصر وسورية تتحركان على المستوى العربي من أجل تحرير فلسطين وتأييدها لتحرر الدول العربية من التبعية الاستعمارية ومحاربتهما لسياسة الأحلاف في المشرق، إضافة لمساهمتها في تكوين كتلة عدم الانحياز وارتفاع أصوات العالم المحب للحرية تأييداً لشعب فلسطين وحقه في العود إلى بلاده، وكل ذلك كان دافعاً على إمداد انكلترا وأميركا وفرنسا آنذاك الكيان الصهيوني بلا حدود بكل أنواع الدعم، حتى جعلت هذه الدول منه كياناً نووياً خارجاً على اتفاقية منع الانتشار النووي، وكل ذلك أيضاً لكبح الاندفاعة العربية المطالبة بتحرير فلسطين وتحقيق الوحدة العربية، وانتقاماً من سورية ومصر لدورهما في نهضة الشعوب العربية وتحديداً أثناء ثورة الجزائر، وفرنسا اليوم« تريد إسقاط حق العودة»، استكمالاً لعدوان حزيران وتأتي ذكرى عدوان حزيران اليوم لتشير بأصابع الاتهام دوماً إلى من يقف وراء ما يعانيه الشعب الفلسطيني والعراقي وبقية الدول العربية التي تحاول الأيدي الاستعمارية العبث فيها.
فإسرائيل التي فقدت مقدراتها بخوض الحروب التقليدية وهزائمها المتوالية أمام جبهات المقاومة في لبنان وغزة ومنعة سورية ودعمها للمقاومات، إضافة إلى الدول الغربية آنفة الذاكر التي تدعمها، راحت تبحث عن مخارج جديدة عبر الفوضى واستطاع لوبيها المتحكم بالغرب، بأمواله القذرة،يجعل حلف الناتو يغير عقيدته في لشبونة في نيسان العام الماضي بتجاوز دوره التقليدي للقيام بعمليات استباقية لمواجهة كل من يتمرد على المشروعين الإسرائيلي والغربي وعلى السطوة الأميركية، أينما كان على وجه الأرض بذرائع مختلفةمنها محاربة الإرهاب أو القرصنة ، أو بالتدخل بذرائع إنسانية« واهية»، وأدوات الناتو لم تقتصر على السلاح الحربي الذي يضاف إليه تلك الوسائل الإعلامية التي تعتقد أنها تستطيع التأثير والتلاعب بعقول الشعوب من خلال فبركة الصور والأخبار والأضاليل وكان الخبير الإيطالي المتوفى عام 2009 قد قال عن العقيدة العدوانية لحلف الأطلسي هي صورة مكبرة عن العقيدة الصهيونية، فعقيدة الأطلسي الآن لن تزيد العالم إلا حروباً، وهي على النقيض من التنمية وقضايا الشعوب من معيشة ومحاربة للفقر، بل إن توجه الأطلسي لا يحمل أي ازدهار للشعوب وتقدمها وتنميتها.
ومن هنا الحراك على مستوى العالم، بضرب الدول عن طريق الناتو، وعن طريق زعزعة أمن الدول العربية عن طريق البلطجية والإرهابيين المتطرفين، وبث العنف لإيجاد حكام جدد يعملون بالوكالة عن أميركا مع وضع قواعد عسكرية جديدة هي بمنزلة احتلال مباشر للدول التي توجد فيها، وبمنزلة وجود سياسي « أنا ماما أميركا هنا» «ماما أميركا التي تأكل أبناءها وأبناء الشعوب الأخرى» بذرائع الديمقراطية والإنسانية وقد أثبتت الحقائق على الأرض أن أميركا لا تملك أي برامج من أجل الشعوب والمثال أفغانستان والعراق وليبيا اليوم بل تقتل المدنيين وتضرب استقرار الدول من أجل الفوضى الخلاقة، فنجد أن المنظومة الامبريالية وبين أقدامها إسرائيل تنقل انهياراتها إلى الدول الأخرى، فنجد لديها انهياراً مالياً، وأخلاقياً وقانونياً إضافة إلى سمعة إعلامية سيئة للناتو« ذراعها الضاربة اليوم» في أفغانستان وليبيا.
وباختصار الحروب الاستعمارية تأخذ ألف لون ولون فإما مباشرة أو بالفتن الداخلية والطابور الخامس، وإضعاف الدول لإتاحة تدخل الناتو.
ولعل قوة الدول بوحدتها أو بتكتلاتها وحتى الآن نتوسم خيراً بدول المنطقة لتشكل الرافعة لهذه المنطقة، ومنع دول الغرب عن الاستفراد بأي دولة، لأن الشرط الأول لمقاضاة إسرائيل واسترجاع الأراضي العربية، ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين عن جرائمهم هو قوة العرب ووحدتهم والتحالف مع إيران وتركيا.