بحسب مدير قسم الدراسات السياسية والأمنية في وزارة الحرب الاسرائيلية، وتقول مصادر أمنية إسرائيلية إن فتح معبر رفح يشير إلى تغير إستراتيجي في العلاقات بين مصر وحركة حماس، وهو ما تجب دراسته. في المقابل فإن مصادر أمنية أخرى تحاول التقليل من شأن هذه الخطوة، حيث نقل عنها قولها إنه إزاء التغير الإستراتيجي فإنه لا يوجد تغيير جوهري من الناحية التكتيكية، حيث إن عبور عدد أكبر بقليل من الناس للمعبر هامشي بالمقارنة مع استمرار نشاط التهريب في الأنفاق.وجاء أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تنظر من بعيد إلى ما يحصل في معبر رفح، في محاولة لقراءة الوضع الجديد.
الأبعاد السلبية لفتح المعابر
ووصفت«يديعوت أحرونوت»ذلك بأنه محاولة لتخفيف الإحساس بابتعاد مصر عن إسرائيل، قالت مصادر أمنية «هناك تغيير في اتفاق المعابر، ولكن ذلك انحراف بسيط غير ملموس». وأضافت أنه على المدى البعيد، في المقابل، فمن الممكن أن يكون لذلك أبعاد سلبية حيث أن حدثا صغيرا من الممكن أن يتدحرج بسرعة إلى حدث متوسط أو كبير، وأنه من الممكن أن يكون من الصعب وقف عملية التدحرج، وعليه هناك ضرورة سياسية للعمل مع مصر بهذا الشأن».
وفي السياق نفسة ،ذكر مراسل صحيفة يديعوت احرونوت العسكري اليكس فيشمان :«أن التقديرات الأمنية الإسرائيلية، منذ مطلع الشهر الجاري أيار/ مايو كانت تشير إلى أنه من غير المتوقع أن يتم فتح المعبر بين غز ة ومصر بشكل مماثل لما كان عليه الوضع قبل سيطرة حركة حماس على قطاع غزة.وأفاد المراسل عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن الفحوصات والمحادثات التي أجريت مؤخرا تظهر صورة تشير إلى أن المعبر سيبقى مغلقا حتى الآن، ولا يوجد نية لفتحه.واعتبر المصدر الأمني أن الحديث هو عن قضية مهمة جدا، من جهة أن «الحصول على معلومات لنشطاء المقاومة الفلسطينية من الممكن أن تمنحهم قدرات وصفها بالإرهابية أكبر بعشرات الأضعاف مما هي عليه الآن».
وأضاف المصدر أن فتح المعبر بشكل حر لا يمكن أن تسمح به إسرائيل . وقال «لا يوجد تدخل إسرائيلي، ولا يمكن وصف المحادثات مع جهات مصرية بهذا الخصوص على أنه وسائل ضغط، ولكن إسرائيل تتابع ما يحصل».كما وتوقعت مصادر أمنية إسرائيلية ان يجدي فتح معبر رفح نفعاً لإسرائيل مشيرة الى ان هذه الخطوة ستحيل المسؤولية عن الوضع الإنساني في قطاع غزة الى مصر . وقالت المصادر في حديث لإذاعة الجيش الاسرائيلي ان سلطات الجيش الاسرائيلي تستعد لاحتمال نقل البضائع من مصر الى قطاع غزة اعتبارا من بعد غد السبت .
وأشارت صحيفة يديعوت احرونوت إلى أن الرئيس المصري السابق حسني مبارك كان قد أقام جدارا فولاذيا في الأرض على طول الحدود، ورفض فتح معبر رفح بشكل دائم حتى٢٠٠٩ ، كما عزز انتشار قوات - خلال الحرب العدوانية على قطاع غزة في كانون ٢٠٠٨ - الأمن المصرية على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة، وقام بعزل الضباط الذين رفضوا تطبيق سياسة الحرب على «التهريب إلى قطاع غزة ومنه «، واعتقل عدد من المقاومين الفلسطينيين، كما رفض منح تأشيرة دخول إلى مصر لعدد من قادة حركة حماس.
وأضافت الصحيفة انه وبعد ثلاثة شهور ونصف من الثورة المصرية جددت مصر الحواربين حركتي فتح وحماس وأنجزت المصالحة، وأعلنت مؤخرا عن فتح معبر رفح . كما لفتت إلى تصريح رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، سامي عنان، في بيان رسمي مفاده أنه لا يوجد لإسرائيل أي حق في التدخل بقرار فتح معبر رفح، باعتبار أن المسألة هي مصرية فلسطينية.
الربيع العربي مجرد أوهام
من جهته قال متان فيلنائي، المسؤول عن حماية الجبهة الداخلية الإسرائيلية، إن فتح معبر رفح بشكل دائم على حدود غزة مع مصر يعد «المرحلة الأولى من حالة تنطوي على الإشكاليات بالنسبة لإسرائيل».وذكر فيلنائي، للإذاعة الإسرائيلية ، أن «السلطات المصرية لم تتصرف بصورة تتناقض ومعاهدة السلام مع إسرائيل». ورأى أن مصطلح الربيع العربي الذي تستخدمه الولايات المتحدة بالنسبة للانتفاضة في العالم العربي ينطوي على الأوهام، ذلك لأن ما يحدث لن يتمخض على المدى القريب عن إرساء مبادئ الديمقراطية كما نفهمها.وعلى صعيد متصل دعا أيوب قرا نائب وزير تطوير النقب والجليل الإسرائيلي مصر إلى إعادة فرض سيطرتها على قطاع غزة من جديد من أجل ضمان حفظ الأمن هناك واستتبابه. ونقل راديو الجنوب في إسرائيل عن قرا قوله «إن اسرائيل غادرت قطاع غزة وانسحبت إلى حدود عام 1967 .. ولذلك على مصر أن تتخذ خطوة مماثلة وتعيد الأوضاع هناك إلى ما قبل التاريخ ذاته .. وفي ذلك ضمان لأمن إسرائيل وهو الحل الوحيد».
بينما رأى حزب كاديما الاسرائيلي المعارض ان فتح معبر رفح البري بين قطاع غزة ومصر يعد فشلا لحكومة بنيامين نتنياهو التي فقدت الدعم الدولي لسياسة عزل حركة حماس.وقال النائب عن حزب كاديما في الكنيست الاسرائيلي ناحمان شاي ـ في تصريحات للإذاعة الاسرائيلية العامة ـ «حري بإسرائيل في الظروف الراهنة الإعلان عن رفع الحصار عن غزة لكونه لم يعد مجديا».
معبر رفح وسلسلة المفاجآت
وقالت صحيفة معاريف أن فتح معبر رفح يضاف إلى سلسلة مفاجآت لم يستطع أن يتوقعها النظام الأمني الإسرائيلي.وعلقت الصحيفة على تصريحات إذاعية أدلى بها عاموس جلعاد مدير القسم السياسي والأمني بوزارة الدفاع الاسرائيلية قبل بضعة أسابيع قال فيها « لا يوجد نية لدى المصريين فى تغيير الواقع في معبر رفح بشكل مخالف للتصريحات العلنية للمسؤولين المصريين الذين تعهدوا بفتح المعبر خلال الأيام المقبلة».وقالت الصحيفة «إن هذا الفشل في توقع السلوك المصري تجاه معبر رفح يضاف إلى سلسلة إخفاقات استخبارية في الآونة الأخيرة ومن بينها تصريحات رئيس قسم الاستخبارات الذي أعلن قبل الثورة في مصر بأيام بأن نظام حسني مبارك مستقر».وأضافت « يضاف إلى ذلك أيضا اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس الذي أبرم رغم أنف إسرائيل .. وكذلك وجود متطرفين على متن سفينة مرمرة أربكوا قوات الكوماندوز الإسرائيلي الذين اقتحموا السفينة.. وأخيرا اقتحام الحدود السورية في قرية مجدل شمس خلال إحياء فعاليات ذكرى النكبة».
من جانبه .. عقب عاموس جلعاد فى تصريح لإذاعة الجيش الاسرائيلي بالقول «علينا أن ننظر إلى الأمر من زاوية شاملة .. فنحن حاليا نمر بفترة انقلابات وتغيرات في الشرق الأوسط .. ومصلحة إسرائيل العليا في المقابل مع مصر هي منع تهريب الوسائل القتالية الى غزة».وأضاف « لا أعتقد أن الوضع الأمني في إسرائيل سيء بسبب فتح المعبر فيجب علينا النظر من حيث الأفق السياسي الاستراتيجي .. وإذا لم يتم تهريب الوسائل القتالية عبر معبر رفح فإنها ستهرب عبر الأنفاق .. وهذا أمر ليس بالجديد..
وردا على سؤال : هل أخطأت إسرائيل عندما انسحبت من محور صلاح الدين (فليديفيا) ؟ .. أجاب جلعاد «لقد كانت هناك عمليات تهريب سلاح أثناء سيطرتنا على المحور وهذا الأمر مثير للجدل .. ففي حال دخولنا لاحتلال محور فليديفيا من الممكن أن نتعرض لتهديدات وسيكون ظهرنا مكشوفا وسنضطر إلى توسيع سيطرتنا داخل غزة وهذا سيفرض علينا أعباء هائلة».
وعلى صعيد متصل دعا أيوب قرا نائب وزير تطوير النقب والجليل الإسرائيلي مصر إلى إعادة فرض سيطرتها على قطاع غزة من جديد من أجل ضمان حفظ الأمن هناك واستتبابه.
ونقل راديو الجنوب في إسرائيل عن قرا قوله «إن اسرائيل غادرت قطاع غزة وانسحبت إلى حدود عام 1967 .. ولذلك على مصر أن تتخذ خطوة مماثلة وتعيد الأوضاع هناك إلى ما قبل التاريخ ذاته .. وفي ذلك ضمان لأمن إسرائيل وهو الحل الوحيد».
الصحافة الاسرائيلية نظرت الى الخطوة المصرية فتح معبر رفح من زوايا مختلفة غلبت عليها الأبعاد الأمنية الاستراتيجية ، فتحت عنوان« مع البنطال وهو مخلوع. مرة أخرى»كتب ايلي افيدار في معاريف يقول:«نفذت مصر بيانها الأسبوع الماضي وفتحت معبر رفح بشكل دائم. هذا تغيير دراماتيكي في السياسة عن عهد الرئيس مبارك ونذير شؤم لإسرائيل. كان لفتح المعبر بوادر مسبقة، ولكن واضعي السياسة اختاروا تجاهله. اما الان، فنحن نستيقظ على واقع جديد.
وأضافت معاريف :»في اسرائيل، لشدة الأسف، فضلوا دفن الرأس في الرمال. ليس للمرة الاولى، التصريحات الصريحة من الجانب العربي استقبلت باستخفاف في القدس. في 1 أيار، عندما كشف قادة الجيش عن نيتهم فتح معبر رفح، قال رئيس القيادة السياسية – الأمنية عاموس جلعاد انه «من كل الفحوصات في القنوات المخولة يتبين أن المعبر لن يفتح». في نهاية الأسبوع الماضي، الأنباء عن فتح المعبر وصفت بأنها «مفاجأة».
سياسة الإغلاق
بدورها كتبت هآرتس في مقال افتتاحي تحت عنوان« رهبة رفح» تقول :«قرار مصر فتح معبر رفح أمام حركة الأشخاص يبعث كما هو متوقع قلقا عميقا في اسرائيل. التخوف الفوري هو أن يسمح فتح المعبر لحماس وغيرها من المنظمات في القطاع بان تستورد وسائل قتالية بلا حدود. هذه حجة مقنعة، ظاهرا، ولكن أربع سنوات من الإغلاق لم تمنع حتى الان نقل الأسلحة الى غزة أو انتاج الصواريخ في القطاع، فما بالك أيضا هجمات منظمات الإرهاب على اسرائيل. تقارير أجهزة الامن عن أن حماس تتزود بصواريخ حديثة بكميات كبيرة تدل على ذلك. وفي نفس الوقت، سارعت مصر الى الإيضاح بان هذا ليس إذنا لنقل البضائع ويمكن التقدير بان مصر لا تشجع جمع السلاح في غزة. الى جانب التخوف الامني، يبدو أن الغضب الاسرائيلي ينبع من أن فتح المعبر يلغي قيمة سياسة الإغلاق الثأرية والوحشية لإسرائيل. هذه السياسة، التي لم تجد نفعا في إعادة جلعاد شليت ولم تحدث عصيانا مدنيا فلسطينيا ضد حماس مثلما أملت اسرائيل، جعلت غزة السجن الأكبر في العالم، أوقعت مآسي إنسانية شديدة وزرعت اليأس العميق في أوساط السكان. هذه سياسة خلقت الشرخ العميق مع تركيا وحطمت صورة اسرائيل في العالم.
تعاون مصر في فرض الإغلاق خلق عرضا عابثا، وكأن السياسة الاسرائيلية تحظى بدعم عربي. مواطنون مصريون تظاهروا مرات عديدة ضد الإغلاق وفتحه يعبر الان عن تطلع النظام الجديد، وان كان مؤقتا، للانقطاع عن سياسة الحاكم السابق، حسني مبارك، والاستجابة للروح الجديدة التي تسود في أوساط الجمهور المصري.