حب الوطن، تنوعت أشكال التعبير لديه عن هذا الحب، فهنا نسمع عن تضحية بالروح وبالدم.. وهناك نسمع عن إنجاز علمي يفخر به الوطن، وعند الشدة نرى الجميع يداً بيد، وهاهم يعبرون من جديد عن هذا الحب للوطن بشكل وأسلوب جديد، عبر صفحة على الانترنت عبر موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، هذه الصفحة عملت من خلالها مجموعة من الشباب السوري الملتزم بوطنه على إيصال صوتها إلى العالم والتعبير عن محبتها
لسورية ولقائد سورية السيد الرئيس بشار الأسد، صفحات كثيرة مماثلة وتحت مسميات كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر" شبيبة الثورة قناديل الوطن"، "أشبال سورية الأسد"، "سورية المبتدأ والمنتهى".. وغيرها الكثير الكثير، بمجموعها عبرت عن هذا الولاء للوطن والقائد.
والحديث مع جنود هذا الجيش الالكتروني السوري له رونق خاص، وفيه تفاصيل مهمة عن المهارات التقنية العالية، والثقافة الغنية والوعي الكبير الذي يتمتع به
هؤلاء الشباب، الذين يتسمرون ساعات طويلة أمام شاشات الحواسيب لخوض معاركهم الالكترونية دفاعاً عن أمن وسلامة الوطن، ولهذا كانت لنا هذه الوقفة مع عدد من مؤسسي وناشطي الجيش الالكتروني ممن تحدثوا عن خفايا وتفاصيل الحرب الالكترونية لاسيما ما يتصل بالأحداث في سورية فلنتابع:
لسنا جهة رسمية
الشاب علي يقول: أول كلمة تراها على صفحتنا، هي أننا لسنا جهة رسمية، نحن انتفاضة شبابية عفوية الحس الوطني للمشاركين فيها، لأن هناك حساً وطنياً لدى شباب سورية يفوق الخيال، تقرأ عبارات على الصفحات تشعرك بالفخر والاعتزاز بأبناء وطنك.
الفكرة بدأت كردة فعل غاضبة على الفضائيات العربية والناطقة بالعربية أعطت ما لديها دون أن تسمح لأحد بالظهور إلا بشروطها، ووصلنا إلى قناعة بأن الحرب الحقيقية هي حرب افتراضية إلكترونية تم التحضير لها منذ سنوات مثال ذلك: صفحة الرسول موجودة منذ حوالي خمس سنوات على أنها للرسول وأحاديثه والإسلام وفجأة تحول/5ر3/ملايين شخص، لتصبح فجأة "جمعة الغضب" عند بداية الأحداث في سورية.
لا يمكن أن نستهين بذكاء القائمين عليها، كونها نجحت بالتحريض وانتقلت إلى مرحلة التنظيم بدءاً من المحافظات باتجاه الأحياء، وتنظيم الدعوات عبر الفيس بوك في بعض الأحياء وقد لبى بعض الشباب هذه الدعوات استمرت لفترة.
رداً على هذه الهجمة أردنا كشباب أن نجمع بعضنا ونوحد عملنا ومحبتنا عبر صفحات مؤيدة للسيد الرئيس ولمسيرة الاصلاح التي يقودها في سورية، فاخترنا اسما يجذب كل الشباب(جيش سورية الالكتروني) فالجيش هو حامي الديار، يعطي الطمأنينة والراحة للكل، وخلال ثمانية أيام وصل عدد أعضاء المعجبين بالصفحة /60000/ وذلك يمثل أسرع تطور صفحة فيس بوك في العالم العربي، وكانت هذه المرة الأولى في تاريخ صفحات النت والفيس بوك، وللتاريخ لا يوجد هناك شيء اسمه(الجيش الإلكتروني) في أي دولة، وهي فكرة مبتكرة ونحن الآن ندرك أن هناك شيئا اسمه الحرب الإلكترونية، فأردنا أن نوصل صوتنا لنقول لا تهمشونا، وأردنا أن نرسم صورة حقيقية لما يجري على أرض الواقع وتكذيب ما يتم بثه على الفضائيات المغرضة،
أردنا أن نقول للقناة التي تتحدث عنا عبر تعليقاتنا البسيطة: كل ما تقولينه ملفق وغير صحيح، فكنا نختار صفحة تتناول الشؤون السورية وعندما يأتي القارئ سوف يلفته فيها عدد التعليقات والقراء، وكنا نختار جمل بسيطة رغم ضعفها اللغوي إلا أننا كنا من خلالها نرفض أي تدخل أجنبي بسورية، وبكل أدب واحترام وتهذيب، وقد حرصنا على توعية المشاركين الذين هم شاركونا رغم تأثرهم الكبير في الأحداث وردود الأفعال على الشهداء، فقلنا للجميع أننا نحن في سورية شعب وشباب مسالمون، ولا يوجد لدينا أي شكل من أشكال الطائفية التي عملت على خلقها جماعات إرهابية موجودة في البلد فحاولت زعزعة الاستقرار ففشلت.
وأقول في الختام: نحن قضية ولسنا صفحة على الفيس بوك وسنستمر ونتطور رغم قوائم العار التي نشروها وقد بدأنا نكافحها بقوائم فخر وشرف لمن تنشر أسماؤهم في هذه القوائم عبر قوائم العار التي أعدوها للمغتربين الشباب والأهالي في المهجر من السوريين العرب وصاروا يهددونهم ومن خرجوا بالمسيرات.
إيصال صوتنا إلى العالم
ويقول غسان: أعجبتني فكرة الصفحة جداً، لأنها تعبر عن مشاعري ومشاعر ملايين السوريين الذين لم يكونوا يعرفون كيف يوصلون صوتهم إلى العالم، ونشر الوعي بين السوريين بطريقة عملية فجاء الجيش السوري الإلكتروني فوحد طاقات عشرات الآلاف من السوريين الناشطين على الفيس بوك ووجههم نحو أهداف محددة في أوقات محددة، أنا أشعر بالفخر والاعتزاز لأني من المؤسسين, وأنا أشارك بالهجمات مثلي مثل كل المشتركين بالصفحة, فالفضل بالنهاية يعود لهم وليس لنا.
ويؤيده محمد: الجيش السوري الإلكتروني أتى كردة فعل طبيعية على الكذب والنفاق والتلفيق المنتشر على شبكة الإنترنت بخصوص الأوضاع في سورية, ولمّا رأينا أن أعداءنا منظمون وعلى قدر عال من الحرفية والمهنية كان علينا كسوريين أن ننظم أنفسنا لمواجهة الهجمة الشرسة التي يتعرض لها وطننا الغالي ولنتمكن من إيصال صوتنا إلى العالم.
أسلوبنا مبرر
أما الشاب سيمون أحد المعلقين في الصفحة قال: في البداية لم أكن من المؤيدين لفكرة الجيش الإلكتروني وبعد فترة غيرت رأيي بعدما لاحظت أن القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية لا تتمتع بالموضوعية ولا تسمح بإبداء آراء مخالفة لتوجهاتها ما جعل أسلوب الجيش الالكتروني مبرراً ويعبر عن شريحة كبيرة من الشعب السوري, إضافة إلى حركة جميلة اتبعها هذا الجيش وهي وضع نماذج موحدة للتعليقات ما يضمن إيصال الصوت بشكل واضح وحضاري، كما أني لاحظت أن هناك تحسناً في الأهداف المختارة خاصة إلى دول الغرب ووصلنا إلى صفحة البنتاغون وواشنطون بوست..الخ إضافة إلى تفهمي لسبب إخفاء هوية "الآدمن" وهو أنه يمكن أن يتعرض لملاحقات قانونية بسبب النشاطات الإلكترونية التي يقوم بها والتي تعتبر مخالفة للقوانين في بعض البلدان.
حرب الانترنت
د.محمد نعيم الجابي- مدير موقع سيريانوبلز الإلكتروني تحدث لنا عن طبيعة الحرب الإلكترونية وسبل امتلاك القدرة على خوضها فقال:
ما يسمى بـ (حرب الانترنت) هو حقيقة واقعة خصوصاً عندما نشهد تحرك وزارة الدفاع الأمريكية لتشكيل قيادة خاصة لمقاومة الانتهاكات التي تتم على شبكة الانترنت وحشد الجيش الأمريكي الالكتروني لنحو 15 ألف شبكة ونحو سبعة ملايين جهاز كومبيوتر، لصد محاولات أكثر من 100 ألف وكالة استخبارات أجنبية ومنعها من دخول الشبكات الأمريكية بشكل غير مشروع.
إن (حرب الانترنت) قد تصل إلى أخطار كبيرة كحد تفجير الأقمار الصناعية وتدمير قواعد البيانات لكبرى المنظمات والدول، وما كنت واثقا منه أننا في سورية لسنا بعيدين عن أخطار تلك الحرب وقد نصحت المعنيين من خلال مقالة بعنوان: (ثقافة الاختراق) بضرورة الاهتمام بالمواهب السورية في مجال الاختراق والتفريق ما بين الهاكرز البنائين والكراكرز الهدامين.
من هنا تأتي أهمية الشباب السوري الذي بادر إلى إنشاء خطوط دفاعية قوية وألف ما سمي بالجيش السوري الالكتروني والمؤلف من مجموعة من الشباب السوري الواعي من محافظات متنوعة اتخذوا أماكنهم وراء أجهزتهم ونظموا أنفسهم وبادروا بتحديد أهدافهم وكان أهمها إيصال الصورة الحقيقية لما يجري على الأرض إلى الخارج.
قام الجيش السوري الالكتروني بمظاهرات احتجاجية على الصفحات الهامة على موقع الفيس بوك وصفحات المشاهير مثل(أوبرا) حيث حفلت تلك الصفحات بعدد كبير من التعليقات التي تنبه الشارع الغربي إلى عدم الاستسلام لوجهة نظر واحدة بل النظر لما يجري في سورية بعيون أبنائها لا بعيون أعدائها.
كذلك هاجم الجيش السوري الالكتروني العديد من المواقع التي تنشر الأكاذيب مثل موقع (تيار المستقبل) وموقع (أصالة) وموقع (العائلة الملكية في بريطانيا، ولم يقم الجيش بتخريب تلك المواقع، فقط ترك رسالة توضح موقف سورية والتنويه إلى الغبن الذي يطال هذا البلد من قبل كارهيه.
واللاملفت في موضوع الجيش الإلكتروني هو موقف مؤسسة الفيس بوك غير العادل من خلال إغلاق صفحة الجيش السوري الالكتروني لأكثر من 10 مرات متتالية في حين تسمح بصفحات المعارضين والمغرضين المليئة بالدسائس والشتائم مفتوحة، وبذلك تكون مؤسسة الفيس بوك قد أدخلت نفسها كطرف في مواجهة سورية.
ما زلت مؤمنا بأن الشباب السوري قادر على صنع المعجزات ولكن بشرط أن نؤمن به أولاً ونعطيه فرصته لرسم خططه المستقبلية وأن تكون البنى التحتية ملائمة لمواهبه وخططه وتطلعاته وأنا ألمس يومياً مع طلابي تطلعهم لرسم صورة جديدة للمواطن السوري.
كما أنه من المهم جداً في سورية أن ننشر ثقافة جديدة تسمى (ثقافة الاختراق) وتتضمن عتبات ثلاث:
- تطوير البنية التحتية لشبكة الإنترنت وتطوير وسائل الحماية وأدواتها بشكل يواكب التطور العالمي السريع.
- اعتماد مبدأ يقول: ليس كل من يقوم بالاختراق سيئاً لطالما استطعنا توجيهه من الرئيس الأمريكي والفرنسي وموقع الاتحاد الأوربي بشكل سليم وواع واستغلال طاقاته بالشكل الإيجابي، ولذلك يجب تسليط الضوء على مواضيع الاختراق من خلال ندوات ومحاضرات وورشات عمل وينتج عنها تشكيل فرق عمل يمكن أن تكون رديفا حقيقيا في حروبنا القادمة.
- ردع المخترقين السلبيين من خلال الوصول إليهم أولا، ومن ثم إدخالهم إلى دورات خاصة لاكتشاف دوافعهم ومهاراتهم وأن تكون العقوبة من جنس الفعل، فرغم أن الاختراق يشبه الكسر والخلع لأي مكان، إلا أنني أرى أن الفاعل مختلف وهذا موضوع يمكن للمختصين بعلم النفس والقانون تشخيصه بشكل جلي وواضح.
لمحة عن أهم نشاطات الجيش السوري الالكتروني
قامت مجموعات كبيرة من صفحة "الجيش السوري الإلكتروني" بتنفيذ حملة اجتياح منظّمة طالت عدداً لا يستهان به من كبريات صفحات الإدارة الأميركية على موقع "فايسبوك"، بينها صفحة البيت الأبيض، وصفحة الرئيس الأميركي "باراك اوباما"، وطالت أيضاً صفحة الرئيس الفرنسي" نيكولا ساركوزي" على الـ"فايسبوك".
وتهدف "الغزوة" كما أصرّ عناصر هذا الجيش الإلكتروني على تسميتها، إلى إرسال رسالة واضحة للإدارة الأميركية مفادها أن التدخّل الأميركي غير مرحّب به في سورية، فضلاً عن إظهار مدى حبّ الشعب السوري للرئيس بشّار الأسد، وفضح أكاذيب وسائل الإعلام والفضائيات المضللة والساعية للفتنة في سورية.
"عزيزي السيد "أوباما"، نحن السوريون عانينا الكثير من آراء الكره القادمة منكم ومن الإدارة الأميركية، ضد بلدنا وشعبنا"... تعليق لأحد أعضاء صفحة "الجيش السوري الإلكتروني" في صدر صفحة الرئيس الأميركي "باراك اوباما"...
وغيره من التعليقات التي بلغ عددها الآلاف في ثوانٍ معدودة، إذ إن مدة الغزو لا تتجاوز العشر دقائق... فاضت بعدها الصفحة بعشرات آلاف التعليقات المؤيدة للسيد الرئيس بشّار الأسد مطالبة "أوباما" بـ"التزام حدوده... فقط".
صفحة البيت الأبيض الرسمية "The White House" نالت حصّتها أيضاً من عملية الغزو، فبعد الانتهاء من صفحة اوباما، انطلق آلاف المتصفحين ليملؤوا صفحة البيت الأبيض على "فايسبوك" بالتعليقات الرافضة للتدخّل الأميركي في شؤون سورية وشعبها.
أحد المهاجمين كتب على جدار الصفحة: "عليكم أن تعلموا أننا نمتلك الشجاعة والحرية لنصرخ بكل وضوح في وجوهكم: أوقفوا تدخّلكم في بلادنا".
وسط حالة من الذهول الكلّي، وقف المسؤولون عن إدارة الصفحات التابعة للإدارة الأميركية عاجزين عن التصرف، فالكم الهائل من التعليقات في ثوانٍ يجعل من الصعب إلغاءها بشكل فوري، فيما تفاعل بعض الأميركيين فأبدى البعض إعجابه بهذه الحركة غير المعهودة على صفحات "فايسبوك"، وانزعج البعض الآخر من ذلك، وطالبوا المعنيين بإدارة الصفحة بحذف التعليقات... وذلك ما عجزت عنه الإدارة.
"نحن جميعاً في سورية نحبّ الرئيس بشّار الأسد، لذلك ابقَ بعيداً عنّا يا اوباما، لا نحتاج حريّتك ولا ديمقراطيتك، رأينا هذه الديمقراطية في العراق، فلسطين... وفي كل مكان"... كان هذا التعليق بمثابة آخر زخّة صواريخ إلكترونية تم إطلاقها على صفحة البيت الأبيض، ليرحل المهاجمون كما دخلوا... بسرعة فائقة، ويتركوا الإدارة الأميركية تناقش وتحلل تعليقاتهم البطولية.